الشيخ محسن قراءتي
عندما نقول إن اللَّه يتقبل أعمال المتقين ألا يؤدي هذا إلى يأس وابتعاد الأشخاص العاديين والمذنبين؟
أولاً: عندما يأتي في القرآن الكريم قول اللَّه تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ (المائدة: 27) فإن للتقوى درجات، ولهذا السبب ذكرت كلمة "أتقى" في القرآن بمعنى أنه أصبح أكثر تقوى:﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: 13)، ثم إن أكثر الأشخاص العاديين والمذنبين يملكون درجة من التقوى وإلا فلن يصدر عنهم عمل الخير مطلقاً.
ثانياً: لو قالوا إن الدولة توظف المتخرجين من الجامعات فهذا يعني أن التخرج من الجامعة شرط الوظيفة الرسمية وهذا لا يعني أن الآخرين لا يملكون أي حق للعمل أو أنهم إذا قاموا بعمل ما ضاعت حقوقهم.
ثالثاً: هناك درجات لقبول العمل: القبول العادي، القبول الحسن: ﴿بِقَبُولٍ حَسَنٍ﴾ (آل عمران: 37) والقبول الأفضل حيث جاء في الدعاء: "وتقبل بأحسن قبولك" (دعاء وداع شهر رمضان) بناءً على ذلك يقبل عمل الإنسان بمقدار التقوى التي يحملها. وذكر ثواب بعض الأعمال في القرآن الكريم وهو يختلف باختلاف الأعمال، بعض الأعمال ثوابها ضعفين: ﴿ضِعْفَيْنِ﴾ (البقرة: 265)، وبعض الأعمال ثوابها عدة أضعاف: ﴿أَضْعَافًا﴾ (البقرة: 245)، بعض الأعمال ثوابها عشرة أضعاف: ﴿فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ (الأنعام: 160)، وبعض الأعمال ثوابها سبعمائة ضعف: ﴿كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ﴾ (البقرة: 261)، وهناك أعمال لا يعلم ثوابها إلا اللَّه تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ﴾ (السجدة: 17) هذا الاختلاف يعود إلى الاختلاف في النية وفي نوعية العمل.