(أوصيكم بأن تجاهدوا أنفسكم وأنتم تمارسون الجهاد من أجل
البناء) الإمام الخميني قدس سره
انطلقت جمعية مؤسسة جهاد البناء الإنمائية في لبنان في العام 1988 استجابة لحاجة
مجتمع المقاومة إلى الخدمات الإنمائية والعمرانية، في ظل غياب الدولة اللبنانية في
تلك الفترة عن تقديم الخدمات الضرورية للمواطنين. فتصدت لملفات عدة، أهمها: رفع
آثار الاعتداءات الصهيونية على لبنان وإعادة ترميم وإعمار ما يدمره العدو، ومساعدة
المستضعفين من المزارعين في القرى والبلدات من خلال خدمات الإرشاد الزراعي، وتوفير
خدمات أساسية للمواطنين مثل شق الطرقات ومد شبكات الكهرباء والمياه وغيرها.
* مشاريع جهاد البناء:
اهتمت المؤسّسة منذ انطلاقتها بالشأن البيئي وكان ملفاً أساسياً من ضمن ملفات عملها
المتعدّدة. فقبل نهاية الحرب الأهليّة في لبنان، حيث كانت الدولة غائبة عن توفير
الخدمات الأساسيّة للمواطن، تصدّت المؤسّسة لعلاج بعض المشاكل البيئيّة الحادة، مثل
مشكلة عدم توفير مياه الشفة الصالحة للشرب في العديد من المناطق اللبنانيّة، حيث
عمدت إلى حفر الآبار ومد شبكات المياه في العديد من القرى والبلدات اللبنانيّة.
كذلك أطلقت المؤسّسة مشروع أبي الفضل العباس عليه السلام، الذي يؤمن مياه الشفة غير
الملوّثة إلى سكان الضاحية الجنوبيّة في بيروت، من خلال الصهاريج التي توزع المياه
على ما يزيد عن 110 خزانات في مختلف أحياء المنطقة. ويتم نقل "كمية 1440 برميل
يومياً" لتوزع على الخزانات (ما يقارب 105 مليون ليتر من المياه العذبة سنوياً).
تخضع المياه الموزعة لفحوصات بكتيرية وكيميائية دورية للتأكد من سلامتها. وقد بلغ
المشروع عامه العشرين ولا يزال مستمراً بعونه تعالى. وفي تلك الفترة أيضاً، اهتمت
المؤسّسة برفع النفايات المنزليّة والتجارية المتراكمة في الطرقات بشكل يومي،
تفادياً لآثارها المدمرة على صحة وبيئة السكان، واستمر هذا الأمر حتى استعادت
الحكومة اللبنانيّة بعد 1991 دورها في القيام بمثل هذه الخدمة. وتركز المؤسسة في
عملها البيئي على ملفات أساسية تعني المواطن بشكل مباشر، وأهمها ظاهرة التصحُّر،
وسلامة المياه، والطاقة البديلة، والنفايات الصلبة والصرف الصحي. وهي معنية بالتصدي
لهذه الملفات بالتنسيق مع كل المعنيين في لبنان على المستويين الرسمي والأهلي، على
اعتبار أن التصدي للمشاكل البيئية يتم بشكله الأفضل من خلال الجهود الجماعية.
* جهد إعلامي إرشادي:
ومن خلال جهدها التوعوي والإرشادي، أقامت المؤسّسة العديد من الندوات والحلقات
التلفزيونيّة والإذاعيّة في إطار نشر الوعي البيئي وتشجيع المواطنين على حماية
البيئة والاهتمام بها. كما قامت بإصدار المنشورات المطبوعة والإلكترونيّة المتعلقة
بمختلف أوجه الشأن البيئي، وأقامت الدورات التدريبيّة للإخوة والأخوات المهتمّين
بتطوير معلوماتهم وثقافتهم البيئيّة في مختلف المناطق اللبنانيّة، بحيث يقوم
المتدربون بدورهم بنقل المعرفة البيئية ضمن محيطهم ومناطقهم. كما ركّزت المؤسّسة من
خلال مؤتمراتها التنمويّة التي عقدتها على مدار السنوات الماضية على الشأن البيئي،
كونه مكوّناً أساسياً في موضوع التنمية المستدامة التي تسعى المؤسّسة لتحقيقها.
وتعمل المؤسسة من خلال مشاريعها العمرانية على إدخال ما أمكن من معايير البناء
الصديقة للبيئة (مثل العزل الحراري واستخدام الطاقة الشمسية)، خاصة في مشروع "وعد"
لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية من بيروت.
* إنجازات المؤسسة:
كما دعمت المؤسسة خلال السنوات الماضية العديد من الجمعيات والهيئات والتعاونيات
للحصول على تمويل من الجهات المانحة الرسمية والأهلية لعشرات المشاريع ذات الطابع
البيئي، مثل الحفاظ على الغابات وسلامة المياه، وتدوير النفايات المنزلية والمخلفات
الزراعية، والحفاظ على التربة والحدِّ من ظاهرة التصحر. وتقدّم المؤسسة خدمات دراسة
الأثر البيئي للمشاريع العمرانية والتنموية.
* نشاط ريفي:
وفي المناطق الريفيّة، ركّزت المؤسّسة عملها البيئي في جهود مكافحة ظاهرة التصحر،
حيث إن هذه الظاهرة تهدّد حوالي 60 % من مساحة لبنان، مسبِّبةً تدهور الأراضي
الزراعيّة وانحسار الغطاء الأخضر وشح المياه، وبالتالي، تردّي الإنتاجيّة الزراعيّة
الذي بدوره يؤدي إلى هجرة الناس للقرى والأرياف والنزوح إلى المدن طلباً للرزق، مما
يشكّل عبئاً بيئياً إضافياً على المدن والقرى على حدٍّ سواء. وضمن هذه الجهود، كان
لمشروع توزيع الغراس الحرجية والمثمرة حيّز أساسي، حيث تقوم المؤسّسة بتوزيع مئات
الآلاف من الغراس الحرجية والمثمرة على المزارعين والبلديّات والجمعيّات الأهليّة
في المناطق المعرضة للتصحّر في البقاع الشمالي وجنوب لبنان وعكار. كما نفذّت
المؤسسة العديد من مشاريع التشجير بالاشتراك مع البلديات في مختلف المناطق، خاصة
المناطق التي تعرضت لاعتداءات العدو الصهيوني خلال عدوان صيف 2006.
كذلك، تقوم
المؤسّسة بتضمين معلومات وتقنيّات مكافحة التصحر والحفاظ على البيئة في موادها
وأنشطتها الإرشاديّة الموجّهة إلى المزارعين، مثل تقنيات حفظ التربة والإدارة
المتكاملة للمحاصيل. وركّزت المؤسّسة في السنوات الأخيرة على تشجيع اعتماد نظام
الزراعة العضويّة وهو أكثر الأنظمة الإنتاجيّة الزراعيّة محافظة على مقومات
المنظومة البيئية، من حيث تخفيف التلوث بالمواد والمبيدات السّامة، والحفاظ على
التنوع البيولوجي، وزيادة خصوبة التربة، والتخفيف من آثار ظاهرة الدفيئة ومن تلوث
المياه السطحيّة والجوفيّة.