مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أول الكلام: شهداءٌ ناصحون

السيّد علي عباس الموسوي

 



من الأوصاف التي وصف الله عزّ وجلّ بها أنبياءه ورسله الكرام في كتابه الكريم أنَّهم الناصحون، ﴿وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ*أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (الأعراف: 67 68). والناصح هو كلُّ من يهديك إلى موقفٍ فيه الخير لك، ويُبعدك عمّا فيه شرٌّ لك.

والنصيحة بابٌ من أبواب الرشاد لهذا الإنسان تفتح عينيه على ما غاب عنه، وتُلفت نظره إلى ما ربما يكون قد غفل عنه أو نسيه. ولكنّ النصيحة في فهم الناس يغلب عليها الطابع الشخصيّ، فلا يُدرك الناس من النصيحة إلا ما يرتبط بالحالات الشخصيّة والمواقف الخاصّة التي تتعلّق بالإنسان دون من هو حوله أو من يحيط به. وأمّا في المفهوم الإسلاميّ فإنَّ النصيحة أبعد من ذلك؛ فالنصيحة كما تكون للإخوان بإرشادهم لما فيه خيرهم وصلاحهم كذلك تكون في أمور أخرى. فالنصيحة لله عزَّ وجل، تكون بإخلاص الاعتقاد به وبوحدانيّته وبإخلاص العمل لله عزّ وجل في العبادة وغيرها ممّا يأتي به الإنسان. والنصيحة للرسول صلى الله عليه وآله بمعنى التصديق بنبوّته وبما جاء به والعمل بأوامره ونواهيه، والانقياد التام له. مصلحتهم والدفع عنهم بما أمكن. ولكن لماذا لا يستمع الإنسان إلى النصيحة؟ سؤال يختلج في نفس كلِّ ناصح عندما يرى الناس تهوي إلى حيث هلاكها ولا تسمع النصيحة. إنّ من أعظم أسباب ذلك هو الاعتداد بالنفس، وما يراه الإنسان لنفسه من صفات كالعلم والخبرة والتجربة بالنحو الذي يرى في نفسه الاستغناء عن نصائح الآخرين. فغرور الشباب يمنعهم من قبول نصيحة الآباء، وغرور العوامّ يمنعهم من قبول نصيحة العلماء، وغرور الحاكم يمنعه من قبول نصيحة ذوي الرأي.

ولكنّ الأخطر من هذا كلّه الأمة التي لا تسمع النصيحة، بل تجترئ على ناصحها فتعتدي عليه بالقتل والتهديد. لقد كانت سيرة الأنبياء عليهم السلام في قومهم وكما عبّرت الآيات أنهم الناصحون، وكانت سيرة قومهم الرفض والإنكـار ومقابلـة النصيحـة بالإساءة، وعلى هذا سار الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء، فقد كان همُّه النصيحة للمسلمين وطلب الإصلاح في تلك الأمّة. ولكنّ الموقف السلبي الذي اتَّخذته الأمّة آنذاك من مسيرة الإمام ومن نصيحة الإمام هو الذي أدّى بها إلى أن تعيش الحرمان من الحقوق والذي لحق بها بعد ذلك بفعل الظالمين. فتلك الأمة وكأمم سائر الأنبياء لم تدرك بما أصابها من الغرور والاعتداد بالنفس أنّ الذي تعصيه هو إمام زمانها المفروض طاعته وأنّه كالأنبياء من الناصحين.

وهذا ينطبق على زماننا، فإذا عاشت هذه الأمّة الغرور ولم تسمع النصيحة من قبل نائب الإمام الواجب الطاعة فإنّها سوف تنال جزاء ذلك. ولذا فإنّ ما يضمن استمرار هذه الأمّة في خطِّ الهدى أن تكون ممن يقبل النصيحة ويعمل بها. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات: