زهراء عودي شكر
كثيراً ما تسمع أمهات الأطفال عبارة: "عند حبو طفلك ومع بداية مشيه، استعدّي لإخفاء التحف والاكسسوارات المنزلية من أمامه..." وهذا الأمر سواء أزعجها أم لم يزعجها، سوف تجد نفسها في نهاية المطاف مضطرّةً لتقبّله، وكل ذلك من باب الحرص على سلامة طفلها، "المستكشف الصغير"، الذي سيحبو ليصل إلى كل ما امتدّ إليه نظره لوقت طويل ولم يقدر على نيله. فمتى يبدأ الطفل بالحبو؟ وما هي الخطوات الّتي يتوجّب على الأمّ القيام بها لتساعدَه وتحميه؟
مراحل متعددة تسبق مشي الطفل الفعلي. والحبو هو إحدى الحركات التي يفعلها الطفل قبل البدء بالمشي مباشرة. وهي لا تحصل بشكل فجائي في عمر معين، بل إنها تأتي نتيجة مجموعة حركاتٍ مسبقة، قد لا ينتبه الأهل إلى أنها مقدّمات للحبو. وهكذا قبل انطلاق الطفل للزحف يمر بخطوات متعددة تبدأ منذ الولادة؛ فالطفل الحديث الولادة ينام على بطنه واضعاً ساقيه في وضع انثناء تحت بطنه ورأسه إلى الجانب، وعند الشهر الثالث يصبح باستطاعته رفع وجهه وشد ساقيه، وفي الشهر الرابع أو الخامس يرفع صدره ويؤدّي حركات وكأنه يسبح، أما في الشهر السادس فيرفع جسمه معتمداً على يديه، فيما يحبو فعلياً في الشهر التاسع أو العاشر.
هذا هو الخط العام للحبو عند الأطفال، إلَا أنه ليس ثابتاً، بل قابل للتغيّر حسب الطفل، فقدرات الأطفال تنمو بشكل متفاوت، وبعضهم يكتسب المهارات أسرع من غيره. لذا، تجد أطفالاً يحبون باكراً، وآخرين يتأخرون، فيما تجد بعضاً منهم يتفوّق على غيره، فيخطون خطواتهم الأولى دون حبُو.
* استعدّي، حان الوقت لتعلمي طفلك الحبو
ربما يكون الحبو أو الزّحف هو الطريقة الأولى التي تُمكّن الطّفل من التّجوُّل، فغالباً ما يبدأ الطفل بالزحف على بطنه، ثم يتعلّم كيف يحفظ توازنه على يديه وركبتيه، فتصبح حركته أسرع.
عادةً تكون الأم توّاقةً لترى طفلها يحبو أو يمشي بسرعة، خصوصاً إذا كان الطفل ثقيل الوزن ومُعتاداً على الحمل، لأنّها تجد بذلك الخلاص من حملها له طوال اليوم. وإلى هذه الأم نقول إنه بإمكانها مساعدة طفلها على الزحف بتشجيعه على قضاء بعض الوقت مستلقياً على بطنه، إذ تشير الدراسات إلى أنَّ الأطفال الذين يقضون الكثير من الوقت في اللعب وهم مُستلقون على بطونهم يتمكنون من الزحف مبكراً. وتبدأ الأم بذلك عندما يكون عمر طفلها ما بين الثلاثة والأربعة أشهر، لأنّ ذلك يساعده أيضاً على تقوية عضلات ذراعيه وساقيه.
في البداية، قد لا يحبّ الطفل الاستلقاء على بطنه، فيأتي دور الأم لتمنحه الكثير من التشجيع والاستمتاع عبر وضع الألعاب التي يحبها أبعد بقليل من متناول يده لحثِّه على الزحف باتجاهها.
* أشكال الحبو وبداياته
على الأمهات أن يضعن في بالهنّ أنّ الأطفال لا يزحفون بالشكل نفسه، فبعضهم قد يتحرَّك عبر سحب مؤخرته وهو جالس، وبعضهم الآخر قد ينزلق على بطنه أو يحاول مباشرة الوقوف والمشي، فيما تجد آخرين يَحبُون بالشكل الطبيعي عبر تحريك الذراعين والساقين. المهم، أن وقت الحركة قد بدأ، ولا يهم كيف يقوم الطفل بذلك.
بعد أن تقوى عضلات البطن لدى الطفل وفي عمر الستّة أشهر تقريباً، قد يستطيع القيام بتمارين رياضيّة مصغّرة، فيستلقي على بطنه ويرفع رأسه وصدره عن الأرض مستنداً إلى ذراعيه، وذلك بالانزلاق على بطنه مستخدماً ساعديه. بعد ذلك قد يرفع جسمه ويتأرجح إلى الأمام أو الخلف على أطرافه الأربعة بحيث تكون ذراعاه مفرودتين وجسمه موازياً للأرض.
وعندما يبلغ طفلك نحو الثمانية أشهر، قد يستطيع الجلوس وحده من دون الاستناد إلى شيء ما. بعدها، ربما يحاول بثقة الانتقال من الجلوس إلى الاستناد إلى يديه وركبتيه. وفي هذه المرحلة ينبغي أن تكون عضلات ذراعيه وساقيه وظهره قد اكتسبت القوة الكافية لمنعه من السقوط على الأرض.
بعدها، سيعرف طفلك أن دفع الركبتين يعطيه القوة اللازمة للتحرك.
في البداية، قد يتحرك إلى الوراء قبل أن يتعلم الحركة إلى الأمام، ما يبعده أكثر عن اللعبة التي أمام عينيه، وسرعان ما سيتعلم كيفية العودة من وضعية الزحف إلى وضعية الجلوس. إلى ذلك قد يتقن طفلك أسلوب الزحف التبادلي، أي تحريك إحدى اليدين مع الساق من الجهة المعاكسة في نفس الوقت الذي يتحرك فيه إلى الأمام.
لا تقلقي، ولا تستعجلي زحف طفلك أو مشيه فالأمر فقط يتطلب القليل من الوقت والكثير من الممارسة، وغالباً ما سيزحف طفلك بثقة عندما يبلغ عامه الأول، وسيكون حريصاً على التعامل مع أي تحدٍّ، بما في ذلك تسلُّق الدرج.
* بعد الزحف
بعدما يتقن طفلك الحبو أو الزحف، سيحاول الوقوف وتعلم المشي، وذلك عبر سحب نفسه إلى الأعلى مستنداً إلى أي شيء يمكن أن يصل إليه، سواء أكان طاولة غرفة المعيشة أم ساقك. وحين ينجح في الحفاظ على توازنه عند وقوفه على ساقيه، سيكون مستعداً للوقوف وحده والتجول ممسكاً بالأثاث، وعندها يصبح المشي والركض والقفز، مسألة وقت لا أكثر.
* احترسي كي لا يقع صغيرك في المخاطر
قد يوقع الطفل الزاحف نفسه في الكثير من المتاعب. لذا، قبل أن يبدأ بالزحف احرصي على جعل منزلك مكاناً آمناً له، وضعي حواجز على بوابات السلالم في أعلى الدرج وأسفله، لأن طفلك سينجذب إلى النزول والصعود عليها، كما لو أنه مستكشف ومتسلق لأعلى الجبال، لكن انجذابه للأمر يمكن أن يمثل خطورة عليه، لذا اجعلي وصوله إلى السلالم صعباً إلى أن يتمكن طفلك من المشي جيداً في نحو الشهر الثامن عشر تقريباً.
إذاً، على الأم أن تأخذ حذرها من رحلات طفلها الاستكشافية؛ فكما السلالم، تشكّل الأبواب والأسلاك الكهربائية والقطع الصغيرة كالخرز وغيرها، خطراً على سلامة الصغير. كما عليها أن تخفي التحف المنزلية الصغيرة وتغيّر الديكور بشكل يتلاءم مع سلامة طفلها. وهنا نضع بين أيدي الأمهات بعض تعليمات السلامة التي تجنّب أطفالهن العثرات:
1 - ابقي منطقة اللّعب خالية من الأثاث القاسي أو ذي الحواف الحادة.
2 - اخفضي مستوى مرتبة مهده كي لا يتمكّن من الزّحف أو السّقوط منه.
3 - قومي بتركيب أقفال سهلة الاستخدام للأطفال للأدراج والحواجب المنخلية والأبواب والنوافذ وآمنة.
4 - ضعي المواد السامة (بما في ذلك المنظّفات المنزلية والمنتجات الكيماويّة) في خزائن مرتفعة يمكنك إقفالها.
5 - تجنّبي ترك الأواني التي تحتوي على الطعام الساخن قرب حوافّ الطاولات.
6 - تأكدي من تغطية القوابس الكهربائية غير المستخدمة.
ونختم بهذه النصيحة للأم: دعي طفلك يتجول حافي القدمين في جميع أنحاء المنزل، فالمشي بقدمين حافيتين سيساعده على تقوية قوسي قدميه وعضلات ساقيه، كما سيمكّن الطفل من حفظ التوازن أكثر، والإحساس بملمس الأشياء المختلفة التي يمشي عليها.