مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

فقه الولي: من أحكام عزاء الإمام الحسين عليه السلام

الشيخ علي معروف حجازي


"أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا"، صادق أهل البيت عليهم السلام.

إنّ المشاركة في عزاء الإمام الحسين عليه السلام من أعظم القربات إلى الله تعالى. ولتحقّق هذا الهدف المنشود من الإحياء، لا بدّ من الالتزام بالضوابط الشرعيّة؛ تحقيقاً لمرضاة الله تبارك وتعالى.
1- نشر السواد: يُستحب نشر السواد في المساجد والحسينيّات، ولبس السواد في أيّام العزاء على أهل بيت العصمة الأطهار عليهم السلام؛ إظهاراً للحزن وتعظيماً لشعائر الله، وهو يستوجب ترتّب الثواب الإلهيّ.

2- قراءة المرأة لمجالس العزاء: يجوز للمرأة أن تقرأ العزاء حتّى وإن كان يسمعها الرجال الأجانب. نعم، إذا علمت المرأة بأنّ الأجانب يسمعون صوتها في قراءة العزاء، وكان فيه خوف المفسدة وجب الاجتناب عنه.

3- بكاء المرأة أمام الأجانب: يجوز استماع الرجل صوت بكاء المرأة الأجنبيّة ونحيبها في عزاء أهل البيت عليهم السلام ما لم تترتّب عليه مفسدة.

4- الإضرار بالجسد في العزاء: إنّ الإضرار بالجسد في العزاء إذا كان معتدّاً به، أو أدّى إلى الوهن والتضعيف بالمذهب أو بالمؤمنين أو بمراسم العزاء، فلا يكون جائزاً.
وعلى كلّ حال، من الأفضل للمؤمنين رعاية شؤون العزاء على المعصومين عليهم السلام، ولا سيّما سيّد الشهداء عليه السلام.

5- تقسيم أموال المتبرّعين: يجوز جمع الأموال من المتبرّعيـــــن في أيّام المحــرّم وتقسيمها إلى حصص؛ لإعطاء قسم منها للقارئ والراثي والخطيب، وصرف الباقي في إقامــــة المجـــالس، ولكنّه يحتــــاج إلى رضى أصحــــاب الأموال وموافقتهم. وإذا بقي من الأموال شيء، فيجوز صرفها في الأمور الخيريّة إذا أجاز دافعوها، أو تُحفظ للصرف في مجالس العزاء المقبلة.

6- التعفير بالطين: إنّ تعفير الرأس والجبهة بشيء من الطين في أيّام العزاء إذا كان بشكل متعارف بحيث يُعدّ من مظاهر الحزن والتأثّر بمناسبة العزاء، فلا إشكال فيه.

7- رفع صوت المكبّرات: إنّ إقامة مراسم العزاء والشعائر الدينيّة في أوقاتها المناسبة من أفضل الأعمال، ومن المستحبّات المؤكّدة، ولكن يجب على مقيمي المراسم وأصحاب مجالس العزاء وتجنّب إيذاء ومزاحمة الجيران بحسب المقدور.

8- نقل مآتم لا سند لها: إنّ نقل المطالب من دون أيّ استناد إلى رواية، ولم تكن مثبتة في التاريخ ليس له صفة شرعيّة، إلّا أن يكون نقلها بعنوان بيان الحال بحسب استنتاج المتكلّم، ولم تكن ممّا عُلم كذبه وخلافه، وإلّا فلا تجوز.

9- استعمال الآلات الموسيقيّة: إنّ استخدام الآلات الموسيقيّة لا يتناسب مع عزاء سيّد الشهداء عليه السلام؛ فينبغي أن تكون إقامة مراسم العزاء بالكيفيّة المتعارفة نفسها، والتي كانت متداولة منذ القِدَم.

10- عدم تفويت الصلاة الواجبة: إنّ من البديهيّ أنّ الصلاة الواجبة مقدّمة على فضل المشاركة في مجالس عزاء أهل البيت عليهم السلام، ولا يجوز ترك الصلاة وتفويتها بعذر المشاركة في المأتم الحسينيّ، ولكنّ المشاركة في مراسم العزاء بنحوٍ لا تزاحم الصلاة ممكنة، وهي من المستحبّات المؤكّدة.

11- مواكب العزاء في ليالي محرّم: إنّ انطلاق مواكب العزاء على سيّد الشهداء وأصحابه عليهم السلام، والمشاركة في أمثال هذه المراسم الدينيّة أمر حسن جدّاً ومطلوب، بل من أعظم القربات إلى الله تعالى، ولكن يجب الحذر من أيّ عمل يسبّب إيذاء الآخرين، أو يكون محرّماً في نفسه شرعاً.

12- تصرّفات متنوّعة: يقوم بعض المواسين ببعض التصرّفات، كالسقوط بالوجه على الأرض أمام المزارات المقدّسة للأئمّة عليهم السلام، وتعفير الوجوه والصدور على الأرض وخدشها إلى أن تسيل منها الدماء... الحكم: لا وجه شرعيّ لمثل هذه التصرّفات البعيدة عن إظهار الحزن والعزاء التقليديّ والولاء للأئمّة عليهم السلام، بل لا تجوز فيما لو أدّت إلى ضررٍ بدنيّ معتنىً به، أو إلى وهن المذهب في نظر الناس.

13- استعمال الطبول والصّنوج: إنّ استعمال الطبول والصنوج والأبواق في مجالس العزاء والمواكب إذا كان بشكلٍ متعارف، فلا إشكال فيه، بشرط أن لا يقترن بإيذاء الآخرين.

14- ضرب السلاسل: إذا كان ضرب الجسد بالسلاسل على النحو المتعارف، وبشكل يعدّ عرفاً من مظاهر الحزن والأسى في العزاء، فلا بأس به.

15- البيع والشراء في تاسوعاء وعاشوراء من محرّم: يجوز البيع والشراء في اليوم التاسع والعاشر من محرّم، وإن كان الأنسب للشخص أن ينشغل في هذين اليومين بالعزاء، ولا يحرم نفسه من الثواب العظيم لهذه المناسبة.

16- المشي حافياً على النار والجمر والتطبير: كلّ ما يوجب ضرراً على الإنسان، أو يوجب وهن الدين والمذهب، فهو حرام، يجب على المؤمنين الاجتناب عنه. ولا يخفى ما في كثير من تلك المذكورات من سوء السمعة والتوهين عند الناس لمذهب أهل البيت عليهم السلام، وهذا من أكبر الضرر وأعظم الخسارة. والمقصود بالضرر هو الضرر المعتدّ به والمعتنى به عند العرف.
والتطبيــــر لا يُعدّ عرفاً من مظاهر الأسى والحزن، وليـــــــــس له سابقة في عصـــر الأئمّة عليهم السلام وما تلاه، ولم يرد فيه تأييد من المعصوم عليه السلام بشكلٍ خاصّ ولا بشكل عامّ، وهو يُعدّ في الوقت الراهن وهناً وشيناً على المذهب، فلا يجوز بحال (حتّى في الخفاء).

17- التربة الحسينيّة: لا يجوز على الأحوط وجوباً تنجيس التربة الحسينيّة المباركة، وكذلك تربة قبور المعصومين عليهم السلام، وإذا تنجّست فيجب إزالة النجاسة عنها.

18- اسم (الحسين) عليه السلام: لا يجوز على الأحوط وجوباً مسّ كلمة (حسين) على المحُدِث (بالأصغر(1) أو الأكبر(2)) إذا كان المقصود منها اسم الإمام الحسين عليه السلام، وكذا أسماء باقي المعصومين عليهم السلام.

19- الدخول إلى حرم الإمام الحسين عليه السلام: لا يجوز للجنب والحائض والنفساء المكث في حَرَم الأئمّة عليهم السلام على الأحوط وجوباً، ومنها حَرَم الإمام الحسين عليه السلام، والمراد بالحَرَم ما تحت القبّة المباركة، وما يصدق عليه الحَرَم والمشهد الشريف عرفاً، وأمّا البناء الملحق والأروقة فليس لها حكم الحَرَم، فلا مانع من دخول الجنب والحائض والنفساء فيها، إلّا ما كان منها بعنوان المسجد.


1.ما يوجب على المكلّف الوضوء، كالبول.
2.ما يوجب على المكلّف الغُسُل، كالجنابة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع