كمال زهر
إن لولاء الإنسان المسلم للنبي صلى الله عليه وآله
والأئمة والزهراء عليه السلام الدور الأساس والمفصلي في بلورة إيمانه وتحقيق هويته
وشخصيته الرسالية والإنسانية، فوجود الزهراء المرأة التي ليست هي بإمام ولا نبي،
بصفتها المرأة الكاملة في إنسانيتها هو الذي نحتاجه كضرورة حياتية، واعتقادية
وسلوكية وحتى منهجية في حياتنا.
إننا نحتاج إلى هذا الوجود لنرتبط به، وتحنو عليه قلوبنا وهو يجسّد لنا القيم
والمثل والكمال الإنساني الذي نحتاج إليه هو الآخر، وليُسهم من ثَمَّ في بناء
عقيدتنا، وتركيز المفاهيم الإسلامية والقيم والمثل في قلوبنا وعقولنا. فالزهراء لها
الدور الكبير والحساس في بقاء هذا الدين ونقائه، ولولاها لطمست معالمه وعفيت آثاره،
فهي نافذة النور وهي برهان الحق، وهي كما علي عليه السلام مرآة الإسلام التي تعكس
تعاليمه وأحكامه ومفاهيمه وهي المعيار والميزان الذي يوزن به إيمان الناس، ودرجة
استقامتهم على طريق الهدى والخير والخلوص والإخلاص ونعرف به رضا الله ورسوله وغضب
الله ورسوله صلى الله عليه وآله وهذا ما يشير إليه قول الرسول الأكرم صلى الله عليه
وآله: "هي بضعة مني وهي قلبي الذي بين جنبي، من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد
آذى الله، أو يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها".
إذاً.. نحن بحاجة لمعرفة ما لفاطمة عليها السلام من مقامٍ عليٍّ وكرامة عند الله،
ومعرفة ما لها من فضل على باقي الخلائق وأنها سيدة نساء العالمين من الأولين
والآخرين وانه لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة لما
كان لها كفؤ على ظهر الأرض ادم فمن دونه كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام وأن
الله هو الذي سمى فاطمة، وهو الذي زوَّجها في السماء قبل الأرض وأنها كانت تحدث
أمها وهي في بطنها وغير ذلك من الأمور التي تعطينا المعرفة فيها مزيداً من صفاء
الروح ورسوخ الإيمان. فنحن بحاجة إلى معرفة كل شيء عن الزهراء عليها السلام لأن
ذلك يعمق ارتباطنا بها عليها السلام ويدخلها إلى قلوبنا ويمزجها بالروح والمشاعر
والأحاسيس ليزداد تفاعلنا مع ما تقول وما تفعل ونحب ما تحب ونبغض ما تبغض فيؤلمنا
ما يؤلمها ويفرحنا ما يفرحها.
فيزيدنا ذلك خلوصاً وطهراً وصفاءً ونقاءً، ومن ثم هو يزيد في معرفتنا بحقيقة
ظالميها ويعرفنا حجم ما ارتكب بحقها ومدى سوء ذلك وقبحه. وروي عن الإمام الصادق
عليه السلام: "من لم يعرف سوء ما أتي إلينا من ظلمنا وذهاب حقنا وما نكبنا به
فهو شريك من أتى إلينا فيما ولينا به". وعنه صلى الله عليه وآله: "من أحبنا
وأبغض عدونا في الله من غير ترهٍ وترها إياه في شيء من أمر الدنيا ثم مات على ذلك
فلقي الله وعليه من الذنوب مثل زبد البحر غفرها الله له". وكيف يكون الحب بدون
معرفة؟! لا بد من تحصيل المعرفة أولاً، وقد حصَّل الإمام الخميني قدس سره بعضاً من
تلك المعرفة فقال في الزهراء عليها السلام: "فاطمة الزهراء ليست امرأة عادية إنما
هي موجود إلهي ملكوتي جبروتي ظهر في صورة امرأة". فلا بد من تحصيل المعرفة بأدق
تفاصيلها إن استطعنا إلى ذلك سبيلاً، فهو علمٌ له أهميته وينفع من علمه ويضر من
جهله.