أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

قراءة في كتاب‏: خدمة الناس في فكر الإمام الخميني قدس سره

إعداد: محمود دبوق‏


الناشر: مركز الإمام الخميني الثقافي.
في مقدمة الكتاب الذي لا تتجاوز عدد صفحاته 53 صفحة من القطع الوسط، شرحٌ وافٍ للهدف الأساسي المطلوب وهو "خدمة الناس" في فكر الإمام الخميني قدس سره الذي طالما كان يردّد "إنني خادم لهذا الشعب ولهذه الأمّة ولهذا الدين". يتطرّق الكتاب لموضوع الخدمة في ستة فصول مركّزة، دون أن يعرض عليها الملل أو الرتابة، ويستطيع القارئ‏ أن يستفيد بلغة منهجية، وتراتبية تدخل كلها في صلب الموضوع من خلال الشروحات التي استعرضها الكاتب في بحثه، ولكل فصل عنواناً هاماً لا ينفّكُ واحدهُ عن الآخر في الأهميّة لناحية الترابط وشمولية البحث في ما قلَّ من الكلام، واشتدَّ في المعنى، وإعطاء الموضوع الكثير من الإيضاح.

* الفصل الأول:
لقد تناول هذا الفصل بداية الموضوع بمنهجية تلفت الأنظار من خلال ثلاثة عناوين فرعية تحدّث فيها على الشكل التالي:

أ- خدمة الناس هدف الأنبياء:
... وهذا شي‏ءٌ هام وتمهيد منطقي لمعرفة أهمية الخدمة التي كانت هدفاً رئيسياً للأنبياء عليهم صلوات اللَّه أجمعين وكذلك الكتب السماوية التي أودعها اللَّه سبحانه في عهدتهم ونفوسهم المقدّسة، فأعطوا كل ما يملكون لقاء خدمة العباد وهدايتهم.

ب- أحبُّ الخلق إلى اللَّه:
إن الميزان الإلهي لاقتراب العبد من خالقه إنما يكون بمقدار خدمته للناس الذين يصفهم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كما في الرواية: "الخلقُ كلهم عيال اللَّه فأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله"(1). كذلك فإن الأنبياء والأوصياء يخدمون الناس لا لأجل منفعة شخصية أو مبتغىً دنيويٍ، وأهل البيت عليهم السلام أوضح مثال على ذلك عندما يذكرهم تعالى في كتابه وبلسان حالهم فيقول: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (الإنسان: 9).

ج- خدمة الناس هي خدمة للَّه تعالى:
هنا وفي هذه التراتبية التي أشرنا إليها في المقدمة، يسمو معنى الخدمة، ليصبح كأنه خدمة للَّه تعالى وهو الغني عن عباده، حيث يقول الإمام الصادق عليه السلام: "من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم اللَّه تعالى عمره". فمن حقائق خدمة الناس خدمة اللَّه تعالى، حتى أنَّ الإمام الخميني قدس سره يعتبرها من أفضل العبادات ويقول: "لا أظن أن هناك عبادة أفضل من خدمة الناس".

* الفصل الثاني:
عند الانتقال إلى الفصل الثاني تظهر جمالية البحث ليبدأ في ذكر التفاصيل والتي تتحوّل إلى واقعٍ عملي يدلّ الساعين لتشخيص معاني الخدمة الحقيقية إلى محطات عامة في مفهوم الإنسانية وأخرى في مفهوم الخدمة والمناصب ومفهوم الخدمة والقوى النظامية. وقد عالج عنوان الخدمة والمناصب أكثر مظاهر المجتمع سلبية وتأثيراً في عصرنا الحاضر لما نلاقي في مختلف طبقاتنا الإنسانية العديد من الأفراد الذين اختاروا السير بين الناس على طريقة "لا مساس" وكأنهم من كوكب آخر، وفي عبارة جميلة جداً يشخّص الكتاب هذه الحالة فيقول: "إن شخصاً كهذا هو مريض يعيش عقدة الذاتية ولا يعيش مقتضيات المنصب. إذاً هناك فرق كبير بين الأمور الشخصية التي تتعلق بنفس الشخص وبين متطلبات المنصب والمسؤولية التي يتحملها، والمقتضيات التي تتعلّق بها، وهي أمور بحد ذاتها تحتاج إلى عملية تشخيص تقترن بالدعاء والتسديد الإلهي وقد مثَّل الإمام الخميني قدس سره في أيامنا التي لم يمرَّ عليها الكثير من الزمن أروع صورة لهذه الحالة التي قلّما ينجح في اجتياز امتحانها العديد من أصحاب المسؤولية فيقول رضوان اللَّه عليه: "أن يقال لي خادم أفضل من أن يقال لي قائد، فالقيادة ليست مهمّة، المهم هو الخدمة والإسلام أمرنا أن نخدم".

وفي عنوان الخدمة والقوى النظامية يذهب الكتاب في التفاصيل التي تشتبه على الناس، خصوصاً القوى التي تملك السلطة فيستعلون على الناس ويتسلّطون عليهم ويفرضون الذعر والإرباك من باب (الهيبة) المزعومة عليهم.

* الفصل الثالث:
يرمي الفصل الثالث إلى تبيان أهداف خدمة الناس بعد المعاناة التي عانى منها المحرومون ونرى أن الإمام قد أوصى ببذل أقصى الجهد من أجل رفاهية المحرومين لشدة ما عانوه دوماً على طول التاريخ الملكي والإقطاعي، أما الأهداف فقد لُخّصت باثنين.

1- إزالة الحرمان: من خلال إزالة جذور الفقر والاستضعاف.
2- رفاهية المستضعفين: التي تعني العدالة الاجتماعية، التي هي رفاهية المجتمع بكافة شرائحه ولكن ليس على حساب المستضعفين.

وتحت عنوان الخدمة خير الدنيا والآخرة يستعرض الكاتب، والذي قد وفقَّ بحمد اللَّه في بحثه القيم، العديد من الروايات التي تتناول أجر من يعين الناس ويقضي لهم الحوائج وهي روايات جديرة بالمطالعة والمتابعة ككل أحاديث أهل البيت عليهم السلام وفيها فوائد جمّة، وقد اخترنا إحداها لأهميتها من حيث المعنى، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "من أغاث أخاه المؤمن اللَّهفان اللَّهتان عند جهده، فنفّس كربته، وأعانه على نجاح حاجته، أوجب اللَّه عزَّ وجلَّ له بذلك اثنتين وسبعين رحمة من اللَّه يعجل له منها واحدة، يُصلح بها أمر معيشته، ويدّخر له إحدى وسبعين رحمة لأفزاع يوم القيامة وأهواله". وعند كل مفترق وعنوان نرى أنَّ للإمام الخميني المقدس كلاماً يرشح من كلمات أهل بيت النبوة فيقول قدس سره: "... وأن يسعوا جميعاً للعمل في سبيل اللَّه وفي خدمة عباده المحرومين لأن ذلك خير وعافية الدنيا والآخرة".

* الفصل الرابع:
قد تتوّفر النية لدى فرد أو جماعة في تقديم الخدمات للناس، لكن المشكلة أحياناً تكمن في تشخيص موضع الخدمة في ظرفها ومكانها ومستحقيها، وفي ما يشبه تعريف هذا الأمر، يشير الكتاب وتحت عنوان رصد مواضع الحاجة فيقول: "صحيح أن الخدمة هي للناس بشكل عام ولكنها من جهة عملية تابعة للحاجة، فمعنى خدمة الإنسان عملياً أن أكفيه من حاجة وأسدُّ له نوعاً من أنواع الافتقار وأكمل له نقصاً ابتلي به". ثم يتعرض الكاتب لرأي الإمام في تحديد إلى من نقدّم الخدمة ويقدّم لذلك بكلمة هامة للإمام قدس سره يقول فيها: "إن كل المدراء والمعنيين والزعماء وعلماء الدين في نظام حكومة العدل مكلفون بإقامة العلاقة والصداقة والإخوّة مع الحفاة أكثر منها مع المتمكنين والمرفَّهين، إذ أن الوقوف إلى جانب المعوزين والحفاة ورؤية النفس مثلهم والبقاء في مصافِّهم هو فخر كبير حظي به الأولياء".

* الفصل الخامس:
إنَّ النظر إلى موضوع خدمة الناس يحتاج بلا شك إلى عملية ربط متكاملة فمن الفصل الأول إلى الثاني والثالث والرابع وصولاً إلى الفصل الخامس، نلاحظ أنه موضوعٌ ذو أبعاد متصلة وعميقة، ومن تعريف الخدمة وأهميتها وكونها تكليفاً إلهياً وطرح السؤال "لماذا نخدم"؟ إلى تحديد من نخدم، يصل بنا المطاف إلى كيفية الخدمة، فقد يوفّق المرء كفرد أو كمجموعة أو مؤسّسة أو جمعية لجميع ما سبق من مراحل مرّ ذكرها لكنّه قد ينحرف عن الهدف المنشود إذا فقدَ حلقة من هذه السلسلة فمن المهم جداً أن نعرف: كيف نخدم؟ والفصل الخامس يعتني بهذا الجانب فيتحدّث عن تنوّع الوسائل ويذكر أن الخدمة لا تنحصر بالأمور المادية فقط بل لها طرقها المتعدّدة فبالإضافة إلى بذل المال في سبيل الخدمة الذي تشير إليه العديد من الروايات كما عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أحب الأعمال إلى اللَّه عزَّ وجلَّ إدخال السرور على المؤمن: إشباع جوعته أو تنفيسُ كربته أو قضاء دينه"، ويمكن الاستفادة من الجاه أيضاً كما جاء عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "إنّ اللَّه تعالى ليسأل العبد في جاهه كما يسأل في ماله، فيقول يا عبدي رزقتك جاهاً، فهل أعنتَ به مظلوماً أو أعنتَ به ملهوفاً".

* الفصل السادس والأخير:
يدور هذا الفصل حول مجموعة من الأحاديث الشريفة وكلمات الإمام الخميني قدس سره وقد استخلص الكاتب منها مجموعة من العناوين تتمحور حول "روحية الخدمة" لأنّها أشبه بخاتمة العمل الصالح، فالخدمة الحقيقية هي التي لا يليها منّة أو شفقةٌ أو رحمة، ويعالج هذا الفصل عدة عناوين فرعية لروحية الخدمة، فمن "النظرة إلى الفقراء" و"الإخلاص بالنية" و"شكر الخالق من خلال خدمة الناس" إلى أنَّ "الخدمة نعمةٌ إلهية" وإلى عنوان آخر يلفت الانتباه لعدم الوقوع في "المنّة" كما أسلفنا، يقف القارئ‏ عند بعض هذه الأحاديث لينهل من معينها ماءً عذباً سائغاً لذّة للشاربين. عن الإمام الحسين عليه السلام: "إن حوائج الناس إليكم من نعم اللَّه عليكم. فلا تملّوا لنعم فتتحول إلى غيركم". ويقول الإمام الخميني المقدس: "إنَّ الذين... هم معنا حتى النهاية هم أولئك المتجرعون لآلام الفقر والحرمان والاستضعاف".

* الخاتمة:
نورد الخاتمة كما وردت في الكتاب لدقّتها من خلال تبيان الهدف من هذا الموضوع حيث وردت كما يلي: "علينا أن نعرف كيف نترجم المنهجية التي رسمها الإمام الخميني قدس سره لخدمة الناس وتحقيق الأهداف الإلهية برفع الحرمان والاستضعاف، فإن للمؤمن كرامة خاصّة عند اللَّه تعالى، ولقضاء حوائجه موضعاً خاصاً في جنب اللَّه، حتى نصل إلى ذلك اليوم الذي يشير إليه الإمام الخميني قدس سره ويعتبره عيداً: إنه يوم عيد بالنسبة لنا ذلك اليوم الذي تتحقق فيه لمستضعفينا الحياة المرفّهة والسالمة والتربية الإسلامية القويمة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع