مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

من العادات التي لا تليق بمجتمع المسلمين‏

السيد سامي خضرا

 



بعض العادات آخذة بالانتشار في مجتمع المسلمين، مع أنّ الإسلام الحنيف نهى عنها، ودعا إلى نبذها واعتزالها. وسبب انتشارها هذا ربما عائد لميل النفس الإنسانية إليها بحكم الرغبة والنزوة، أو العادة والشياع، ولكن لا بد من السعي للتخلص منها، من منطلق إلهي "تقرّبي" محض، وإن اتّبعها كثير من الناس الآخرين من غير المسلمين، فأكثر الناس لا يعقلون حقيقة مصالحهم، ولا يفقهون أسرار الحياة والدنيا. فقد نهت النصوص الشريفة عن جملة تصرفات، منها ما يجب تركه، ومنها ما ندب تركه من باب الأحسنية والأفضلية، وهذا ما ورد عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله قال: "إنّ أول ما عُصي الله به ستة: حب الدنيا، وحب الرئاسة، وحب الطعام، وحب النوم، وحب الراحة، وحب النساء"(1). وعن مولانا الصادق عليه السلام في قوله: "أصول الكفر ثلاثة: الحرص والاستكبار والحسد"(2).

وهنا، قد يتساءلُ متسائل قائلاً: هل ما مرّ معنا أعلاه، حرام أو مكروه، لأن كثيراً منا يفعل ذلك، بل بعضه نضطر إليه أحياناً، بل بعضه الآخر لا نستطيع العيش من دونه، كالنوم والطعام والراحة؟!!! وأما الجواب فهو: ليس حديثنا في الطعام الحرام وما شاكله، فهذا أمره واضح. وأما المكروه منه، فيتعلق بالحالة التي فيها تُخمة، أو زيادة عن الضرورة، أو مبالغة، أو لا تكون في طاعة الله تعالى، أو التي تؤدي إلى قساوة القلب، وجفاف الروح، وتجمُّد العين، كما هو مُفصَّل في الكتب المختصة، وقد تطرقنا لبعض ذلك من قبل... وأما النهي عن الاستكبار وكذلك النهي عن الحسد، أو الأمور الأخرى المشابهة، فهي من النهي عن الحرام الصريح الذي لا يحتاج إلى كثير تعليق، وهو الذي ينعكس على الآخرين، والآخرة والمصير. رُوي عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث من كنّ فيه، كان منافقاً، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: من إذا ائتُمن خان، وإذا حدَّث كذَّب، وإذا وعد أخلف، إنّ الله عزَّ وجلَّ قال في كتابه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ وقال: ﴿أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ

وقال سبحانه: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا(3).

ونلاحظ في النص المبارك عن مولانا المصطفى محمد صلى الله عليه وآله أن الصلاة والصوم والتظاهر بالإسلام، لا تشكل جميعها عصمة لمن خان الأمانة أو كذَّب في حديثه. وإذا راقبنا بدقة نماذج من هؤلاء، لرأينا الخَلَل في عباداتهم... وقد لا يظهر ذلك من أول نظرة، أو من النظرة العابرة... ولكنْ، عندما نعلم أنهم منافقون، نؤكد مرض نفوسهم... ولا يكونون من المتقين الصالحين. جاء في نص عن مولانا زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: إنّ المنافق ينهى ولا ينتهي، ويأمر ولا يأتي، إذا قام إلى الصلاة اعترض، فقال الراوي أبو حمزة: يا ابن رسول الله، وما الاعتراض؟ فقال عليه السلام: الالتفات، وإذا ركع رَبَض، يُمْسي وهمّه العشاء وهو مفطر، ويصبح وهمُّه النوم ولم يسهر، إن حدَّثَك كَذَبك، وإن ائتمَنْتَه خانك، وإن غبتَ اغتابك، وإن وعدك أخلفك(4).

فهذه بعض الأمور التي ينبغي على المسلم تركها، إضافة لأمور أخرى لها آثار سلبية على النفس وعلى الذين نعيش معهم... ويستطيع كلّ واحد منا تلمّس ذلك بنفسه، من خلال أقلّ تأمل في عواقب الأمور. ولو أردنا أن نفصّل ونعلق ونشرح ونستشهد ونستنتج... لاحتجنا إلى وقت طويل... لكن، نتّكل على الله تعالى، ونعتمد على فطنة القارئ الكريم وسرعة بديهته في الأمور واستيعابها ومعرفة نتائجها. فلقد ورد عن الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله في تحديد بعض معالم آداب السلوك في الإسلام، والتي نهى الله تبارك وتعالى عنها هذه الأمة، التي هي خير الأمم المُخْرَجة للناس، وكرِه ذلك لها... ومن جملتها حسبما ورد في النص الشريف:
كره لكم العبث في الصلاة
وكره المنَّ في الصدقة
والضحك بين القبور
والتطلع في الدور، (أي الاطلاع إلى داخل شرفات المنازل والشبابيك)...
وكره الله تعالى لنا الغسل تحت السماء بغير مئزر.
وكره الكلام بين الأذان والإقامة، في صلاة الصبح، حتى ينقضي وقت الصلاة.
وكره ركوب البحر في هيجانه‏
وكره النوم فوق سطح ليس بمُحجَّر
وكره أن ينام الرجل في بيت وحده...
وكره أن يدخل الرجل البيت المظلم، إلا أن يكون بين يديه سراج أو نار...(5).

وسُمع أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر، والأكل على الجنابة يورث الفقر... وترك القمامة في البيت يورث الفقر، واليمين الفاجرة تورث الفقر، والزنا وإظهار الحرص والنوم بين العشاءين، والنوم قبل طلوع الشمس واعتياد الكذب يورث الفقر، وكثرة الاستماع إلى الغناء، وترك التقدير في المعيشة وقطيعة الرحم أيضاً، كلها تورث الفقر... ثم قال عليه السلام لمستمعيه: ألا أنبّئكم بعد ذلك بما يزيد في الرزق؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام: التعقيب بعد صلاة الصبح وبعد العصر يزيد في الرزق. وصلة الرحم، ومواساة الأخ في الله عزَّ وجلَّ، والبكور في طلب الرزق، والاستغفار، واستعمال الأمانة، وقول الحق، وإجابة المؤذِّن، كلها تزيد في الرزق. وترك الحرص، وشكر المنعم، واجتناب اليمين الكاذبة، والوضوء قبل الطعام، يزيد في الرزق أيضاً(6).

وورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في حجة الوداع، ذاكراً بعض علامات أشراط القيامة، ومن جملتها: إضاعة الصلاة، واتباع الشهوات، والميل مع الأهواء، وتعظيم المال، وبيع الدنيا بالدين، فعندها يُذاب قلب المؤمن في جوفه كما يذاب الملح في الماء لِما يرى من المنكر، فلا يستطيع أن يغيِّرَه. وعندها يكون المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، ويُؤتمنُ الخائن، ويُخوَّنُ الأمين ويُصدَّق الكاذب، ويُكذَّب الصادق... وعندها يكون الكذب ظرفاً، والزكاة مغرماً... ويجفو الرجل والديه، ويبرُّ صديقه، وعندها تُزخرف المساجد كما تُزخرف البِيَع والكنائس... وعند ذلك تُحلَّى ذكور أمتي بالذهب، ويلبسون الحرير والديباج،... وعندها يظهر الربا، ويوضع الدين وترفع الدنيا، ويكثر الطلاق، ولا يقام لله حدٌّ، ولن يضرَّ الله شيئاً... وعندها حجُّ أغنياء أمتي للنزهة، ويحجُّ أوساطها للتجارة، ويحجُّ فقراؤهم للرياء والسمعة... ويكون أقوام يتفقّهون لغير الله... وذلك إذا انتُهكت المحارم، واكتسبت المآثم، وتسلط الأشرار على الأخيار، ويُنكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... إلى أن يقول صلى الله عليه وآله: فأولئك يُدْعون في ملكوت السماء الأرجاس الأنجاس(7).

وقد رأينا في النص الأخير العديد العديد من علامات آخر الزمان التي ما ذُكرت إلا لتُجتنب وليُحذر منها، فإنّ أكثرها آخذ بالانتشار... نعوذ بالله تعالى من ركوب العار ومن غضب الجبار.

 


(1) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏269، ح‏3.
(2) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏269، ح‏1.
(3) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏269، ح‏4، والآيات من سورة الأنفال: 58، والنور: 7، ومريم: 54.
(4) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏271، ح‏11.
(5) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏273، ح‏17، (بتصرف).
(6) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏275، ح‏21 (بتصرف واختصار).
(7) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏276، ح‏22، (بتصرف واختصار).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع