يُعد دعاء كميل من أوسع الأدعية شيوعاً وقد عُرف بهذا الاسم نسبة لراويه كميل بن
زياد الذي تعلَّمه من الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. ويتميز هذا الدعاء بعلو
معانيه ومضامينه واشتماله على دروس في التربية الذاتية ورصانته وبساطته ورقة
عباراته وعذوبتها.
وفي قصة هذا الدعاء يُروى أن كميلاً بن زياد كان جالساً مع أمير
المؤمنين عليه السلام في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه فقال بعضهم ما معنى قول
اللَّه عزّ وجلّ (فيها يفرق كل أمر حكيم)؟ قال عليه السلام:
"ليلة النصف من شعبان
والذي نفس علي بيده إنه ما من عبد إلا وجميع ما يجري عليه من خير وشر مقسوم له في
ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة وما من عبد يحييها
ويدعو بدعاء الخضر عليه السلام إلا أجيب له" فلما انصرف طرقه كميل ليلاً. فقال عليه
السلام: "ما جاء بك يا كميل"؟ قال له: دعاء الخضر. فقال:
"اجلس يا كميل إذا حفظت
هذا الدعاء فادعُ به كل ليلة جمعة أو في الشهر مرّة أو في السنة مرة أو في عمرك مرة
تُكْفَ وتُنصر وتُرزق ولن تعدم المغفرة. يا كميل: أوجب لك طول الصحبة أن نجود لك
بما سألت". ثم قال: اكتب "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء" إلى آخر
الدعاء". ويعتبر أثر دعاء كميل في التربية الذاتية كبيراً جداً فهو يشتمل على
التوسل إلى اللَّه تعالى بصفاته بحيث يعرف الداعي مع من يتكلم وفيه إظهار العبودية
إلى اللَّه وبيان ضعف الداعي يقابله عظمة اللَّه وسعة رحمته والثقة بها وكل ذلك من
أسباب استجابة الدعاء. وفيه اعتراف بنعم اللَّه سبحانه وتعالى واعتراف بالذنب
والتقصير والاستعطاف والاستعانة باللَّه والانقطاع إليه وكذلك فيه تعداد لبعض آثار
الذنوب وصور عذاب الآخرة وتشخيص العدو الأول الشيطان. ويوحي بالخشوع والتوبة
ومحاسبة النفس والتقيد بأحكام اللَّه إضافة إلى عرض لوازم السير والسلوك ما يزوِّد
الداعي بطاقة حيّة من العزم والهمّة وإلزام النفس بالعمل الصالح ومنعها من الكسل.