فاطمة منصور
* قصّة ومثل
يُحكى أنّ قرويّاً أسرج حصانه ليذهب إلى المدينة. وقبل أن يركب نظر إلى حدواته فوجد
أنّ إحداها قد سقط منها مسمار فقال في نفسه لا بأس مسمار واحد لا يهمّ. ثمّ سافر
فلمّا صار في منتصف الطريق سقطت حدوة حصانه فقال: لا بأس يستطيع الحصان السير بثلاث
حدوات. ولمّا وصل إلى طريق وعرة جُرحت قدم الحصان فصار يعرج، ثم توقّف وقد أنهكه
التعب. فما لبث أن ظهر له قطّاع الطرق وسلبوه حصانه وكلّ ما معه من متاع، فعاد إلى
بيته كئيباً مشياً على القدمين يلوم نفسه على تهاونه وخسارته. فما أقدم عليه لا
ينفعه ندم بعد فوات الأوان، فقد جاء في المثل: "لا تؤجّل عمل اليوم إلى الغد" فإن
للغد عمله.
* لطائف قرآنيّة:
من أسباب التقديم في الآيات القرآنيّة
1- قد يكون التقديم لعظم المقدّم والاهتمام به، كقوله تعالى:
﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ﴾ (الفاتحة: 4) فقد قدّم العبادة على الاستعانة.
2- إشارة إلى التقدّم والسبق، كقول اللّه تعالى:
﴿لَا تَأْخُذهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ (البقرة: 255) لأن السِنة وهي النعاس تأتي قبل النوم، ومن
ذلك أيضاً قوله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾
(الحج: 77).
3- إذا كان المقدَّم سبباً في حصول المؤخَّر،
﴿إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ
وَيُحِبُّ الْـمُتَطَهِّرِينَ﴾
(البقرة: 222)، فالإنسان إذا نصح في
توبته، حرص على الطهارة في الظاهر والباطن.
4- أعلى رتبة، كقوله تعالى:
﴿يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ
ضَامِرٍ﴾ (الحج: 27)، والراجل أعظم ثواباً من الراكب في حالة
ذهابهما إلى الحج.
5- تشريفاً للمقدّم، كقوله تعالى:
﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ﴾ (الأحزاب: 56).
6- أثر الأول أكبر من أثر الثاني، كقول اللّه تعالى:
﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ
فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ (المائدة: 38)، فقدّم السارق؛ لأنّ أثره في الضّرر أكبر من
أثر المرأة السارقة، وأما في قوله تعالى:
﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا
كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾
(النور: 2) فقد قدّم الزانية لأنّ
المرأة الزانية أكبر أثراً في الإفساد من الرجل الزاني.
7- للتعجّب من شأن المقدّم، كقوله تعالى:
﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ
يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ﴾ (الأنبياء: 79) فالجبال إذ يسبحن أعجب من الطير(1).
* من أجمل الردود
أُصيب أعرابي بعطش شديد فمرّ بأعرابية فقال لها: "أهون ما عندكم نريد وأصعب ما
عندكم لا نطلب" فقدّمت له الماء فشرب، فقالت: لو عرفت اسمك لقلت لك هنيئاً.
فأجاب: اسمي على وجهك، فقالت: هنيئاً يا حسن. ثمّ قال: لو عرفت اسمك لشكرتك فقالت:
اسمي على جنبك وكان يحمل سيفاً، فقال لها: شكراً يا هند!!
* الضحك في مراتبه
1- التبسّم.
2- الإهلاس: وهو صوت الضحك في فتور.
3- الافترار: افترار الأسنان الإبانة عنها بتبسّم حسن.
4- الكتْكتَة: وهي أشدّ من الافترار وأقلّ من القهقهة.
5- القهقهة: صوت الضحك المسموع.
6- القَرقَرة: الضحك العالي.
7- الكَركَرة: التغرّب بالضحك.
8- الاستغراب: في الضحك هو المبالغة فيه.
9- الطَخْطَخة: تقول طيخ طيخ.
10- الإهراق والزهزقة: وهي أن يذهب الضحك به كل مذهب.
* كلمة في حرف
- قِ: فعل أمر من وقى - يقي وقاية فهو واقٍ.
- عِ: فعل أمر من وعى - يعي وعياً فهو واعٍ.
- إ: فعل أمر من وأى . والوأي هو الوعد.
- نِ: فعل أمر من ونى - يني وتوانى يتوانى.
- دِ: فعل أمر من ودى - يدي دية(2).
* فروق لغويّة
- الفرق بين السؤال والاستخبار: الاستخبار طلب الخبر فقط، والسؤال يكون طلب
الخبر أو طلب الأمر والنهي وهو أن يسأل السائل غيره أن يأمره بالشيء أو ينهاه عنه.
والسؤال والأمر سواء في الصيغة ويختلفان في الرتبة، فالسؤال يأتي من الأدنى رتبة
والأمر من الأرفع فيها(3).
- الفرق بين السؤال والاستفهام: الاستفهام يكون لِما جهِله المستَفهم أو
يشكّ فيه، والسؤال يجوز أن يكون السائل يسأل عمّا يعلم أو عمّا لا يعلم(4).
* من التورية
قال أحدهم: كنت عند رئيس الشُرَط في صباح أحد الأيّام فجيء إليه بثلاثة شبّان قُبض
عليهم يغنّون ويضجّون في ساعة متأخرة من الليل. فسأل الأوّل: من أنت؟ فقال:
أنا ابن الذي لا تنزل الدهرَ قِدْرُهُ | وإنْ نزلت يوماً فسوف تعودُ |
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء نارِهِ | فمنهم قيامٌ حولها وقعودُ |
فقال رئيس الشُرَط في نفسه: قد يكون ابن أحد أسخياء العرب، فخلّى سبيله وسأل الثاني فقال:
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه | وقوّمها بالسيف حتى استقلَّتِ |
ركاباهُ لا تنفكُ رجلاه منهما | إذا الخيلُ في يوم الكريهة ولَّتِ |
فقال رئيس الشُرَط في نفسه: ربما كان أحد أبطال العرب فخلّى سبيله، وسأل الثالث فقال:
أنا ابن من دانت الرقابُ له | من بين مخزومها وهاشمها |
تأتيه بالرّغم وهي صاغرةٌ | فيأخذ من مالها ومن دمها |
فقال رئيس الشُرَط في
نفسه: لا شكّ في أنه أحد أشراف العرب فخلَّى سبيله. ولما انصرف الشبّان وكنت
أعرفهم، قلت: أتعرف مَنْ هؤلاء؟ قال: لا.
قلت: الأوّل ابن فوّال لا تنزل الدهر قدره. والثاني ابن حيّاكٍ رجلاه في ركاب
نوله. والثالث ابن حجّام يأخذ من دم الناس ومن مالهم.
1- راجع: البرهان في علوم القرآن، الزركشي، ج3، ص233 - 237.
2- لسان العرب، ابن منظور.
3- الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري، ص45.
4- (م.ن)، ص48.