مع الإمام الخامنئي | كلّنا مَدينون للنبيّ الأعظم* نور روح الله| هكذا كانت حياة الرسول* مع إمام زماننا | حين تزفّ السماء نبأ الظهور (2): في مكّة السيّد محسن شهيداً على طريق القدس مقاومتُنا بعينِ الله صُنعت حاجّ محسن! إلى اللقاء عند كلّ انتصار* أبو طالب: قائدٌ في الميدان والأخلاق المقاومة الإسلاميّة: ثقافتنا عين قوّتنا الشهيد على طريق القدس بلال عبد الله أيّوب تسابيح جراح | جراحاتي لا تثنيني عن العمل

مع الإمام الخامنئي: فاطمة في المقام الأسمى(*)



لو لم تكن محبة أهل البيت عليهم السلام ومودّتهم والعشق الجيّاش لمثل هؤلاء الإلهيين والربانيين، لكان من المسلّم عدم بقاء تيّار التشيّع، بهذه المعارف المستحكمة عبر الزمان والتاريخ مع وجود كل هذه العداوات. وحديثنا في سياق أثر تلك المودّة عن فاطمة الزهراء، الصدّيقة الكبرى عليها السلام أعظمُ امرأةٍ في تاريخ البشر. إنّها مفخرةُ الإسلام، ومفخرة هذا الدين، وافتخار هذه الأمّة.

* مقامٌ يَصعُب تصوُّره
إنّ مقام فاطمة الزهراء عليها السلام لا يمكن أو يصعب تصوّره بالنسبة للبشر العاديين أمثالنا؛ فهي المعصومة فحسب. لم تكن فاطمة الزهراء عليها السلام نبيّاً أو إماماً وخليفةً للنبي؛ لكنها بمقام النبيّ والإمام؛ فأئمةُ الهدى عليهم السلام يذكرون الاسم المبارك لفاطمة الزهراء بكلّ تعظيمٍ وإجلال؛ ويأخذون المعارف من الصحيفة الفاطمية؛ فهذه أمورٌ عظيمةٌ جداً.

* علمٌ وحكمةٌ ومعرفة
الحياة الظاهرية لهذه السيدة العظيمة مليئة بالعلم والحكمة والمعرفة، حتى إنّه عندما نقرأ مقدّمة خطبتها «الفَدَكيّة» المعروفة، ونجد الحمد والثناء الموجودَين فيها، سنلحظ بشكلٍ جليّ كيف أن الأجواء قد عبقت بدفق الحكمة والمعرفة الجارية من اللسان الدرّيّ لهذه المرأة العظيمة؛ مع أن تلك الخطبة كانت، في الواقع، احتجاجاً سياسياً، وقد ذُكر فيها من المعارف الإلهية والإسلامية ما هو في أعلى مستوى يمكننا إدراكه.

* رحلةُ الجهاد
من جانبٍ آخر، فإن حياة هذه العظيمة مشحونةٌ بالجهاد؛ حيث كان لها حضورٌ فاعلٌ ومؤثّر كجندي مضحٍّ في الميادين المختلفة. فمنذ مرحلة الطفولة في مكة، في شعب أبي طالب، في إيصال المؤن والدعم المعنوي لأبيها العظيم، إلى مواكبة أمير المؤمنين في مراحل الحياة الشاقة في المدينة: الحروب والغربة والمخاطر، وسط مشقات الحياة المادية والضغوط المتنوعة، وكذلك في مرحلة محنتها عليها السلام بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ففي جميع هذه المراحل كانت هذه المرأة العظيمة مشغولةً بالتحرُّك والسعي؛ حكيمةً مجاهدة، عارفةً مجاهدة. كذلك من ناحية مسؤولياتها كامرأةٍ وزوجةٍ وأمٍ ومربّية، فقد كانت امرأةً نموذجيّة.

* شعلةُ العشق والشوق
هي آيةٌ عظمى وسامية لامرأةٍ نموذجيّةٍ في وظائف المرأة وتربيتها ومحبّتها؛ وكل هذه المسائل القيّمة التي لا نظير لها كانت ضمن عمر ناهز 18 سنة. فوجود فتاة شابّة عمرها 18 سنة بكل هذه المقامات المعنويّة والأخلاقيّة والسجايا السلوكيّة في أيّ مجتمع وفي تاريخ أيّ شعب سيكون مبعث افتخار له. ولكن الاطلاع على هذه المعارف ومعرفة سجايا هذه العظيمة؛ دون الارتباط العاطفي، ودون المحبة، ودون شعلة العشق والشوق التي تُجري الدموع من عينَي الإنسان لا يوصل الإنسان إلى نتيجة. وعليه، يجب تفعيل الارتباط العاطفي والمعنوي والروحي بهذه السيدة العظيمة؛ بل ويجب الحفاظ عليه.

* بالمحبّة نستمرّ
ثمّة عنصرٌ أساسيٌّ قد حفظ مسيرة التشيّع واستمرارها، وهو ذلك التيّار العاطفي المستند إلى المنطق والمعتمد على الحقيقة، لا العاطفة الفارغة. لهذا أنتم ترون أنّ أجر الرسالة هو المحبّة والمودّة في القربة،﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى (الشورى: 23).

* الشعر في حب أهل البيت عليهم السلام
من الملفت أنّ الأئمة عليهم السلام -وبالرغم من وجود أمثال زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما من الذين سمعوا المعارف والأحكام والشرائع والأخلاقيات ونقلوها ودوّنوها- كانت لهم نظرةٌ خاصّة إلى دعبل الخزاعي، وإلى السيد الحِميَري، وإلى كُميت بن زيد الأسدي، وكانوا يحوطونهم بالعناية والمحبّة. كل ذلك لأن بُعد الارتباط العاطفي والمحبّة يوجد في شعر الشعراء ومدح المادحين وذكر الذاكرين على نحوٍ أتمّ وأوفى ممّا يوجد في غيرها.

أيُّها المدّاحون: إنّ عملكم شريف وقيّم وله دورٌ حيويٌّ في بقاء التشيّع وفي الحفاظ على الإيمان الشيعي والمعرفة الشيعية واتّباع أهل البيت عليهم السلام فاعرفوا قدر هذا. واعلموا أنّ بيتاً من الشعر تتلونه قد يكون له تأثيرٌ أكبر من ساعةٍ من البحث الاستدلالي لمتفوّهٍ ماهر. وبهذه الطريقة يمكننا نقل معارف أهل البيت بالاستمداد من الأبعاد العاطفية إلى أعماق قلوب الناس، ما يساهم في تثبيت إيماننا وبقائه مع الأيام وعدم تزلزله مقابل تشكيكات الأعداء وافتراءاتهم، فأشعروا أنفسكم أنكم مبلّغون للدين وحملةٌ للحقائق الدينية في أعظم الأساليب تأثيراً.

* شعرُ المعرفة
فليكن شعركم شعر معرفةٍ وتعليم؛ فإذا أردتم أنْ تعرّفوا بفاطمة الزهراء عليها السلام، فقوموا بذلك بحيث يستلهم المسلم أو المرأة أو الشاب منها دروس الحياة؛ فيشعر في قلبه بالخشوع والخضوع والتعلّق تجاه هذه المرأة التي تجسّد القداسة والطهارة والحكمة والمعنويات والجهاد. فعليكم أنْ ترووا مستمعيكم من هذه المعرفة التي تشبه الماء الزلال الذي يأتي في قالب الشعر والكلام الموزون، وخصوصاً إذا كان في قالب الصوت الحسن واللحن الصحيح والجيّد، فيسري إلى كل أجزاء بدنه. فمثل هذا العمل لا يقدر عليه الكثير من الخطباء أو الفنانين أو المعلمين، ولكنكم قادرون عليه لو قمتم به.


(*) من كلمة له دام ظله في ذكرى ولادة السيدة الزهراء عليها السلام وذكرى ولادة الإمام الخميني قدس سره، خلال لقائه مع مدّاحي أهل البيت عليهم السلام، بتاريخ 2010/6/3.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع