نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً


السيّد علي عبّاس الموسوي


عندما يتبنَّى الإنسان اعتقاداً ما أو رؤية محدّدة، ويجعل نظامه الفكريّ والسلوكيّ قائماً على أساس هذا الاعتقاد وهذه الرؤية، لا بدَّ له من أن يكون على يقين راسخ وإيمان لا يتزلزل بأنّه الخيار الأمثل والصحيح الذي يضمن له الوصول إلى هدفه.

فإنْ كان الهدف دنيويّاً لا بدّ من أن يكون المعيار في المقبول لديه ما يكون من السبل موصلاً له إلى هذا الهدف، وإنْ كان أخرويّاً فسوف يتعدّى النظرة المحدودة الأفق إلى النظرة الأبعد والمرتبطة بالحياة الأخرى.

وفي كلا الفرضين، لا بدّ من أن يتعرّض الإنسان في مسير الوصول إلى أهدافه إلى حالات متبدّلة من يُسر وعسر، ومشاقّ ومتاعب وغير ذلك.

وهذه الحالات العارضة لها تأثيرها الغالب على الناس، ففي المجال الدنيويّ تجد مَن تحُول تلك الحالات بينه وبين استمراره في السعي والمثابرة على الوصول، فيتوقّف عند ما وصل إليه، وتجد من يقوم بالعمل على تبديل تلك الأهداف، فيحوِّلها إلى أهداف أخرى، وتجد من يبقى عازماً مستمرّاً في سعيه للوصول إلى أهدافه.

ولكن، إذا انتقلنا إلى المجال الأخرويّ، فعلى الرغم من كون تلك الأهداف غيبيّة، غير محسوسة لدى الإنسان ولا مشاهدة له عياناً، وعلى الرغم من كونها بعيدة لا يحيط بها جدول زمنيّ بمعايير الحياة الدنيويّة، وعلى الرغم من كون موازين التقييم فيها تبقى غامضة على الإنسان إلى لحظة الموت الذي سوف يعني نهاية كلّ سعي، تجد أنّ الشدائد والمصاعب والمشقّات ذات تأثير مغاير لما هو عليه في المجال الدنيويّ، فهي تزيده ثباتاً وإصراراً، وتزيد من عزيمته واعتقاده الراسخ بها.

إنّ هذه المقارنة تأخذ بيدنا إلى أنّ العامل الوحيد الفارق بينهما هو المعرفة الراسخة، أو فقل: اليقين الذي لا يشوبه شكّ، فلولا هذا اليقين الراسخ لدى المؤمن لكانت هذه الشدائد والمشاقّ سبباً إمّا لتخلّيه عن هذه الأهداف أو تبديلها أو الاكتفاء ببعض منها.

بل، ويرقى الأمر، عندما تصبح هذه الشدائد بنظر هؤلاء تثبيتاً لإيمانهم، لأنّ الوعد الإلهيّ لهم كان بأنّ هذا الإيمان هو طريق ذي الشوكة بما يعني الوعد بالمشاقّ والمصاعب، فيرى هؤلاء في هذه المصاعب المزيد من الطمأنينة لصحّة خيارهم، والمزيد من الدافع للمحافظة على المعتقَد وعلى السلوك.

ويرقى الأمر أكثر من هذا، عندما تصبح هذه الشدائد عاملاً مهمّاً في تقوية اليقين بما يؤدّي إلى تقوية العزم على التمسّك بالأهداف. وهذا ما حدّثنا عنه القرآن في وصفه لحال المؤمنين عندما يرون اجتماع الناس لمواجهتهم ومحاربتهم، ويعيشون لحظات المشقّة والخطر والعسر فقال تعالى: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (الأحزاب: 22).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع