مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

نور روح اللَّه‏: تربية الإنسان‏: دور الحكومة في التربية




إن الأنانية هي رأس جميع الخطايا. وسوف تبقى هذه الحروب والمفاسد والمظالم ما دامت هذه الأنانية موجودة لدى الإنسان. والسبب في أن الأنبياء أرادوا تحقيق الحكومة العادلة في الدنيا هو أن هذه الحكومة العادلة ذات الأهداف الإلهية والأخلاق والقيم المعنوية يمكنها فيما لو تحققت أن تكبح جماح المجتمع، وتصلحه إلى حد كبير.طالما كانت الحكومات بيد الجبابرة والمنحرفين، وبيد الذين يرون القيم في آمالهم النفسية، ويعتبرون أن القيم الإنسانية تكمن في التسلّط وفي الشهوات، فإن الإنسانية ستسير نحو الانحطاط. لو تحققت آمال الأنبياء في دولة معينة ولو بعضها فإن تلك الدولة ستسير نحو الإصلاح.

* دور المعلم في التربية
إن الذين يدفعون بدولة ما إلى الرقيّ أو الانحطاط يكونون أشخاصاً قليلين عادة. ويجب عليكم أن تنتبهوا إلى هذا المعنى، وهو أنه لو كانت تربيتكم للفرد تربية غير إسلامية لا سمح اللَّه فإنكم ستشتركون معه في أي جريمة أو عمل يمارسه فيما بعد. ولو كانت تربيتكم إسلامية وقائمة على الفطرة، فإنكم ستشاركونه في كل عمل حسنٍ يقوم به. فالمعلم أمين ويختلف عن باقي الأمناء لأن أمانته هي الإنسان، ولو خان الإنسان في أية أمانة أخرى فإنه يرتكب ذنباً حتماً، ولكن كل ما في الأمر أنه فرّط بسجادة كانت أمانة عنده مثلاً، وهذا العمل لا يؤدي إلى حدوث مشكلة في المجتمع، شخص قد سبب ضرراً وعليه أن يعوّض عن الضرر الذي سببه أيضاً.

أما لو كان الإنسان هو الأمانة، الطفل المؤهل للتربية هو الأمانة، فإن الخيانة بهذه الأمانة لا سمح اللَّه سوف ترونها في وقت خيانة بشعب وخيانة بمجتمع، وخيانة بالإسلام. لذا فإن هذا العمل ورغم أنه شريف جداً وذو قيمة كبيرة لأنه عمل الأنبياء الذين جاؤوا لبناء الإنسان لكنه ذو مسؤولية كبيرة جداً مثلما كانت مسؤولية الأنبياء كبيرة جداً. أيضاً يجب أن تلفتوا جيداً إلى أنكم لستم أفراداً عاديين. فالذنب المرتكب في مجال التربية والتعليم يختلف كثيراً عن ذلك الذنب الذي يرتكبه شخص في دائرة معينة أو وزارة من الوزارات. وإن الذنب المرتكب في وزارة معينة لا يقضي على البلاد مثلاً إلاّ في حالات نادرة. أما لو تربى طفل في سلك التربية والتعليم تربية فاسدة، وتربى على أخلاق شيطانية واستكبارية، فإنه قد يدفع البلاد نحو الهاوية من خلال تربيته الشيطانية وأخلاقه الاستكبارية، ويدفع بعدد كبير من الناس إلى الفساد. لذا فإنكم ومن خلال عملكم العظيم هذا تشتركون معهم في جميع ذلك سواءً في الحسنات أو السيئات، تشاركونهم بالجريمة أحياناً، وأحياناً بالنورانية التي أوجدتموها أنتم. فاحذروا كثيراً وانتبهوا لأنكم لستم أفراداً عاديين. إنكم معلمو جيل سيستلم مقدّرات البلاد في المستقبل. إنكم أمناء على مثل هذا الجيل، ويجب أن تمارسوا التربية إلى جانب التعليم.

وهذه الوظيفة لا تقتصر على وظيفة معلم العلوم الدينية، بل هي وظيفة جميع المعلمين مهما كانت فروعهم، وجميع أساتذة الجامعة مهما كانت تخصصاتهم. فكما أن معلم العلوم الدينية قد يؤدي إلى إحداث مشكلة وإفساد في البلاد من خلال اهتمامه فقط بالعلوم الدينية وعدم التوجه للأخلاق الدينية وبناء الطفل أو الشاب، كذلك الأمر بالنسبة لمعلمي غير العلوم الدينية في أي مجال كان فيه تعليم، إذ أنهم سيشتركون بالجرم والانحراف الذي أوجدوه في ذلك الفرع، وسيدفعون بالبلاد إلى الهاوية أيضاً. إن عملكم أيها السادة ويا معلمو الدين هو التربية. يجب عليكم تعليم تلك المجموعة التي بيدكم، واعلموا أن التربية أهم من التعليم.

* التعليم عمل الأنبياء

إن دور المعلم في المجتمع كدور الأنبياء. والأنبياء هم معلمو البشرية. إنه دور مهم وحساس للغاية، ومسؤولية ثقيلة. دور مهم لأنه هو نفس دور التربية والتي هي "إخراج من الظلمات إلى النور" هذه هي سمة المعلم. وينسب اللَّه تبارك وتعالى هذه السمة له، فهو ولي المؤمنين، ويخرجهم من الظلمات إلى النور﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (البقرة: 257). فالمعلم الأول هو اللَّه تبارك وتعالى الذي يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ويدعو الناس بواسطة الأنبياء وبواسطة الوحي إلى النورانية، وإلى الكمال، وإلى العشق، وإلى الحب، ويدعوهم إلى مراتب الكمال التي هي للإنسان، ومن بعده الأنبياء الذين ينشرون تلك المدرسة الإلهية وعملهم هو التعليم أيضاً، إذ يعلمون البشرية، ويعلمون الناس، عملهم هو تربية الإنسان ليسمو عن مقام الحيوانية ويصل إلى مقام الإنسانية.

* دور الأم في التربية
أنتنّ أيتها السيدات تملكن شرف الأمومة، فتسبقون الرجال بهذا الشرف، وتقع عليكن مسؤولية تربية الطفل في أحضانكنّ. فحضن الأم هو أول مدرسة للطفل. وتربي الأم الصالحة طفلاً صالحاً، ولو كانت منحرفة لا سمح اللَّه فسوف يخرج الطفل من حضنها منحرفاً، ولأن الطفل يرتبط بعلاقة خاصة بالأم لا مثيل لها، وينظر إليها على أنها تجسّد كل آماله. فإن كلام الأم وخُلقها وعملها يؤثر في الطفل. وبما أن حضن الأم هو الصف الأول للطفل لو كان طاهراً ونزيهاً ومهذباً لنشأ الطفل منذ البداية ونما مع تلك الأخلاق الصحيحة ومع تهذيب النفس ذاك ومع ذلك العمل الجيد. عندما يكون الطفل في حضن أمه ويشاهد خلقها الجميل، وعملها الصحيح، وقولها الحسن فإنه سيتربى منذ تلك اللحظة في أعماله وأقواله تقليداً لأمه، والذي هو أعمق من أي تقليد آخر، وتوجيهاً منها والذي هو أكثر تأثيراً من أي توجيه آخر. أنتن لكنّ هذه المسؤولية العظيمة، ويجب عليكنّ أن تهتمَّيْن بأطفالكنّ الصغار الذين لهم نفوس تجعلهم يقبلون الأمور بسرعة، ويقبلون التربية بسرعة، ويقبلون الصالح والطالح بسرعة، فأنتنّ المسؤول الأول عن أطفالكنّ. كما أنه لو ربيتنّ طفلاً تربية صالحة فقد يحقق سعادة شعب بأكمله، فإنه إذا تربى طفل لا سمح اللَّه تربية فاسدة في أحضانكنّ فقد يؤدي إلى حدوث فساد في المجتمع.

لا تظنوا أنه طفل، فقد يصبح هذا الطفل في يوم ما على رأس المجتمع، ومن المحتمل أن يجرّ ذلك المجتمع إلى الفساد. إذ أن الفساد لا يقتصر على نهب ذخائرنا، ولا يقتصر على تقديم بلادنا إلى الآخرين، وتقديم كل ما لدينا إليهم؛ بل أكثر من ذلك وهو أنه أفسد فئات عديدة في هذه البلاد.

* حضن الأم مدرسة
جاء الأنبياء لبناء الإنسان، والأنبياء مكلّفون ليجعلوا من الأشخاص الذين هم بشر ولا يختلفون عن الحيوانات إنساناً، ويزكّوهم. وهذا هو شغل الأنبياء، ويجب أن يكون هذا هو شغل الأمهات إزاء الأطفال في أحضانهنّ، وأن يزكُّوهم من خلال أعمالهنّ. يتربى الطفل في حضن أمه أفضل من المعلم. وإن علاقة الطفل بأمه لا تضاهيها أية علاقة، وإن ما يسمعه من أمه في صغره ينقش في قلبه، ويبقى معه حتى النهاية. يجب على الأمهات أن يلتفتن إلى هذا المعنى فيربين الأطفال تربية صحيحة ونزيهة، ولتكون أحضانهنّ مدرسة علمية وإيمانية، وهذا شي‏ء عظيم جداً لا يستطيع أحد أن يقوم به سوى الأمهات. ويتقبل الطفل من الأم أكثر مما يتقبله من الأب. وتؤثر أخلاق الأم في طفلها الصغير، ويتأثر بها أكثر من الآخرين. فالأمهات أساس الخيرات، وسوف يكوننّ لا سمح اللَّه أساس الشرّ فيما لو ربّين أطفالهنّ تربية سيئة. قد تربي أُم معينة طفلها تربية حسنة، فيقوم ذلك الطفل بإنقاذ أمّة، وقد تربيه تربية سيئة فيكون سبباً لهلاك أمةٍ.

* دور الأم في التربية والتعليم‏
إن تأثير الأسرة وخاصة الأم على الأطفال، والأب على الأحداث كبير جداً. ولو تربى الأولاد بشكل لائق وتعليم صحيح في أحضان الأمهات وبحماية الآباء المتدينين، ثم يُرسلون إلى المدارس، فإن عمل المعلمين سيكون أسهل. أساساً فإن التربية تبدأ من الحضن الطاهر للأم، ومن جواب الأب. ويمكن من خلال التربية الإسلامية والصحيحة وضع اللبنات الأولى للاستقلال والحرية، والالتزام بمصالح البلاد. واليوم يجب على الآباء والأمهات أن يهتموا بسلوك أولادهم، وأن ينصحوهم لدى مشاهدة حركات غير عادية حتى لا ينخدعوا بالمنافقين والمنحرفين، فيخسروا الدنيا والآخرة. وينبغي بالآباء والأمهات أن ينتبهوا إلى أن سنوات المدرسة والجامعة هي سنوات الهيجان والتحرك بالنسبة لأولادهم، وأنهم ينجذبون إلى المجموعات والمنحرفين من خلال أبسط الشعارات.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع