مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مع الإمام الخامنئي: كيف نواجه العدوّ؟ (2)(*)



تختلف طرق مواجهة الأحداث ووسائلها داخل كلّ مجتمع من المجتمعات، بحسب اختلاف الثقافات فيها، والوعي والإدراك للقضايا، والأهداف التي يُعمل على تحقيقها، ولكن تبقى أهميّة التمييز بين الصائب منها والخطأ من أجل السير في معالجة صحيحة للأمور.

فيما يلي، تتمّة لما بدأنا عرضه في العدد السابق من ثنائيّات التصدّي والمواجهة.


ز- معرفة موقعنا وموقع العدوّ في ساحة المواجهة
هناك ثنائيّة أخرى: معرفة واقع الميدان وعدم معرفته؛ بمعنى أن نعلم أين نتموضع ونقف الآن: "أين نحن؟ أين العدوّ؟ وما هو موقعنا؟". هذه من جملة الأمور التي كرّر العدوّ مساعيه حولها، وجهد عملاؤه الداخليّون في أن يُظهروا موقعنا وموقفنا ضعيفَين، وموقف العدوّ وموقعه قويَّين، والإيحاء بأنّنا "مساكين ومنكوبون وحلّت بنا الويلات ولا نستطيع فعل شيء". على سبيل المثال، إذا لم نكن نعلم أنّ موقعنا وموقفنا في المنطقة الآن بحيث يحسب لنا العدوّ حساباً فسوف نتصرّف بنحو، وإذا علمنا أنّ موقعنا بحيث يحسب لنا العدوّ حساباً فسوف نتصرّف بشكل آخر. هؤلاء الذين يتكلّمون حول وجودنا في المنطقة، ويكتبون، ويعترضون، ويوردون إشكالات في غير محلّها، هؤلاء في الواقع يساعدون -ولا أتّهم الآن أحداً- على تحقيق مخطّط العدوّ من دون أن يشعروا.

ح- السيطرة على المشاعر وإطلاق العنان لها
ومن الثنائيّات أيضاً، قضيّة إظهار المشاعر. في بعض الأحيان قد يطلق الإنسان العنان لمشاعره، سواء كانت مشاعر إيجابيّة من قبيل الفرح، حيث يفرح الإنسان بنجاح ما ويبتهج، أو مشاعر سلبيّة؛ نظير الحزن أو الانزعاج والألم. وهناك حالة معاكسة هي ضبط المشاعر وإبداؤها بالقدر اللازم. من الحالات التي قد نتلقّى منها ضربة حقّاً -وقد تلقّينا بعضها-، هي عدم السيطرة على المشاعر العامّة. فعلى سبيل المثال، إنّنا نعتمد على الشباب ونؤمن بهم، وقد عملنا معهم منذ ما قبل الثورة، لكن ينبغي التفطّن إلى أنّه لا ينبغي لمشاعر الشباب أن تسود المجتمع بصورة مطلقة وبنحو غير مسيطَر عليه. فالمشاعر يجب السيطرة عليها.

ط- مراعاة الضوابط الشرعيّة وعدم مراعاتها
ثنائيّة أخرى تتمثّل في مراعاة الضوابط والحدود الشرعيّة وعدم مراعاتها. كنّا نلاحظ أحياناً خلال فترة الكفاح ما قبل الثورة أيضاً، أنّ بعضَ من ينشطون بشدّة في عمليّة الكفاح والنضال لا يهتمّون للكثير من المسائل الشرعيّة وما شابه. كانوا يقولون: يا سيّدي، إنّنا نعمل في الكفاح ولأجل هدف معيّن، فإذا لم نؤدِّ الصلاة في أوّل وقتها مثلاً فلا بأس، أو إذا لم تتحقّق المسألة الفلانيّة فلا ضرر في ذلك، وإذا ما حصلت حالات تهمة وغيبة وما شاكل فلم يكن ذلك يشكّل بالنسبة إليهم أهمّيّة. هذا نوع من التعامل. وهناك نوع آخر من التعامل، وهو أن يراعي الإنسان التقوى. عن أمير المؤمنين عليه السلام: "لَولَا التُّقى لَكنتُ أَدهَى العَرَب". مَن أدهى من أمير المؤمنين عليه السلام وأوعى وأكثر فطنة وذكاء؟ لكنّ التقوى تحول دون بعض الممارسات.

ي- الاستفادة من التجارب وعدم الاستفادة منها
ومن الأمور التي تُطرح هنا، مسألة الاستفادة من التجارب أو عدم الاستفادة منها، مثل قضيّة مواجهتنا مع الغرب في ما يخصّ الاتّفاق النوويّ والتزامات هؤلاء تجاهه، ثمّ نكثهم لالتزاماتهم وعدم مراعاتهم لها. هذه تجربة، ويجب أن نستفيد منها، ونعلم كيف يجب التعامل مع هؤلاء.

ك- الصراخ في وجه العدوّ والصراخ في وجوه بعضنا بعضاً
هذه هي الثنائيّة الأخيرة، وهي أن نتهجّم دائماً عند مواجهة الأحداث الصعبة على بعضنا بعضاً، وننتقد بعضنا بعضاً، وتدور عجلة الاتّهامات فيما بيننا، فأُعدّك أنا مقصّراً وتُعدّني أنت مقصّراً. فبدل تبادل الصراخ في وجه بعضنا بعضاً، "وجّهوا صرخاتكم كلّها ضدّ أميركا" على حدّ تعبير الإمام الخمينيّ قدس سره، فأميركا هي الخصم المقابل لنا. لذا، علينا أن لا نقع في خطأ عدم معرفة عدوّنا، فعدوّنا معروف. فلننظر ونرَ مع من يجب أن تكون المعركة حقّاً، ومن يجب أن نخاصم، فنعمل على هذا النحو.

•﴿وَلكنَّ اللهَ رَمى﴾
إنّ هذه الثنائيّات تمثّل أسئلة مهمّة. يجب أن نسأل أنفسنا: كيف ينبغي لنا أن نعمل ونتصرّف إزاءها؟ إنّ الإجابة عن هذه الأسئلة واضحة في مصادرنا الإسلاميّة. على سبيل المثال، يعلّمنا القرآن درساً في كيفيّة التعامل والتعاطي حيال الانتصار: ﴿إذا جاءَ نَصرُ اللهِ وَالفَتحُ * وَرَأيتَ النّاسَ يدخُلونَ في دينِ اللهِ أفواجًا * فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّك وَاستَغفِرهُ إنَّه كانَ تَوّابًا﴾ (النصر: 1-3)؛ لا يقول ابتهج وافرح وانزل مثلاً وسط الساحة وارفع الشعارات، بل يقول: ﴿فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّك﴾: عليك أن تسبّح وتستغفر، فهذا النصر ليس من عندك، بل هو من الله. وربّما صدرت عنك خلال هذه المسيرة غفلة، فاطلب المغفرة من الله تعالى. ينبغي التعامل مع الأحداث الإيجابيّة بهذه الطريقة: عدم الإصابة بالغرور، وعدّ النجاحات من الله: ﴿وَما رَمَيتَ اِذ رَمَيتَ وَلكنَّ اللهَ رَمى﴾ (الأنفال: 17).

وانتظروا تتمّة الحديث في العدد القادم بإذنه تعالى.



(*) من كلمة الإمام الخامنئيّ دام ظله في لقائه أعضاء مجلس خبراء القيادة 14/03/2019م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع