مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

كشكول الأدب

إعداد: إبراهيم منصور*

* من أجمل الردود
روى جبران خليل جبران في كتابه (يسوع ابن الإنسان) أنّ السيد المسيح عليه السلام مرّ مع تلاميذه أمام منزل أحد المؤمنين برسالته، فقال النبيّ عيسى عليه السلام للرجل: "أسعد الله مساءَك، وليُكبِّر الله بيتك حتى يُؤوي جميع الهائمين في هذه الأرض". ثم هَمَّ يسوع بمتابعة طريقه، فتوسَّل إليه الرجل قائلاً: يا سيدي، أفلا تزورني في بيتي؟ فردَّ عليه المسيح عليه السلام بقوله: "إنني أعرف قلبَك، وقد زُرتُ بيتكَ الأكبر"!

* من أمثال العرب
- قَلَبَ له ظَهْرَ المِجَنّ
المِجَنُّ:
التّرْسُ. يُضربُ هذا المثل لمن يتحوَّلُ عن الصداقة إلى العداوة. كتبَ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام إلى ابن عباس حين أخذ من أموال البصرة ما أخذ: "إني شَرَكْتُكَ في أمانتي، ولم يكن رجلٌ من أهلي أَوْثَقَ منك في نفسي، فلمَّا رأيتَ الزمانَ على ابنِ عمِّكَ قد كَلِبَ، والعدوَّ قد حَرِب، قَلَبْتَ لابن عمِّكَ ظَهْرَ المِجَنّ لفراقهِ مع المفارقين، وخَذْلِه مع الخاذلين، واختطفتَ ما قَدَرْتَ عليه من أموال الأُمَّة خطْفَ الذئبِ رابيةً المعزى، أصْحُ رُوَيْداً فكأنْ قد بلغتَ المدى وعُرِضَتْ عليك أعمالُكَ بالمحلِّ الذي يُنادي به المغترُّ بالحسْرَة، ويتمنَّى المُضيِّعُ التوبةَ والظالمُ الرَّجعة"1.

* قصَّة وعِبْرة
لا يُقْصَدُ من قِصَصِ الحيوان سوى ضرب المثل وتعليم العقلاء، وتأكيد الوصيَّة في حفظ اللسان. زعموا أنّ أسداً وثعلباً وذئباً اصطحبوا، فخرجوا يتصيَّدون، فصادوا حماراً وظبياً وأرنباً. فقال الأسدُ للذئب: اقسمْ بيننا صَيْدَنا. فقال الذئب: الأمرُ أَبَيْنُ من ذلك، الحمارُ لك، والأرنبُ لأبي معاوية (يعني الثعلبَ)، والظبْيُ لي.
فخبطه الأسدُ فأطاحَ رأسَه، ثمَّ أقبلَ على الثعلب وقال: قاتلَهُ اللهُ! ما أجهلَهُ بالقِسْمة، هات أنتَ يا أبا معاوية. فقال الثعلب: يا أبا الحارث، الأمرُ أَوْضَحُ من ذلك، الحمارُ لِغدائك، والظبيُ لعشائك، والأرنبُ فيما بين ذلك. فقال له الأسد: قاتلك الله، ما أقضاك: (أي: ما أَعْظَمَكَ في القضاء)، مَنْ علمَّك هذه الأَقضية؟ قال الثعلب: رأسُ الذئب الطائحُ عن جُثَّتِه2.

* من أجمل الحِكَم والمواعظ
في حديث للإمام عليّ عليه السلام: "عَجبتُ للبخيل يستعملُ الفقرَ الذي منه هَرَب، ويفوتُه الغنى الذي إيَّاه طَلَب، فيعيشُ في الدنيا عَيْش الفقراء، ويُحاسَبُ في الآخرة حسابَ الأغنياء"3.
ويُنسَبُ للإمام عليه السلام شعرٌ في هذا المعنى، هو:
خَلَقْتَ الخلائقَ في قُدْرَةٍ *** فمنهم سخيٌّ ومنهم بَخيلُ
فأمَّا السخيُّ ففي راحةٍ  ***   وأمَّا البخيلُ فشؤمٌ طويلُ

* من أجمل الكناية
"فلان طويل النِّجاد"
النّجاد: حمائل السيف، فإذا طالَتْ قامةُ المرء طالَتْ حمائل سيفِه، فطولُ النِّجاد كناية عن طول الإنسان حامل السيف. وهذه الكناية أطلقَتْها أُمُّ زرع متحِّدثةً عن زوجها فقالت: "هو طويلُ النِّجاد"، فذهب قولُها شِبْه مثَل4.

* وللعلماء أسلوبُهم الشاعريّ
يقول عالِمُ النبات الإنكليزي جون ستيورات كوليس، عن مملكة النبات الأزليّة، أي: الطحالب والفطريات والحشائش التي ظهرت وغطَّت السهول والأودية والجبال بحُلَّتها العشبية الرائعة: لقد ظهرت مملكة النبات وكسَتْ باللّحمِ الهيكل الصخريّ للأرض، ومن ثَمَّ نسجَتْ أبسِطَة التلال السُّندسيَّة، وكانت حينذاكَ ملكة الحياة، وحينما نشرَتْ وشاحَها الملكيَّ على الأرض، وَضَعَ الله أساسَ ممالكِ العالَم5.

* من الأضداد
النِّدُّ:
هو المِثْلُ والنظيرُ، والجمعُ أندادٌ، والنِّدُّ هو مِثْلُ الشيء الذي يُضادّهُ ويخالفُه، فالنِّدُّ هو الضِّدُّ والشِّبْهُ، ومن هنا التضادّ. ويُرادُ بالأنداد ما كان أهل الجاهلية يتَّخذون من آلهة دون الله، وقد جاء في التنزيل العزيز: ﴿تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً، أي: أضداداً وأشباهاً 6.

* من جذور الكلام
النَّرْدُ:
هو الزهرُ الذي يُلْعَبُ به، وبه سُمِّيَتْ طاولة الزهر. والنرد ليس عربيّاً، إنّما هو فارسيٌّ معرَّب، واسمه بالفارسيّة "النَّرْد شير"، وشير بمعنى "حُلْو"، وقد جاء في الحديث الشريف: "مَنْ لعب بالنَّرْدشير فكأنّما غمس يده في لحمِ الخِنزير ودمه"7.

* فائدة لغويَّة
أَلِفُ الإزالة؛ يُقال: "نَشَدْتُكَ اللهَ والرَّحِمَ"، أي: أَستحلفُكَ بالله والرَّحِمِ، ويقالُ: نَشَدْتُهُ فأنشَدَ لي، أي: سألتُه فأجابني، وهذه "الألِف" في فعل "أجاب" تُسمَّى "ألِف الإزالة"، وذلك لأنهم يقولون: "قَسَطَ الرَّجُلُ"، بمعنى: جارَ، و"أَقْسَطَ"، إذا عَدَلَ، فكأنه أَزالَ جَوْرَه، ومن هُنا سُمِّيَتْ "ألف الإزالة".

* اللَّازم والمتعدّي معاً
وَهَنَ:
يُقال: وَهَنَ يَهِنُ وَهْناً، إذا ضَعُفَ، ووَهَنْتُه: أضعفتُه. فالفعل "وَهَنَ" هو لازم ومتعدٍّ، أي: مرَّةً لا ينصبُ مفعولاً به، ومرَّةً ينصبُه، ويُفْهَمُ المعنى بحسب سياق الكلام.

* من الأفعال الثريَّة بالمعاني
نَقَدَ؛
من معاني هذا الفعل: نَقَدَ الدراهمَ: مَيَّزَ صحيحها من زائفها، فالنَّقْدُ هو تمييزُ الدراهم لإخراج زَيْفِها، ومن هنا سُمِّيَت الدراهم والدنانير وكلّ أنواع العملة نُقوداً. ونقدتُه الدراهمَ ونقدْتُها له: أعطيتُه إيَّاها. ونَقَدَ الشيءَ إذا نَقَرَهُ بإصبعه، ونَقَدَ الطائرُ الحَبَّ، إذا كان يلتقطه حبَّةً حبَّة. ونَقَدَ الرجُلُ الشيءَ بنظره، ونقدَ إليه: اختلس النظرَ نحوه. وجاء في الحديث الشريف: "إذا نَقَدْتَ الناس نَقَدُوكَ، وإن تركتهم تركوك"، ومعنى "نقَدْتَهم" أي: عِبْتَهم واغْتَبْتَهُم، قابلوك بمثله، وهو من قولهم: نَقَدْتُ رأسَه بإصبعي، أي: ضربتُه. ويُقال: نَقَدَتْهُ الحيَّة: لَدَغَتْهُ. وبعدُ، فإنّ نَقْدَ النصّ الأدبيّ أو غيره: إظهارُ ما فيه من إجادات وسَقَطَات.

* من نوادر الجُند
استدعى، يوماً، أحدُ السلاطين العثمانيّين قائدَ جيشه وقال له: "إنّ الإنكليز قد اتخذوا جزيرةَ مالطة، في البحر المتوسط، مركزاً لأسطولهم البحريّ، وراحوا يضايقون سُفننا، لذا أطلبُ منك أن تمحوَ مالطة من الوجود". فذهب القائد العسكريّ يبحث عن كلِّ الخرائط الجغرافية، ثمَّ عاد إلى السلطان قائلاً: "مالطة يوك"، أي: لم يعُدْ لها وجود. فسُرَّ السلطان وسأله: "وهل دمَّرتُم الأسطولَ الإنكليزيّ المرابط فيها؟" أجابه القائد: "كلَّا يا سيِّدي، لقد مَحْونا مالطة من الخارطة"!


* عضو اتحاد الكُتّاب اللبنانين.
1-  مجمع الأمثال، الميداني، ج2، ص567.
2-  عالم الحيوان، د. سمير كبريت، ص43.
3-  لسان العرب، ابن منظور، ج2، مادة "نجد"، ص 420.
4-  ميزان الحكمة، الريشهري، حديث 1598.
5-  انتصار الشجرة، جون ستيوارت كوليس، ص15.
6-  لسان العرب، م.س، ج2، مادَّة "ندر"، ص 420.
7-  م.ن، ص 421، مادة "نرد".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع