نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: فقل حسبي الله

السيّد علي عبّاس الموسوي


دعا الله عزَّ وجلَّ الإنسان إلى التدبّر والتفكّر في خلق السماوات والأرض، كما دعاه إلى النظر في نفسه، وذلك لأنها في هذا كله آيات تدلّ على الخالق وتأخذ بيد الإنسان إلى الحقيقة.

وكلّما تعمّقت معرفة الإنسان بنفسه، تعمّقت معرفته بالخالق. وعندما تتعمّق المعرفة، يبدأ الإنسان بطيّ مقامات القرب نحو الله.
ولا يعني ذلك أن مسافة من البعد كانت تفصل بين الله وخلقه، بل هو أقرب إليهم من حبل الوريد، إنما الذي يتحقق هو أنّ معرفة القرب هذه تبدأ بالاتضاح والانجلاء لهذا الإنسان، فتزول عنه حجب المعرفة ويتلمّس هذا القرب.

ومن الأبواب التي فتحها الله عزَّ وجلَّ لعباده، لتكون مدخلاً لترقّي معارفهم، التكاليف التي جعلها على عاتقهم، وهو غنيٌّ عنهم، وأراد بذلك أن تكون الطاعة والعمل بهذه التكاليف سبباً لنيل مقامات القرب منه.

ومن أعظم التكاليف الإلهيّة، التي جعلها على عاتق الناس جميعاً، وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وخصَّ من اصطفاه من عباده الصالحين بمقام الرسالة، فكلّفهم بالدعوة إليه وجعل على عاتقهم وظيفة هداية الناس إلى طريق الهدى، وهؤلاء المصطفَون أحسنوا أداء تكليفهم وكانوا أشدّ الناس حرصاً على هداية الناس، فالرحمة تجلَّت في نفوسهم بالسعي الدائم للوصول بالناس إلى الإحساس بالقرب من الله.

ولكنّ نزعة التعلّق بالدنيا، والتحرّر من قيود الطاعة، والميل للشهوات والرغبات ذهبت ببعض خلق الله إلى الإعراض والتولّي. فلم يستمع بعضهم لكلام الأنبياء الهادي لهم والناصح الحريص عليهم، أو استمع ولكنه لم يستجب للدعوة، أو بادر إلى مواجهة الأنبياء ومحاربتهم وقتْلهم كما فعل بنو إسرائيل.

ولا شكّ في أنّ الأنبياء كانوا يؤدّون دورهم ويشعرون بالأذى من نفور الناس من دعوتهم إلى الحقّ، حرصاً منهم على هؤلاء ورحمة بهم. ولكنّ الهداية تبقى أمراً اختياريّاً فلا إكراه على اتّباع طريق الهدى، بل الفضل لمن تبع الهدى عن عزم وإرادة دون إلزام واضطرار.

ومن الواضح، أنّ الأنبياء سوف يشعرون بالأذى من هذا التولّي والإعراض. ولأنّ الله عزَّ وجلَّ كلَّف أنبياءه بذلك فقد كان ناصراً لهم في التغلُّب على هذا الأذى. ومن مظاهر ذلك ما علّمه لأنبيائه من ضرورة أن لا يروا إلا الله عزَّ وجلَّ الناصر والمعين لهم، وأن يكون التوحيد في السند الإلهيّ هو العامل النفسيّ المساند لهم في مسيرتهم في الدعوة إلى الله.

ومن الأنبياء يتعلّم ورثتهم من حملة راية الحقّ والهدى في كلّ زمان أن عليهم أن لا يُبالوا بإعراض الناس عن اتّباع الحقّ، وأن يكون في الاعتقاد بتوحيد الله في المعونة والنصرة باباً للتغلّب على الأذى الذي يلحق بهم بسبب إعراض الناس عن الهدى.

حسبي الله، هو منطق الأنبياء، وهو المنطق الذي ينبغي أن يسود مسيرة الحقّ في كلّ زمان، وبهذا ينتصر الإنسان على أهل الباطل، وقد قال تعالى: ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (التوبة: 129).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع