مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

كانت وصيته...

إعداد: ديما جمعة فواز


حصل ما كانت تخشاه.. اكتشف والدها الأمر ولا بدّ أنه سيعود الليلة من عمله لينهال عليها إهانات وتوبيخاً... ولكن، لماذا تستبق الأمور؟ لعله سيسامحها رغم ما عرفه وسيعطيها فرصة لتبرّر تصرفها. فتحت دفتر مذكراتها وخطّت بأنامل مرتجفة "الليلة... المواجهة... اللهم أعطني القوة لأواجه وأدافع" وأجهشت بالبكاء...

لطالما شعرت بالوحدة في هذا المنزل. والدتها منشغلة دوماً بأعمال متعددة، وبمتابعة الأخبار الاجتماعية لنساء الحي. أخوها الكبير يراقبها طوال الوقت وفي حال تأهب دائمة لإزعاجها. ووالدها لم يتفهم يوماً ما تريده.

لن يسامحها! كان رافضاً للمشروع منذ صغرها. لطالما توسلت إليه ورجته ولكنه مقتنع تماماً برأيه. كيف يتجرأ على الرفض؟! لا بد أن تقف الليلة بقوة وتعبّر عن رأيها! وفجأة سمعت باب المنزل يُصفق فانتفضت من سريرها واقتربت بخطى متردّدة نحو باب غرفتها. وقفت تترقب ما الذي سيحصل... سمعت والدها يهمس لأمها كلاماً غير مفهوم، تَبِعه صياح وعويل...

عادت أدراجها مرتبكة... لم تتوقع أن تكون المفاجأة صاعقة إلى هذا الحدّ! حسناً هي مخطئة بنظرهما ولكن، لماذا تولول والدتها وتئن بألم؟

وقفت أمام المرآة ونظرت بحزم إلى نفسها... ستخرج الليلة من غرفتها بهذا المظهر... بما أنهم عرفوا، فلم يعد يهمها شيء وستقول لهم الحقيقة، وستصرّ على موقفها مهما حصل... وحين همّت بالخروج للمواجهة طرق والدها باب الغرفة ودخل متلكئ الخطى، مطأطئ الرأس. جلس عند حافة سريرها وأجهش باكياً... رغم أنها استغربت ردة فعله ولكنها تمالكت نفسها وقالت: "أبي، نحن خُلقنا لهدف أسمى من مجرد اللهو، نحن خلقنا لطاعة الله وعبادته، وأنا أعرف أنك تتوق لرضاه جلّ وعلا..." وحينها ارتفع صوت الأب بترداد عبارة: "إنا لله وإنا إليه راجعون" أردفت هامسة: "إذاً لماذا استقبلت الخبر بحزن وألم؟ توقعت منك إما أن تغضب أو أن ترضى ولكن لم أتوقع الضعف والأنين".

أجاب الوالد بغصة: "أنا راضٍ يا حبيبتي ولكن الفراق صعب... كان دوماً يعظني ويطلب منك أن تتحجبي... أتذكرين آخر مرة أتانا زائراً وتكلّم معك ومع والدتك ورجاكما أن تضعا الحجاب؟ كانت تلك وصيته قبل رحيله...".

رفع الأب نظراته ورأى ابنته وقد وضعت على رأسها الحجاب وارتدت ملابس فضفاضة... نظر إليها كأنه يراها للمرة الأولى وهي تبكي وتسأله: "وصية من؟ ما الذي حصل؟" قاطعها قائلاً: "ما هذا يا ندى؟ متى ارتديت الحجاب؟" أجابت باستغراب: "منذ بضعة أيام صدقني وكنت أخرج وأدخل دون أن تلاحظوني لأنني أعرف أنك ترفض فكرة حجابي ولكن يا أبي غضب الله شديد وعقابه أصعب من عقابك... فسامحني وارضَ عني". وفجأة سمعا أخاها يدخل المنزل بحالة هلع صائحاً: "أبي، هل علمت بالخبر؟ لقد استشهد عمي... عمي الغالي رحل" نظر إليه الأب، وفي صوته همس وحنين، قال: "لا تبكوا فالليلة عندنا عيدان... فلنتقبل التهاني بشهادة عمك وحجاب أختك فهو كان ممن يردد عبارة (حجابك أختي أغلى من دمي)".
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع