مع الإمام الخامنئي | لا تنبهروا بقوّة العدوّ* نور روح الله | لو اجتمع المسلمون في وجه الصهاينة* كيف تكون البيعة للإمام عند ظهـوره؟* أخلاقنا | كونوا مع الصادقين* الشهيد على طريق القدس عبّاس حسين ضاهر تسابيح جراح | إصابتان لن تكسرا إرادتي(1) على طريق القدس | «اقرأ وتصدّق» مشهد المعصومة عليها السلام قلبُ قـمّ النابض مجتمع | حقيبتي أثقل منّي صحة وحياة | لكي لا يرعبهم جدار الصوت

عقيدة: ضرورة إرسال الأنبياء

آية الله جوادي الآملي‏

تبين في الدرس الماضي أن الناس لا يمكنهم الوصول إلى السعادة بدون الهداية الإلهية عبر طريق الوحي. وفي هذا الدرس يتعرض آية الله جوادي الآملي إلى الحديث عن حدود الرسالة وما جاء به الرسل بالاستفادة من الآيات المتعلقة بهذا الأمر.

يشير القرآن الكريم إلى وجود المبدأ الفاعلي في عملية الوحي والمبدأ القابلي وكذلك إلى الرابطة بينهما والتي ينبغي أن تتحلى بأوصاف خاصة. فإذا كان الفاعل هو الله عز وجل والقابل هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والرابط هو الروح الأمين، بمعنى أن الأمر الذي يكون بيد الله وعهدته، وقبوله بعهدة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والرابط هو الروح الأمين مثل هذا الأمر يكون حقاً. ولهذا يُشار إلى القرآن الكريم بأنه (لا ريب فيه). لماذا؟ لأن مبدأه الفاعلي هو الله، كما جاء في الآية 105 من سورة الإسراء ﴿بالحق أنزلناه، ثم يتبعه ﴿وبالحق نزل، فلا يدخل الباطل إليه أبداً.

أحياناً قد يصل الفيض، ولكن الآخذ لا يكون قابلاً. أما في مورد القرآن الكريم حيث القابل هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: ﴿بالحق أنزلناه وبالحق نزل. كما جاء أيضاً في سورة الشعراء حيث الخطاب متوجهاً إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. ﴿نزل به الروح الأمين على قلبك. ففي هذه الآية يعرف الرابط بأنه الروح الأمين ﴿الأمين الذي لا يخون أبداً.

* لا وجود للباطل في النظام القرآني
عندما جاء الحق وتقرر إجراء النظام القرآني لزم أن تعرف حدوده. وفي هذا المجال تبين الآية 49 من سورة سبأ هذا الأمر بالشكل التالي: ﴿قل جاء الحق وما يبدى‏ء الباطل وما يعيد.
فقد ملأ نظام الحق أرجاء كل شي‏ء فإذا كان هناك نقص في بعض الأقسام أو لم يكن هناك برنامج في بعض المجالات فلن يكون النظام عندها حقاً.
إن في الأخلاق، العمل، الفكر، والملكات الباطنية... لنظام الحق برنامجاً، وإذا صدر منا خلاف ما، فلن يكون لنا تماس واتصال بالقرآن ونظام الحق.

* كيف يذهب الباطل‏
قلنا أنه في نظام الحق لا مكان للباطل. يقول القرآن: ﴿جاء الحق وزهق الباطل.
ولكن كيف ولماذا؟ هل أن الباطل بنفسه يذهب أم أن الحق هو الذي يطرده؟ هل يمكن للإنسان الذي لم يعرف الحق ولم يعمل به أن يطرد الباطل من نفسه، وإذا قال القرآن في الآية 200 من سورة الأعراف ﴿فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
يعني أنه بمجرد الكلام بدون معرفة بمن نستعيذ وممن، نكون في أمان؟ في سورة سبأ الآية 48 يقول تعالى: ﴿قل إن ربي يقذف بالحق.
وفي الآية 18 من سورة الأنبياء: ﴿بل يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
وزاهق صفة مشبهة لا اسم فاعل، ويصبح المعنى أن الصفة الخاصة للباطل أنه زاهق وذاهب، ونستنتج أنه ينبغي أن نأخذ الحق ونضربه على الباطل حتى يذهب ويتحقق معنى ﴿فإذا هو زاهق.

إن قراءة القرآن وفهمه وإن كان عملاً عبادياً ولكنه مقدمة للعمل، وما لم نعمل بالحق لن نتمكن من ترك الباطل.
وقد جاء في الحديث: "من حفظ من أمتي أربعين حديثاً بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً".
فما المقصود من الحفظ؟ إذا كان هو الحفظ العادي فما أسرع أن يضيع هذا الحفظ عند أقل حادثة. ولهذا فإن العديد من العلماء في هذا العالم ينسون عند الموت الذي هو أقسى الضربات كل ما حفظوه. فالمقصود إذن من الحفظ في الحديث هو الحفظ في الروح والعمل به وتطبيقه. ومثل هذا الإنسان من ينال حق الشفاعة.
وعلى هذا الأساس انطلقت الآية 54 من سورة الأنعام: ﴿وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم.

فالإنسان يصل أحياناً إلى مقام يصبح فيه لائقاً لسلام الله. وسلام الله خاص لعباده المخلصين. أولئك الذين أحاط بهم الحق وعلى أساسه يبلغون ويرشدون.
﴿سلام على نوح في العالمين، سلام على موسى وهارون، سلام على إبراهيم ﴿وكذلك نجزي المحسنين.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام (في نهج البلاغة): "إنما قوله فعله لا بصوت يقرأ ولا بنداء يسمع".
فسلام الله ليس لفظاً، بل هو عمله فإذا سلّم الله تعالى، فإنه يسلم الإنسان وينجيه من الأمراض، كما نلاحظ في تتمة الآية التي أمر فيها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالسلام أن يضيف: ﴿كتب ربكم على نفسه الرحمة. وهذه الآية تشير أيضاً إلى أهمية العلم والإيمان. أما في المجالس التي تهتك فيها المعارف الدينية والحق، كما في الآية 68 من سورة الأنعام: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره.

وفي سورة النساء الآية 140: ﴿وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره.
فالجلوس في مثل هذه المجالس يعتبر تأييداً للاستهزاء وهذا التأييد أو حتى السكوت لا يترك للحق مجالاً للوقوف في مقابل الباطل. فإذا لم تقوموا ﴿إنكم إذاً مثلهم. حتى مع هذا التفاوت بأنهم كافرون وأنتم منافقون. لأنكم إذا اشتركتم: ﴿إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً.

ولأن النفاق هنا، في نفس الوقت الذي هو باطل، يوجه ضربة إلى حيثية الحق فهو أدنى. كما تقول الآية 145 من سورة النساء: ﴿إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار.
كما أن المؤمنين درجات في الجنة ﴿بعضها فوق بعض. فأهل الباطل أيضاً دركات. والمنافق يقع في أسفل درك في جهنم. لأن ظاهره حق وباطنه باطل. وإضافة الحق إلى الباطل يؤدي إلى بطلان الحق أيضاً كما يقال في اللغة: الإضافة على المعلوم تجعله مجهولاً ﴿قل جاء الحق وما يبدى‏ء الباطل وما يعيد.
                                                                                                                                                                                                                                                           

(يتبع)

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع