القائد آية الله السيد على الخامنئي دام ظله
مواجهة أصحاب الإمام السجّاد عليه السلام ومحبيه من قبيل الفرزدق ويحيى بن أم الطويل للنظام الحاكم كان يعد نوعاً من مواجهة الإمام للحكم.
* مواجهة الفرزدق ويحيى
للإمام أشعار لم أستطع العثور عليها ولكن مما لا شك أنها موجودة وهي في غاية القوة والتحدي والثورة. ويمكن اعتبار شعر الفرزدق نموذجاً آخراً. وقد نقل المؤرخون والمحدثون هذه القصة وخلاصتها:
عندما قدم هشام بن عبد الملك قبل فترة خلافته إلى الحج وأثناء الطواف أراد أن يتقدم لاستلام الحجر الأسود ولكن العدد الهائل والازدحام الكبير منعه من الوصول، وكلما حاول أن يوصل نفسه مع أنه كان ابن الخليفة ومحاطاً بالمرافقين والحواشي ولكن الناس كانوا يمرّون من حوله بدون اكتراث. فيئس من استلام الحجر وقعد جانباً منتظراً انصراف الناس، وكان أصحابه جالسين حوله. وفي هذه الأثناء يمر رجل يعلوه الوقار والهيبة سيماه سيماء الزاهدين ووجهه وجه الملكوتيين يسطع من بين الحجاج كالشمس فتنحّى الناس له جانباً ليمر من بينهم ويصل إلى الحجر الأسود فقبّله ثم رجع للطواف مجدّداً.
فصعب ذلك على هشام كثيراً، وهو يرى نفسه ابن الخليفة ولا أحد يعطيه أية قيمة بل يبعدونه بالركل والمطاحنة، ثمّ من جانب آخر يظهر رجل يصل إلى الحجر الأسود بكل هدوء. فسأل غاضياً: من هذا؟ وكلان حواشيه يعرفون أنه علي بن الحسين عليه السلام ولكن لئلاّ يغضب منهم لم يقولوا شيئاً لأنهم يعلمون وجود العداوة ما بين بني أميّة وبني هاشم فلم يريدوا أن يقولوا أن هذا كبير العائلة المعادية لكم والناس يظهرون له كل هذا الحب والاحترام لأنهم اعتبروا ذلك نوعاً من الإهانة لهشام.
كان الشاعر الفرزدق من المحبّين لأهل البيت حاضراً وقد رأى تجاهلهم من إظهارهم لعدم معرف علي بن الحسين عليه السلام فتقدم قائلاً: أيها الأمير، لو تسمح لي بأن أعرّفك عليه. فقال هشام: قل، فانطلق لسان الفرزدق بقصيدة من أشهر القصائد الشعرية التي قيلت بحق أهل البيت، وبدأها بهذا البيت:
والبيت يعرفه والحل والحرم |
والبيت يعرفه والحل والحرم |
بجده أنبياء الله قد ختموا | هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله |
وكانت أبيات هذه القصيدة كوقع السيوف على قلب هشام فغضب منه وطرده، وأرسل إليه الإمام علي بن الحسين عليه السلام مالاً فلم يقبله وقال: "ما قلته إلاّ لله ولا أريد مالاً".
وهكذا نشاهد مثل هذه المواجهات من بين أصحاب الإمام. ونموذج آخر ما قام به يحيى ابن أم الطويل وهو ليس شعراً.
كان يحيى ابن أم الطويل من الشباب الشديدي الشجاعة والمخلصين لأهل البيت، وكان يذهب دائماً إلى الكوفة ويجمع الناس ويصرخ فيهم أيها الناس، إني كافر بكم ولا أقبل بكم حتى تؤمنوا بالله وهو يقصد أولئك الذين كانوا يبعون بني أميَّة.
* تعرّض بني أمية للإمام السجاد عليه السلام
كان هذا مختصراً لحياة الإمام السجّاد عليه السلام، وأشير هنا طبعاً إلى نقطة، فعلى رغم أن مرحلة إمامة الإمام السجّاد عليه السلام قد امتدت إلى أكثر من 34 سنة كانت بعيدة عن المواجهة المباشرة للنظام الحاكم ولكن نشر بساط الإمامة الواسع وتعليم وتربية العديد من الأفراد المؤمنين والمخلصين وتوضيح دعوة أهل البيت عليهم السلام فقد تمَّ وهذا ما جعل بني أميَّة يمقتون الإمام ويتعرضون له. وكانوا من قبل قد جروه بالأصفاد والأغلال - ولم يكن هذا ما حدث في كربلاء وإنما في زمن آخر بعدها - وقد تعرّضوا له في موارد عديدة، وأذاه أعوانهم حتى وصل بهم الأمر سنة 95 للهجرة في زمن الوليد بن عبد الملك إلى تسميمه فارتفع إلى جوار ربه شهيداً.
تمت
ينبغي للمجتهد أن يتحلّى بصفات النباهة والذكاء والفطنة وهو يمارس عملية قيادة المجتمع الإسلامي وحتى غير الإسلامي، وفضلاً عن الإخلاص والتقوى والزهد التي هي من الشؤون الذاتية له، يبغي للمجتهد أن يكون مديراً ومدبّراً.
الإمام الخميني قدس سره