سارة الموسوي خزعل
تتكاثر على الرفوف التجارية أصناف الزيوت المختلفة، من
زيت دوّار الشمس إلى زيت كانولا إلى زيت الزيتون وغير ذلك من الزيوت، ما يسبّب حيرة
المستهلك في معرفة واختيار الزيت الأفضل للصحة والأجود، ويثير فضوله، أيضاً، لمعرفة
فوائد كل منها.
في المقلب الآخر، يبتعد كثير من المستهلكين اليوم عن استخدام الزيوت في غذائهم،
لأنّها تزيد في الوزن وتؤدّي إلى السمنة، كما هو مشهور. فما هي حقيقة تأثير الزيوت
على الصحة؟ هل هي ضرورية لأبداننا؟ وما هي منافع الزيوت المختلفة؟ متى يصير الزيت
مُضرّاً؟
* الزيوت ضرورية لأبداننا، ولكن..
يحتاج الجسم، بصورة طبيعيّة، إلى حوالي 30 % من السعرات الحراريّة اليوميّة من
الدهون أو الزيوت. فللدهون أدوار عديدة في الجسم، منها امتصاص بعض الأغذية وخاصة
الفيتامينات: (K)،)E)،)D) و(A)، كما إنها مهمّة لتغذية الأعصاب، وفي تكوين جدار
الخلايا، وحفظ حرارة الجسم معتدلة، وغير ذلك من فوائد مهمة، كما سنرى لاحقاً.
وبالطبع، هذه الـ30 % لا يأخذها الجسم فقط من الزيوت المضافة إلى أغذيتنا، بل،
أيضاً، من اللحوم، والدواجن، والبيض، والبذور وكذلك الحليب ومشتقّاته. ولكن.. ومع
الفوائد العديدة، فإنّ الزيوت -كما أيّ نوع آخر من الأغذية- منها ما هو مفيد ومنها
ما هو مضرّ، كما إنّ كثرة المفيد أيضاً مضرّة.
* متى يصير الزيت مُضرّاً؟
إنّ الزيوت على أنواعها، بلا أيّ فرق بينها، تحتوي في الـغرام الواحد على 9 سعرات
حرارية، في مقابل 4 سعرات حراريّة لنفس الكميّة من النشويّات والبروتينات؛ ما يعني
أنّ الزيوت تحتوي على كميّة كبيرة جدّاً من السعرات الحرارية في كمية صغيرة منها.
لذلك، فإنّ كَثرة تناولها، من أي نوع كانت، تؤدي إلى:
1- زيادة الوزن أو السمنة في بادئ الأمر.
2- تتجمّع في الجسم على شكل دهون إمّا بين الأعضاء أو في الدم، فترتفع بذلك معدّلات
الدهون في الدم. وينجم عن ذلك مخاطر عديدة كأمراض القلب وغيرها.
إنّ الزيوت المفيدة قد تتحوّل إلى سموم، أحياناً، عندما تتعرّض لحرارة عالية جداً،
فيتغيّر شكلها الكيميائي (يصير مُهَدرجاً)، مختلفاً عن باقي الخلايا، ولذا، يعتبرها
الجسم غريبة ويحاول بالتالي محاربتها، ويكون الجسم بذلك يحارب نفسه. وهذه أولى
الإشارات التي تجعل الجسم مستعدّاً للإصابة بالأمراض السرطانيّة.
لذلك، ننصح دائماً باجتناب القلي، كما ويفضّل أن تكون إضافة الزيت للطبخ هي آخر
خطوة في عملية الطبخ، إذا أمكن.
* منافع بعض الزيوت
أ- زيت الزيتون:
لقد ذُكر الزيتون في القرآن الكريم في عدد من الآيات كآية النور (النور: 35)
﴿اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ
الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ
زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ
لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء
وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾
والآية (20) من سورة "المؤمنون":
﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء
تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾.
كما ذكر في الأحاديث الشريفة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "كلوا
الزيت وادهنوا به، فإنّه من شجرة مباركة"(1).
إذاً، اعتبر الزيتون وزيته مبارَكين في القرآن والأحاديث الشريفة، ولهما منافع
كثيرة بيّنتها الدراسات المتنوّعة.
اليوم، لمعرفة السرّ وراء بركة هذه الشجرة الطيبة، نستعرض بعض ما اكتشف من
فوائدها:
أولاً: في دراسة أجريت لمدة 4 أسابيع على مرضى يعانون من ارتفاع الكولسترول
والدهن في الدم، تم استبدال 40 % من الدهون في وجباتهم الغذائيّة بزيت الزيتون،
فكانت النتيجة: انخفاض معدل الكولستيرول (LDL) بـ 7،3 %.
وكذلك حاصل الكولستيرول السيّئ على الجيد (HDL/LDL).
ثانياً: جاء في المؤتمر الدولي للبحث في المنافع الصحيّة لزيت الزيتون
المصفّى:
1- النظام الغذائي المتوسطي (الغني بزيت الزيتون المصفّى) يقلّل من خطر الإصابة
بأمراض القلب والشرايين، ويحسّن من بعض المؤشّرات التي تزيد من مخاطر الإصابة
بأمراض القلب والشرايين، ومنها: معدل الدهون في الدم - ضغط الدم - أيض السكر (Sugar
metabolism) - مضادّات التجلّطات الشخصيّة (antithromobotic profile).
2 - كما أظهرت دراسات رصديّة أنّ الدهون الأحادية غير المشبّعة -وهي ميزة زيت
الزيتون- قد تحمي من التدهور الإدراكي الناتج من الشيخوخة، ومن مرض الخرف.
3- إنّ نظاماً غذائيّاً متوسطيّاً، قائماً على زيت الزيتون، يحسّن نوعية الحياة
خلال الشيخوخة، ويطيل في العمر.
4- تبيَّن أن البلدان مثل: إسبانيا، اليونان، وإيطاليا، التي تعتمد "زيت الزيتون"
نظاماً غذائيّاً متوسطيّاً، فإنّ معدل الإصابة بأمراض السرطان فيها أقلّ من بلدان
أخرى كبلدان أوروبا الشمالية.
ب- زيت الكانولا:
هو زيت مستخرج من زهرة نبتة الشلجم (اللفت)، ومن خصائصه:
1- غير غني بالأحماض الدهنيّة المشبّعة.
2- مصدر للأحماض الدهنيّة غير المشبّعة.
3- يحتوي على حمض الـoleic (حوالي 50 %) وهو الحمض الذي يعطي الخاصيّة لزيت
الزيتون، وبذلك يكون زيت الكانولا يشبه بخصائصه زيت الزيتون، ومنها خاصيّة المساعدة
في السيطرة على معدل السكر في الدم.
4- مصدر جيّد لـ W3 والمعروف بـ "زيت السمك" أو (الأوميغا 3)، والذي يساعد على:
أ- خفض نسبة دهن التريغليسيريد بنسبة 25 إلى 30 %.
ب- التخفيض من ضغط الدم نسبياً.
ج- تسييل الدم، ما يساعد في تخفيف التجلّطات.
د- تخفيض معدل الموت المفاجئ الناجم عن أمراض القلب.
ج- زيت السمسم:
يستخرج من السمسم الأبيض والأسود. لذلك، نجد منه الزيت الداكن اللون والفاتح.
ومن خصائصه:
1- يكثُر استخدامه في الهند كعلاج، كما يستخدم كدهن للجسم، فتركيبته الكيميائية
تجعله يخرق البشرة ويرطبها.
2- يحتوي علىW6 بنسبة (40 %) (وهو حمض دهني غير مشبع يعرف بـ أوميغا 6)، وغيره من
الأحماض الأحادية غير المشبّعة الشبيهة بزيت الزيتون.
3- غني بالمواد المضادّة للأكسدة.
4- يتحمّل درجة حرارة عالية.
5- يخفّض ضغط الدم؛ ففي دراسة في عام 2006 على عدد من مرضى الضغط استبدلوا كافة
الزيوت في غذائهم بزيت السمسم لمدة 45 يوماً، كانت النتيجة انخفاض مستوى ضغط الدم
لديهم.