مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

آداب ومستحبات: الكفاف


السيد سامي خضرا


روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "اللهمّ ارزق محمداً وآل محمد ومن أحبّ محمداً وآل محمد العفاف والكفاف، وارزق من أبغض محمداً وآل محمد كثرة المال والولد" (1). والكثرة لا تخلو من امتحان وفتنة... وقال صلى الله عليه وآله: "طوبى لمن أسلم وكان عيشه كفافاً وقوله سداداً"(2). والْكَفَاف هو العيش الوسط الذي يكفي الإنسان حاجاته الأصلية.

* ترك الطمع
قال أبو جعفر عليه السلام: "إيَّاك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك، فكفى بما قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: ﴿وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُم (التوبة: 85) وقال: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا(طه: 131) فإن دخلك من ذلك شيء فاذكر عيش رسول الله صلى الله عليه وآله، فإنَّما كان قوته الشعير وحلواه التمر ووقوده السعف إذا وجده". وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب"(3). وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: "ابن آدم إن كنت تريد من الدنيا ما يكفيك فإنَّ أيسر ما فيها يكفيك وإن كنت إنَّما تريد مالاً يكفيك فإنَّ كلّ ما فيها لا يكفيك"(4). وقال عليه السلام: "كَفَى بِالْقَنَاعَةِ مُلْكاً، وَبِحُسْنِ الْخُلُقِ نَعِيماً"(5). وقال عليه السلام لرجلٍ سأَله أَن يعظه: "لاَ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ الْعَمَلِ... يَقُولُ فِي الدُّنْيَا بِقَوْلِ الزَّاهِدِينَ، وَيَعْمَلُ فِيهَا بَعَمَلِ الرَّاغِبِينَ، إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ" (6).

* الخوف من الطمع والبطر
قال النبي صلى الله عليه وآله:"إنما أتخوّف على أمتي من بعدي ثلاث خصال: أن يتأوّلوا القرآن على غير تأويله، أو يتّبعوا زلّة العالم، أو يظهر فيهم المال حتّى يطغوا ويبطروا، وسأنبئكم المخرج من ذلك:  أمّا القرآن فاعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وأمّا العالم فانتظروا فيأته ولا تتبعوا زلّته، وأمّا المال فإنّ المخرج منه شكر النعمة وأداء حقّه" (7). وذُكر أغنياء من الشيعة عند الباقر عليه السلام، فكأنَّه كره ما سمع فيهم، فقال: "إذا كان المؤمن غنياً رحيماً وصولاً، له معروف إلى أصحابه، أعطاه الله أجر ما ينفق في البر وأجره مرتين ضعفين، لأنّ الله عز وجل يقول في كتابه: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى* إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (سبأ:37)"(8).

* الأدب
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "أتاني مَلَك، فقال: يا محمد!.. إنّ ربك يقرئك السلام، ويقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهباً فقلت: يا رب لا ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً فإذا شبعت حمدتك وشكرتك وإذا جعت دعوتك وذكرتك(9).  وقال صلى الله عليه وآله: "اللهم !.. من أحبني فارزقه الكفاف والعفاف، ومن أبغضني فأكثِر ماله وولده"(10). وقال صلى الله عليه وآله: ما أحد يوم القيامة - غني ولا فقير - إلا يودّ أنه لم يؤت منها إّلا القوت(11).

* قصة في عاقبة الطامعين
يحكى أنَّ ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي، وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا، وتواصوا بالكتمان، حتَّى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدَّثته نفسه بالتخلّص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سمًّا ووضعه في الطعام، وفي الوقت نفسه، اتَّفق صاحباه على قتله عند عودته , ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط، ولمَّا عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثمَّ جلسا يأكلان الطعام, فماتا من السم... 

اللهم إنا نسألك إيماناً دائماً، وقلباً خاشعاً، وعلماً نافعاً، ويقيناً صادقاً، والعافية من كل بلية، وتمام العافية، ودوام العافية، والشكر على العافية، والغنى عن الناس.


(1) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 140.
(2) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ص 69.
(3) روضة الواعظين، النيسابوري، ص 429.
(4) الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 138.
(5) نهج البلاغة، خطب الإمام علي (ع)، ج 4، ص 51.
(6) بحار الأنوار، المجلسي، ج 69، ص 199.
(7) الخصال، الشيخ الصدوق، ص 164.
(8) علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ج 2، ص 604.
(9) الكافي، الكليني، ج 8، ص 131.
(10) الأمالي، الشيخ الطوسي، ص 132.
(11) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 69، ص 66.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع