أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

مع الإمام الخامنئي: توأمة العلم والدين سلاح النجاح

كان الإسلام يوماً ما مركزاً لنشر العلم في العالم، بصورة سلمية، فوصل إلى جميع الأرجاء، واستفاد منه الجميع وانتفعوا به. أما عندما أصبح العلم بأيدي الغربيين، فقد جعلوه أداة للتسلّط على البلدان، والضغط على الشعوب والسيطرة على عصارة جهودهم وإمكاناتهم وثرواتهم، واستفادوا من ذلك في فرض ثقافتهم على الشعوب المتخلّفة.

* ضرورة التسلح بالعلم
حسناً، علينا إذاً أن نقوم بالتعويض عن هذا التخلّف التاريخي؛ لأنَّ الضرر الذي لحق بنا كان جرّاء الجهل. فإذا كان العالم الإسلامي اليوم متخلّفاً من الناحية الاقتصادية، أو الثقافية أو السياسية، فهذا بسبب أنَّ الخصم - أي العالم الغربي - متسلّح بسلاح العلم، والذي يستخدمه من أجل الغلبة في ميدان السياسة، والاقتصاد والثقافة. فعلينا أن نتمكّن من التسلّح بالعلم؛ لكي لا يكون التهديد من قِبَل الخصم مؤثّراً كما كان مؤثّراً قبل ذلك؛ وينبغي أن يعتبر هذا الأمر هدفاً استراتيجياً رفيعاً جداً للشعب، ومهمّاً جداً وحياتياً. بالطبع، إننا نعلم أنّ العلم وحده ليس كافياً؛ ولهذا يجب أن يقترن العلم بالأخلاق والإيمان؛ لكي لا نقع في المستنقع الذي وقع فيه الغرب، فإنَّ العلم بالنسبة لأولئك أصبح أداة للظلم، ووسيلة للانحراف الأخلاقي، ولنشر الثقافات المضلّة والمهلكة.

* عنصرا التقدم والنجاح
إنني عندما أقرأ لبعض الوقت عن مصير وتاريخ الشعوب أجد أنّ أهم عنصرين من العناصر المؤثّرة في التقدّم الوطني للبلدان، هما: أولاً: (مواجهة الخطر) وثانياً: (العمل الشاق والدؤوب والجدّي)، لذا أوصيكم بهاتين الخصوصيتين. إنَّ المسألة التي تخالف مواجهة الخطر، هي الخوف. الخوف من ماذا؟ الخوف من عدم النجاح، كأن نقوم بترك الميدان خوفاً من عدم النجاح، أو نتوقف عن التحرّك خوفاً من عدم الوصول، أو لا نقدم على شيء خوفاً من الرفض، أو من مواجهة بعض المشاكل. فإنَّ جميع هذه المسائل تتناقض مع مواجهة الخطر. إنَّ مواجهة الخطر يمكن أن تكون عاملاً في نجاح المجتمع. إنَّ الجرأة وعدم الخوف من احتمال عدم النجاح في جميع الميادين المادية والمعنوية التي يحصل الإنسان من خلالها على النجاح، تعتبر من العوامل المهمّة جداً للمضي بنا نحو الأمام.  المسألة الأخرى هي مسألة (العمل الشاق) التي تعتبر من المسائل التي تناقض الكسل. ينبغي لكم أن لا تتركوا الكسل والدّعة وحبّ الدنيا الخالية من المشاكل تُدخل الوساوس إلى قلوبكم، فلو سيطرت عليكم حالة الكسل، سوف لن تتحقق أي من الاكتشافات العلمية المهمّة. هذه هي إحدى الوصايا التي أودّ أن أذكرها بشكل قاطع.

* توأم العلم والأخلاق
من المسائل الأخرى التي أرغب بذكرها لكم هي: اقتران العلم بالدين والأخلاق، الذي يعتبر أمراً نافعاً للبشرية. عليكم أن تعلموا علماً قطعياً، أنَّه كلّما تطوّر العلم، دون أن يقترن بالأخلاق والدين، فسوف لا يكون نافعاً للبشرية.

انظروا إلى الأمم، ولتأخذوا بنظر الاعتبار إحدى الأمم المتقدّمة من الناحية العلمية، والتي أصبحت في القمَّة من هذه الناحية في العالم، لتروا، هل أنّ الشعب في ذلك البلد قد وصل حقَّاً إلى السعادة؟ وهل تحققت العدالة فيه؟ وهل قُضي فيه على الفقر والتمييز والظلم؟ وهل كما يدّعون أنَّ شعبهم يعيش بطمأنينة وبعيداً عن العنف والتجاوز والتعدّي في الحياة؟ هل توجد هذه الحقائق أيضاً، مع وجود العلم هناك!؟  وهل أن الشعور بالثقة والأمان هو الغالب على الحياة العائلية؟ وهل يتمتّع الأطفال بالتربية الحسنة في أحضان آبائهم وأمهاتهم؟ وهل أنَّ تلك البلدان خالية من القتل والإرهاب والجريمة؟  فإنّكم تشاهدون العكس من ذلك تماماً. فإنَّ أكثر البلدان التي تعاني من فقدان الأمن اليوم هي التي وصلت إلى أعلى المراتب من الناحية العلمية؛ أي أمريكا. فلا يوجد بلد - ليس في أوروبا وحسب، بل في آسيا أيضاً - يعاني من فقدان الأمن كما تعاني منه أمريكا. فإنَّ أكثر البلدان التي تعاني من عدم الاستقرار النفسي هي أمريكا، وإنَّ أكثر جرائم القتل والإرهاب التي تحدث بين السكان تجدها هناك، وأكثر موارد التمييز والفروقات الطبقية تجدها هناك، وتجد هناك أيضاً الثروات الطائلة التي تضاهي جبال الهملايا، والفقر المدقع الذي لا يمكن وصفه - أي الموت نتيجة الجوع بمعناه الحقيقي - وهذه هي الهوّة التي بين العلم والأخلاق. إنَّ أهم أهداف الإنسانية هو: تحقق العدالة وتوفير الأمن، والعيش الرغيد مع الآخرين والأمن من أذيّة الآخرين والشعور بطمأنينة النفس، والراحة في الجو العائلي، والتمتّع بالحياة الزوجية ووجود الأطفال بين أحضان الوالدين، فإنَّ هذه الأمور هي أهم الاحتياجات الإنسانية. 

فلو كان العالِم متديّناً، فإنَّ المجتمع سينتفع انتفاعاً حقيقياً بعلمه؛ لأنَّ الدين لا يقف حائلاً أمام التقدّم العلمي، بل يقوم بدعمه، إلا أنَّه يقف حائلاً بين تجاوز العلم وتعدّيه حدود الإنسانية، التي من الممكن أن يبتلى بها العلم.  ولهذا فإنَّ وصيّتي لكم هي: عليكم أن تعملوا من أجل روحيّتكم ومعنويّتكم، بالقدر الذي تعملون فيه للعلم. فإنَّ الميدان المعنوي مفتوح أمامكم، وليس هناك أي تعارض بين العلم والمعنوية، أو بين العمل في مختبر علمي أو تعليمي، أو مركز للبحوث، أو درس أو جامعة من الجامعات، وأداء الإنسان لصلاته في أول وقتها، مع التوجّه والشعور بالحضور أمام الباري عزَّ وجلَّ.

فإنَّ أداء هذا الأمر يقوم بتطهير قلوبكم. فأنتم شباب وقلوبكم نيّرة، وحتّى الأشخاص الذين لم ينشغلوا بالمسائل الدينية كثيراً، فإنَّ قلوبهم نيِّرة وطاهرة؛ لكونهم شباباً؛ أي أنَّ الحالة القلبية التي تتمتعون بها هي أفضل وأكثر استعداداً من قلوب الأشخاص الذين هم في سنّي.  فهي كالمرآة الناصعة، التي تجذب أنوار اللطف والعناية الإلهية بسرعة وتقوم بعكسها كذلك؛ أي أنَّكم عندما تكونون صالحين من الناحية الدينية، وطاهرين وعفيفين من الناحية الروحية، وذاكرين لله، وتشعرون شعوراً حقيقياً بوجودكم في محضر الله تعالى، فسوف يكون وجودكم - في أي مجال كنتم؛ سواء في الجامعة، أو مكان العمل، أو البيت، أو العائلة والأقرباء - له تأثير نوراني؛ أي أنَّكم عندما تكونون صالحين ونيّرين، فسوف تهبون النور للآخرين أيضاً. فعليكم أن تعرفوا أهمية ذلك وأن لا تفرطوا به.

بناءً على ذلك، يجب أن نجعل الدين والأخلاق توأمين للعلم. هذا هو خطابي لكم بالذات.  إنَّ محور المسؤولية يجب أن يقع على عاتقكم، بحيث تشعرون أنَّكم مسؤولون، ولكم دور مهم. وعليكم أن تؤدّوا دوركم على أحسن وجه، ويتمثّل ذلك: بالدراسة الجيدة، والعمل الجيد، والجدّية في الحركة، وعدم تقليل سرعة هذه الحركة مطلقاً، والتمسّك بالدين والتحلّي بالتقوى وتزكية النفس، إلى جانب طلب العلم.


*مقتطف من لقاء القائد مع النخب الشابّة في 16/9/2006م.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع