مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

عقيدة: الأدلّة على ضرورة إرسال الأنبياء

آية الله جوادي الآملي

من الأدلة التي يمكن عرضها قوله تعالى:
﴿وما قدروا الله حقّ قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدىً للناس. (الأنعام:91)
من هذه الآية نفهم أنّ أولئك الذين أنكروا النبوة والوحي لم يعرفوا الله، لأنّه لا يمكن أن يخلق الله الإنسان ثم لا يهديه. فإذا كان الله هو الخالق يلزم أن يكون المربي للمخلوق. ولهذا يجب على الإنسان أن يستفيد من هذه الربوبية، لأنّه ليس مثل الشجرة أو الحيوان اللذين يقتصران على الغذاء المادي. فالإنسان إضافةً إلى جسمانيته روح مجردة لا تزول وبعبارة أخرى: بما أنّ الله رب العالم والإنسان، يلزم أن يكمل الإنسان من هذا الطريق. وتكامل الإنسان وتربيته إنّما يكون عن طريق العقل والفكر، العقيدة والأخلاق والعمل الصالح.
فالإنسان إذن عندما ينكر الوحي والرسالة يُعلن أنّه لم يعرف الله لأنّ الله تعالى لا يترك البشر بدون برنامج. وبما أنّ هذا البرنامج يرتبط بروحه التي لا تفنى بل تنتقل من عالم إلى عالم لزم أن يكون حامله مطلعاً على مستقبل الإنسان.

وبكلام موجز، ترتكز هذه الآية على أربع مقدمات:
1-لا يفنى الإنسان أبداً، بل ينتقل من عالم إلى آخر.
2-يحتاج الإنسان إلى الفكر والعمل الصالح.
3-الذي يقرّر هذا البرنامج يجب أن يكون مطلعاً على المستقبل والعالم الآخر وهو الله تعالى.
4-منكر النبوة منكر الله.

وبهذه المقدمات تتضح مقدمات ضرورة إرسال الأنبياء وعلاقتها بالمبدأ والمعاد.

* أقسام النبوة
تنقسم النبوة إلى قسمين:
1-النبوة العامة
2-النبوة الخاصة

فالنبوة العامة لا تختص بشخص ما بل يتم البحث فيها حول أصل النبوة. أمّا النبوة الخاصة فهي ما يرتبط بنوة أشخاص معينين مثل موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام والأنبياء الآخرين. وفي النبوة الخاصة لا طريق للعقل في تحديد المصاديق.. ولكن العقل يفهم الأمور ويعلم أنّ هذا العالم لا يمكن أن يكون بدون نبي. ومن الضروري أن يُرسل الله الأنبياء. وللنبي خصائص محدّدة من قبيل المعجزة والعصمة وعلم الغيب ونزول الوحي عليه. ويدرك العقل هذه الأمور على أساس أنّها علامات. من يظهرها فإنّه بحكم العقل يكون نبياً.

في سورة الأنعام الآية 124 يأتي الحديث عن النبوة الخاصة بقوله تعالى: ﴿وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتّى نؤتى مثل ما أُوتي رسل الله.
فيجيبهم الله: ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾.
ولهذا فإنّ البحث حول لياقة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وحضرة موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام هو بحث منفصل ويرتبط بالنبوة الخاصة. ولكن بحثنا حول ضرورة إرسال الأنبياء.

* هداية وعصمة الأنبياء
أولئك الهداة الذين يرسلون لأجل الإنسان هم بتعبير القرآن مهديون ويتمتعون بالنعم الإلهية الخاصّة. ونحن يومياً نكرّر في آخر سورة الفاتحة أثناء الصلاة قوله تعالى ﴿إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم.
هذا الصراط هو صراط الأنبياء كما جاء في سورة الأنعام في الآية 83 حتى 89 عند ذكره أولئك الذين أنعم الله عليهم ﴿..أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة.
ثمّ يقول: ﴿فإنّ يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين.
وعندها يشير إلى رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿أولئك الذين هدى الله.

وهذه هي الهداية الخاصة التي تقارنها العصمة، وليست الهداية العامة التي تشمل كلّ الناس: ﴿إنّا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإما كفورا. (الدهر:3).
وتلك الهداية الخاصة بالأنبياء ولذلك يأمر الله تعالى نبيه: ﴿فبهداهم اقتده. وعليه يكون خطابك مثلهم: ﴿قل لا أسألكم عليه أجراً إن هو إلاّ ذكرى للعالمين.
عندما يذكر القرآن تلك الهداية الخاصّة يقول أيضاً: ﴿ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام. (الزمر:37).
لهذا فالضلالة ليس لها أيّ نفوذ في النبي، وهذا ما يعبر عنه بالعصمة.

* الشيطان المضل
قال تعالى: ﴿ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنّه لكم عدو مبين. (يس:60)
وفي الآية 62 من نفس السورة يقول سبحانه: ﴿ولقد أضل منكم جبلاً كثيرا.

ونحن نستنتج من هذه المقدمة أن الشيطان مضلّ وقد أضلّ الكثيرين، ثم التفتوا إلى هاتين المقدمتين:
1-في سورة الأنعام- كما ذكرنا- الله تعالى يهدي الأنبياء.
2-وفي سورة الزمر وفي سورة الكهف: ﴿من يهدِ الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا (الكهف:17)
وفي سورة النساء تتحدد هذه الصفات أكثر حيث يقول تعالى: ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
وهذه النعمة هي نعمة النبوة والهداية الخاصّة والعصمة لا النعمة المادية .
وبعد اتضاح هاتين المقدمتين نصل إلى هذه النتيجة وهي: أنّ الشيطان رغم أنّه مضلّن لا تأثير له ولا نفوذ في الأنبياء الذين هداهم ولا يمكن له ذلك.
ونحن نسأل الله تعالى في كلّ يوم هذه الهداية والنعمة الإلهية.

* الأنبياء والناس
يقف الناس مقابل دعوة الأنبياء ثلاث فرق:
1-فرقة تواجههم.
2- وفرقة تقبل ولكن تنحرف.
3- وفرقة تقبل ولا تنحرف.

ونقرأ في الآية 32 من سورة فاطر: ﴿ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير. لأنّ الذي يكفر يظلم نفسه لأنّه لا يستطيع أن يؤثّر في نظام الوجود ﴿وإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإنّ الله لغني حميد (إبراهيم:8).

الخلاصة:
1- الذي ينكر النبوة، إنما ينكر الله.
2- من معرفة الله الربوبية، ومن شأن الربوبية هداية الإنسان إلى كماله.
3- الهداية يجب أن تكون عبر برنامج يحصل بإرسال الأنبياء.
4- النبوة قسمان: عامة وخاصة.
5- العامة هي التي تسمى بأصل ضرورة النبوة.
6- الخاصة ترتبط بنبوة أشخاص معينين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع