(خرّيجات معاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام)
تحقيق: مودّة إسكندر
بفخر وسعادة شديدين، احتضنت طالبات معاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام الثقافيّة شهاداتهنّ. 1029 خرّيجة من مختلف فروع المعهد الـ27، وعلى امتداد المحافظات اللبنانيّة، شاركن في حفل تكريم نجاحاتهنّ، وحصدن ثمار سنوات من الجهد والدراسة. استعادةً لذكرى التخرج، قمنا باستطلاع آراء بعض المتخرجات عن أثر الدراسة الدينية وماذا يطمحن أن يحقّقن بعد تخرّجهنّ.
•تجربة إيمانيّة ثقافيّة فريدة
إيمان شبلي (طالبة علوم القرآن، ومُدرّسة)، تتحدّث عن تجربتها مع المعهد، الذي انتسبت إليه عام 1997م فتقول: "منذ البدايات الأولى للمعهد، كنتُ من الطالبات اللواتي سارعن الى الانتساب إليه، إيماناً منّي بأهميّة الدور الذي يضطلع به على صعيدَي الثقافة والمعارف الإسلاميّة الأصيلة".
شبلي التي أنهت تدرّجها في مراحل الدراسة كافّة ضمن نظام المعهد، أصبحت اليوم من المعلّمات فيه، بعد أن وصلت إلى مرحلة التبليغ، لتصبح طالبة ومُدرّسة في الوقت نفسه. وتؤكد شبلي أنّ طلب العلم والانخراط بالمنفعة العامّة أمر أساسيّ وضروريّ، خاصّة في ظلّ الأوضاع الحاليّة المحيطة بالمنطقة، والهجمة الثقافيّة التي تواجهها مجتمعاتنا، والتي باتت النساء من أوائل المستهدَفات فيها.
د. الساحلي (تخصّص سيرة وعزاء)، لها تجربة خاصّة مع معاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام، تقول: "لم أكن ملتزمة قبل الانتساب إلى المعهد. لقد غيّرت تجربتي والعلوم التربويّة والأخلاقيّة التي اكتسبتها حياتي إيجابيّاً على جميع الصعد، كما كان المعهد السبب الأوّل في كثير من التغييرات والقرارات التي اتّخذتها على الصعيد الفرديّ".
•بركات الدراسة الدينية
وعن المعارف والمثل التي أضافتها هذه التجربة إلى الحياة الفرديّة، تقول شبلي: "إنّ الإنسان بطبعه يسعى للتطوّر والتكامل، وإنّ هذا السعي يكمن في السير والسلوك في الدين والأخلاق، اللذان ثبتت ركائز مفاهيمهما من خلال التحصيل العلميّ الدينيّ الذي اكتسبناه في المعهد".
تقول زكيّة نعيم (علوم دينيّة): "برأيي، إنّ العلم يمنحك القدرة على التأثير؛ لذا فإنّ ما اكتسبته من معارف من المعهد، عزّز من قدرتي على تربية أولادي تربية دينيّة صالحة، وإيصال مفاهيم التعاليم الإسلاميّة". مضافاً إلى أنّ نعيم تدرّس علوم القرآن في المعهد، فهي منتسبة أيضاً إلى الجامعة في التخصّص نفسه، وهي تؤكّد أنّ المعهد يساعدها في إعداد رسالة التخرّج من الجامعة التي تعمل على إتمامها اليوم.
رانيا إسكندر (تخصُّص سيرة)، تتحدّث عن الناتج الإيجابيّ الكبير الذي تقدّمه الدراسات الدينيّة للفرد والعائلة والمجتمع، وهي التي أتمّت عشر سنوات في معاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام، تؤكّد أنّ ما نهلته من علوم ساهم في زيادة الوعي التربويّ لديها على صعيد متابعتها لشؤون أطفالها، تقول: "فائدة كبيرة عدت بها على أسرتي على صعيد التربية رغم الصعوبات التي تعترض طريق الأمّ وحجم المسؤوليّات المناطة بها.. إلّا أنّ الفائدة كانت أكبر على صعيد العائلة الخاصّة، والتي تعود بالفائدة على المجتمع ككلّ". صفاء ضاهر (تخصّص أخلاق)، تقول: "رغم الصعوبات إلّا أنني أشجع الجميع على الانتساب إلى هذا المنهل الواسع من العلوم، فالعلم لا يُشبع منه".
•صعوبات ولكن..
لا تُخفي طالبات المعاهد -ومعظمهنّ أمّهات-، صعوبة التوفيق بين التحصيل العلميّ والواجبات العائليّة، إلّا أنهنّ يؤكّدن في الوقت نفسه، أنّه رغم التقصير المحدود أحياناً، يبقى أنّ التبصّر بالواجبات ضروريّ. إدارة المعاهد لا تخفي بدورها بعض الصعوبات والمعوّقات التي لا تزال تقف حجر عثرة أمام عدد من الطالبات، وبالأخصّ طالبات المعهد خارج بيروت، وتحديداً في مناطق الشمال.
هذه الصعوبات تمثّلت، بحسب إسكندر، بالمسافة بين المنزل في حيّ السلم ومركز المعهد في الشياح، "خاصّة وأنّه عليّ اصطحاب أولادي معي، ما يعني الكثير من المشقّة في هذا الخصوص". تضيف إسكندر: "رغم هذه المشقّة، إلا أنّني أشجّع جميع الأمهات على الانتساب إلى المعاهد، نظراً إلى الفائدة المكتسبة".
وفي هذا المجال، تؤكّد م. الحسيني على التعاون "لأبعد حدود" بين إدارة المعهد والطالبات، من خلال وجود التنسيق الدائم، وتأمين كلّ ما يسهّل على المرأة والأمّ إتمام دراساتها الدينيّة، دون أن يتضارب تحصيل هذه العلوم مع واجباتها الأخرى.
•تجربة المعاهد خارج نطاق العاصمة
في هذا السياق، تتحدّث فاطمة القلّوط عن الصعوبات التي تواجهها كطالبة في معاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام بالكورة شمال لبنان، وأهمّها البُعد الجغرافيّ للمعاهد عن سكن الطالبات، وصعوبة الوصول إليها بيسر. ولذلك، تؤكّد القلّوط على سعي إدارة المعاهد الدائمة لتذليل العقبات أمام الطالبات، من خلال تأمين وسائل نقل، وحضانة للأطفال، وتجهيز المعاهد بتجهيزات متطوّرة وفعّالة.
تنقل لنا مديرة معهد السيّدة مريم عليها السلام في المتن الشماليّ، أنّ أحد أبرز المعوّقات هناك، هي الأوضاع الاقتصاديّة المتردّية للكثير من العائلات، ما يجبر النساء على العمل للمساعدة في تأمين قوت عائلاتهنّ، وهو ما يمنعهنّ من الانتساب إلى فروع المعهد في المنطقة. وفي محاولة لتجاوز هذه العقبات، أشارت عمر إلى إعفاء الطالبات من رسوم التسجيل، مع تأمين وسائل النقل.
•الحاجة إلى المعاهد تزيد
مديرة معاهد سيّدة نساء العالمين عليها السلام في بيروت، أمل القطّان، تتحدّث عن التجربة الرائدة للمعاهد في تخريج طالبات من جميع فئات المجتمع، "سواء كنّ أمهات، أو زوجات، أو جامعيّات، أو عاملات". وتقول القطّان، إنّه منذ نشأة المعاهد؛ أي قبل ما يقارب 10 سنوات، تضاعف عدد المنتسبات إليها نحو 3 مرّات ونصف. وتضيف: "اليوم، تتوسّع الحاجة إلى المعاهد أكثر فأكثر، والاهتمام بها يتزايد على نحوٍ كبير، سواء عبر التعلّم، أو المشاركة في النشاطات".
تضيف السيدة خديجة سلوم مسؤولة الاشراف على المعاهد أن المعاهد: لم تقف أمام أي عائق، مثلاً قد منع ظرف انتشار فايروس كورونا الدراسة؛ لذلك: "أطلقت المعاهد الدراسة عن بعد عبر تطبيق التلغرام، للمرحلة العامة، حيث يتم نشر الحصص الدراسية للمجموعات بحسب متابعة مدرسة أو مديرة فرع، وفي حال كان العدد كبيراً يتم توزيعه على مجموعتين. والبرنامج موزع على ثلاثة أيام في الأسبوع بشكل مرن، ويتم تدريس المواد التالية: الفقه والأخلاق والسيرة والعقيدة، ومادة أدوار المرأة. ومن التوفيقات الإلهية أن هذا البرنامج قد شكّل فرصة للأخوات خارج لبنان أيضاً، فقد وصلتنا مجموعة من الرسائل التي تطالب بفتح باب الدراسة الدينية في المعاهد لمنتسبات خارج لبنان، بما أنّ الدراسة عن بعد أصبحت متوفرة في المعاهد".
الدراسة الدينية تمثل حاجة يزداد الوعي إليها، وما كان لله ينمو..