مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تعرف على الإمام القائد: سجاياه


إن الإنسان بحاجة إلى التأمل في أعمال وأقوال الشخصيات العظيمة كالأنبياء والأولياء، والتعمق في جوانب من حياتهم -خصوصاً اليومية مع أهلهم ومعاونيهم وتلامذتهم -لتكون مشعل هداية في حياته.
فحياة هؤلاء العظام زاخرة بالسجايا الأخلاقية والسمات الوضاءة والسمو الروحي، والتي لا يتأتى لكل إنسان التعرف إليها، إلا المقربين من تلامذتهم.
ومن بين هذه الشخصيات ولي أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى الخامنئي (دام ظله العالي)، هذا الإنسان المتكامل الجوانب، الذي تربى على يد المعلم العظيم الإمام الراحل قدس سره والذي كان تجسيداً للإسلام المحمدي الأصيل، فلو تأملنا أعماله وأقواله لأدركنا أنها تكشف عن دافع خاص ونية سامية، ولاتضح لنا عظمة روحه وسمو مقامه والتي جعلت منه شخصاً ممتازاً كالإمام الراحل قدس سره، يمكنه تجسيد خصوصيات ولي الأمر في المجتمع بأسلوب عمله وتفكيره وأقواله.


* زهده
فهو الزاهد الحقيقي الذي نبذ الدنيا ولا يشعر بدافع يشده نحوها، فرغم امتلاكه الإمكانات اللازمة للوصول إليها. ورغم أن الدنيا قد فتحت له ذراعيها وتوفرت له الظروف المناسبة للوصول إلى كل ما تشتهيه نفسه من معالم الرخاء والرفاهية، لكن لا يلاحظ عليه أدنى تعلّق -مهما صغر قدره -بالأمور الدنيوية، وأي انجذاب نحو المظاهر المادية.

يقول حجة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر الحسيني ممثل طهران في مجلس الشورى حول زهده وتقواه: حسب معرفتي المقربة بالشخصية العظيمة لسماحة آية الله العظمى الخامنئي، فقد رأيته زاهداً حقيقياً راغباً في الآخرة، وأن الزهد والبساطة تحكمان حياته الشخصية بصورة بحيث لا يمكن للناس القبول والتصديق بذلك أحياناً.

ففي أيام تصديه لرئاسة الجمهورية، قلت لسماحته: إن المشرفين على برنامج (الأخلاق في الأسرة) يرغبون في إجراء مقابلة معكم ومع عائلتكم لعرضها للناس على شاشة التلفزيون -إن سمحتم بذلك ـ، فتأمل سماحته قليلاً ثم قال: لكن هناك مشكلة، فقلت له: وما هي؟ قال: قد لا يصدق الناس إن حياتي الشخصية بسيطة وعادية لو عرض عليهم فيلم عن ذلك.

ويقول محسن رفيق دوست رئيس مؤسسة معوقي الثورة الإسلامية، "أنه لم تكن في بيت سماحة آية الله العظمى الخامنئي ثلاجة فترة رئاسته الجمهورية، فأحضرت له ثلاجة، وبعد فترة تعطلت هذه الثلاجة لكن سماحته لم يبين إلى نهاية فترة رئاسته أن الثلاجة قد تعطلت وعاش كل هذه الفترة بدون ثلاجة"

ويقول رفيق دوست أيضاً:
"ذهبت ذات مرة إلى بيته -أيام رئاسته الجمهورية-، فرأيت أطفاله يتناولون في الإفطار الجبن لكن بشهية كبيرة، فقال سماحته: لم يكن في البيت جبن منذ فترة، لأنه لم يعلن عن بطاقة التموين الخاصة بالجبن، أما الآن وبعد أن حصلنا على الجبن تلاحظ أن الأطفال هكذا يتناولونه".

وقال أيضاً: "كان بيته مفروشاً ببسط حقيرة ممزقة، فجمعناها -في غيابه وقمنا ببيعها، وأضفنا عليها مبلغاً من أموالي الشخصية واشترينا سجاداً جديداً فرشنا به البيت، لكن عندما عاد سماحته إلى البيت: قال لي: ما هذا يا محسن؟ قلت: إننا بدلنا البسط القديمة، قال سماحته: لقد أخطاتم بفعلكم هذا اذهبوا وأعيدوا تلك البسط، فذهبنا وبعد عناء كبير عثرنا عليها وأعدناها إلى بيته".

* تواضعه
رغم عظمته وجلالة قدره وعظم منصبه إلا أنه كثير التواضع، ورغم كثرة مشاغله ومسؤولياته الجسيمة إلا أنه يعامل الجميع بلطف وسعة صدر. يقول الأخ شوشتري أحد قادة حرس الثورة الإسلامية:
"عندما كنا نرافقه في الجبهة لزيارة بعض الوحدات، كان يعامل الجندي الذي يحرس بوابة المقر بمحبة ومودة وألفة وأخوة وهو رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الدفاع الأعلى بحيث كنا نخجل من أسلوب تعاملنا -نحن القادة -مع الجنود، وكذا كان تعامله مع القادة حينما تعقد جلسة بحضوره، فمع أنه كان حازماً في اتخاذه القرارات، إلا أن تعامله معنا كان عاملاً محفزاً لقيامنا بأعمالنا أفضل من ذي قبل".
 

والأعظم من كل ذلك هو عدم قبوله لمنصب المرجعية والإفتاء لوجود أفراد مؤهلين للتصدي لهذا المنصب. ففي خطابه يوم مولد الإمام الجواد عليه السلام بتاريخ 10 رجب 1415هـ وبعد أن طرح اسمه ضمن الأفراد المؤهلين للمرجعية، قال سماحته: إنني استثقل قبول حمل المرجعية، لأن السادة ، ولله الحمد -موجودون ويمكنهم تحمل المسؤولية.
 

وكذلك عندما انتخب بعد رحيل الإمام قدس سره قائداً للثورة الإسلامية من قبل مجلس الخبراء وكذا انتخابه لرئاسة الجمهورية في دورتين متتاليتين.
وقد أشار الشيخ الهاشمي الرفسنجاني في خطبة صلاة الجمعة بتاريخ 26 رجب 1415هـ بهذا الصدد مفنداً دعايات الأبواق الاستكبارية حيث قال:
"أن مقام المرجعية يختلف كثيراً عن باقي المناصب، فالقائد كان عازفاً حتى عن المناصب الدنيوية والعادية، وأنتم تأخذون بشهادتي هذه لأني كنت أعرف القائد منذ كان شاباً وحتى يومنا هذا، وهي فترة تمتد إلى (40) عاماً مضت، فلم ألاحظ طوال هذه المدة الطويلة أنه كان يتطلع إلى الرئاسة أو الإدارة أو المناصب وكان عازفاً عنها، وكان ينتظر الشخص الأصلح لملء هذا الفراغ.

ففي أوائل الثورة كان الجميع يقولون بوجوب انضمام رواد الثورة في مجلس الثورة، ونحن بعد الرجاء تمكنا من دعوة سماحة الخامنئي من مشهد حيث أشار الإمام بضمه إلى عضوية مجلس الثورة أوائل انتصارها.

وحينما كان الحديث يدور حول رئاسة الجمهورية لا تعرفون كم تحملت من المشاق حتى أقنعته بالموافقة وترشيح نفسه للرئاسة، وحينما انتهت دورة الرئاسة الأولى لم يقبل بكلامي لترشيح نفسه للدورة الثانية، بينما كنا نصر عليه ونقول، أن البلاد بحاجة إليك، وانتهى بنا الأمر إلى أن نتوسل بالإمام، وقال له سماحة الإمام: عليك أن تقبل... ولم تكن من عادة الإمام أن يشير لأحد ليتولى هذا المركز أو ذاك، ثم كانت قضية القيادة، وحينما كنا نشعر أن الإمام سيرحل عنا، كانت أمامنا مشكلة جادة لا نعرف كيف نعالج قضية ولاية الفقيه أو فراغ القيادة، وعندما طرحنا على سماحة الخامنئي في جماران القضية كان يعارض ليس انتخابه قائداً وإنما حتى أن يكون عضواً في مجلس القيادة، وبذلنا جهوداً ونحن مجموعة حتى أقنعناه بقبول عضوية مجلس القيادة على الأقل.

وفي هذا الشأن لدي الكثير لأقوله وليس أوانه الآن، وقد تحدثت معه كثيراً، فمنذ اليوم الذي تدهورت فيه صحة المغفور له الأراكي وحتى وفاته لم أشاهد من قائد الثورة أية بادرة تنم عن رغبته في تولي منصب المرجعية.
فليس في قلب هذا الرجل غير طاعة الله والخدمة وتأدية الفريضة الإلهية.
نعم لولا المسؤولية الشرعية وعدم وجود من يتحمل ذلك لما قبل سماحته هذه المسؤوليات، وذلك لشدة تواضعه.

* حرصه على بيت المال
إن سماحة آية الله العظمى الخامنئي (دام ظله العالي) ورغم حكومته الشرعية أو سلطته على الدولة وما هو متاح له من حرية في اتخاذ القرارات، لكنه لم يحاول استغلالها للوصول إلى مكاسب مادية وأهداف شخصية.
ونكتفي هنا بعرض نموذجين في فترة رئاسته للجمهورية:

1- يقول الأخ شوشتري:
"جاء السيد (الخامنئي) إلى مقر عمليات والفجر -10 حسناً، إن مجيء رئيس الجمهورية إلى مقر ما مفرح ويعتبر توفيقاً في الوقت نفسه، ولهذا أراد الإخوة في المقر إبداء فرحهم، فذهبوا لإحضار طعام الغداء وكنا في الخيمة التي أعدت للسيد (الخامنئي) -ستة أشخاص.
أحضروا طعام الغداء زائداً عن المعتاد، فقال السيد (الخامنئي): حسناً يا فلان، بما أنكم تجاهدون وتعملون وتبذلون جهوداً، فأبدانكم تحتاج إلى طاقة، ولا أقول لكم لماذا تتناولون هذا الطعام؟ لكن هل إن العناصر التي تحت أمرتكم تتناول مثل هذا الطعام أيضاً؟ فسكت الجميع.
ثم قال السيد (الخامنئي): طبعاً سأتناول معكم الآن لتعلموا أنني أرغب أن تعتنوا بأنفسكم، لكن اعلموا أن لكل شيء مكاناً. فيقال الآن بما أن رئيس الجمهورية قد حضر إلى هنا فأعدوا له كل ذلك، اذهبوا واحضروا لي الغداء الذي يتناوله الجنود ليعلموا أنني رئيس الجمهورية أتناول مثلما يتناولون ولا فرق بيني وبينهم، وإلا فسوف يكون حضوري هنا فخرياً.
ثم أوصانا بالاهتمام ببيت المال".


2 -والنموذج الآخر وهو أيضاً نقلاً عن الأخ شوشتري، يقول:
عندما كنا برفقته مع أحد حراسه لزيارة (الفرقة 21)، فأوصانا السيد منذ البداية بإحضار سيارتين فقط، لكن عندما خرجنا من الأهواز، شاهدنا عشر سيارات أخرى تتبعنا دون أن نعلم، فواصلنا مسيرنا، لكن فوجئنا حينما قال السيد (الخامنئي) للسائق: توقف ثم التفت إليّ وقال: اذهب وأمر السيارة الثانية وما بعدها بالعودة إلى الأهواز، أو إذا أرادوا المجيء فليذهبوا لوحدهم، ولا مبرر لأن يتبعونا. ثم قال: يا فلان: انتبه جيداً، عندما تتحرك هذه القافلة وأنا فيها، فستكون أسوة للآخرين ليقولوا لأنفسهم بمثل هذه التشريفات. فمسؤول عادي مثلي يكفي أن يحرسه اثنان بسيارة أو سيارتين فقط، وسوف نلتقي بهم هناك إن أرادوا المجيء، وإلا فلماذا يأتون؟ وخلاصة الكلام نزلت من السيارة وقلت لهم أن السيد (الخامنئي) يأمركم بالرجوع من حيث أتيتم.
هكذا كان حرص سماحة آية الله العظمى الخامنئي (مد ظله) على بيت المال.

* أنسه بالقرآن
"على الرغم من أن الأساس في الحوزات العلمية هو الفقاهة، إلا أنه يجب عدم الغفلة عن العلوم الأساسية الأخرى، وعلى سبيل المثال يجب أن لا يغفل عن القرآن، علوم القرآن، فهم القرآن والأنس به، يجب أن يكون القرآن جزءاً من دروس الحوزات، وعلى طلابنا في الحوزات حفظ القرآن أو جزء منه على الأقل. فالكثير من مفاهيم الإسلام من القرآن"."إنني أشعر أن من حفظ القرآن وأنس به كان به أقرب إلى فهم المعارف الإسلامية ممن لم يأنس به".
مقطعان من خطابات آية الله العظمى الخامنئي (مد ظله العالي) الموجه إلى الحوزات يبينان مدى اهتمام سماحته بالقرآن الكريم.

بدأ اهتمام السيد الخامنئي وأنسه بالقرآن منذ طفولته حيث التحق بالمدارس الدينية القديمة (الكتاتيب)، بعدها قام بعقد جلسات قرآنية درس فيها زملاءه قواعد القراءة الصحيحة وهو في الثانية عشرة من عمره الشريف.


ولشدة شغفه بالقرآن لم يشغله دخول الساحة السياسية والجهادية ضد الشاه من أوسع أبوابها وما اكتنفها من جهاد وعمل وسفر وتشريد ومضايقة وإبعاد وسجن، إلا أن كل ذلك لم يشغله عن القرآن الكريم، فبدأ درس التفسير لطلبة العلوم الدينية وطلبة الجامعات والشباب، وكلما أغلق النظام أو ضيق على درس بدأه بنشاط أكبر في مكان آخر. كل ذلك لإيمانه القلبي بان طريق الهداية والنجاة هو بالتمسك بالقرآن العظيم والعمل به.
وبعد تولي سماحته قيادة الثورة، استطاع تحقيق آمال الإمام الراحل قدس سره القلبية، فحقق ما لم يتسن للإمام رحمه الله إكمال تحقيقه لظروف الثورة وما أحاط بها من مؤامرات استكبارية عالمية خصوصاً الحرب المفروضة، فشهدت إيران الإسلام بعهده الميمون -باللطف الإلهي واهتمامات القائد المبجل -نهضة قرآنية عظيمة ما شهد التاريخ الإسلامي مثلها منذ عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعهد علي بن أبي طالب عليه السلام. فلا يكاد الإنسان يدخل بقعة مباركة أو مسجداً أو مجلساً حتى البيوت إلا وتشده ترانيم المقرئين تجويداً وترتيلاً وحفظاً، ويشاهد إقبالاً للشعب قل نظيره على حفظ وتلاوة القرآن وخصوصاً الأطفال واليافعين، حيث بلغ عدد الذين دخلوا المسابقة الدولية لحفظ وقراءة القرآن سنة 1414هـ في مرحلتها الأولى (7) ملايين، وأن هذا العدد سيتضاعف في سنة 1416هـ ليصبح (13) مليوناً.

وبرز الكثير منهم في هذه المسابقات مثيرين إعجاب العالم وأساتذة القرآن خاصة غير الإيرانيين. وفي ذلك يقول الأستاذ الشيخ محمد العربي القباني من سوريا (إنني رأيت أطفالاً يحفظون كل القرآن أو الجزء الأعظم منه ويتلون القرآن تلاوية صحيحة جداً، والفضل في ذلك يعود إلى اللطف الإلهي بالشعب الإيراني وإلى اهتمامات وهمة قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله الخامنئي، إذ أنه إنسان عاشق للقرآن ويهتم كثيراً بالنشاطات القرآنية حفظاً وقراءة وتجويداً".

نعم، إن سماحة آية الله العظمى الخامنئي (دام ظله العالي) يتبنى بصدق ومحبة وإيمان عميق له جذوره خدمة القرآن الكريم، فهذه الأجواء القرآنية التي تعيشها إيران هي نتيجة يقين سماحته بأن إكرام القرآن إعزاز للمسلمين ليس في إيران الإسلام فحسب، بل في العالم العربي والإسلامي. فبالقرآن يجمع شمل المسلمين وتتوحد الأمة وتكون شوكة في عيون أعدائها كما كان يتمنى الإمام الراحل رحمه الله في أول صيحة أطلقها وأول خطوة خطاها، والذي كان همه خدمة القرآن الكريم، لأنه السبيل الوحيد لتوحيد المسلمين في العالم.

ومن المظاهر التي أشرقت إيران بها في عهد القائد الخامنئي (حفظه الله):
1- توسيع المسابقات القرآنية العالمية السنوية والتي يحضر سماحته بعض جلساتها وختامها، وتكريمه الفائزين وغيرهم من المتميزين إيرانيين وغير إيرانيين.
2- تأسيس دار (أسوة) لطباعة القرآن الكريم وترجمة معانيه في قم المقدسة لتوزيع نسخ القرآن الكريم على مسلمي العالم وبواقع 3 ملايين نسخة سنوياً، منعاً لانتشار ترجمات غير صحيحة للقرآن الكريم.
3- افتتاح كليات خاصة لإعداد معلمي القرآن في مختلف المدن الإيرانية.
4- تأسيس إذاعة القرآن الكريم عام 1983 باهتمام ومتابعة خاصين من قبل سماحته.
5- إقامة مجالس خاصة سنوياً في رمضان لتلاوة القرآن الكريم يدعو فيها أشهر القراء وأساتذة القرآن في إيران يوصيهم بها بحفظ وقراءة القرآن الكريم بتدبر وإدراك لمعانيه مؤكداً على ضرورة إقامة المجالس القرآنية في المساجد ومختلف المراكز.

* اهتمامه باللغة العربية
"بما أن لغة القرآن والعلوم والمعارف الإسلامية هي العربية، وأن الأدب الفارسي ممتزج معها بشكل كامل، لذا يجب تدريس هذه اللغة بعد المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية في جميع الصفوف والحقول الدراسية".
هذا النص المأخوذ من فقرة في دستور الجمهورية الإسلامية طبع باللغتين العربية والفارسية على غلاف كتب تعليم العربية في المدارس الإيرانية.
وأما حول اهتمام سماحة آية الله العظمى الخامنئي (دام ظله العالي) بالعربية والأدب العربي، فلنستمع إلى كلمة الدكتور محمد علي اذرشب المستشار الثقافي لسماحته في ندوة إذاعة طهران العربية حول ملامح الأدب في زمن الصحوة الإسلامية.

يقول الدكتور آذرشب: "آية الله الخامنئي يعشق الأدب واللغة العربية وأنه وحتى اليوم مع زحمة الأعمال التي تحيط به، يعقد جلسات بحث أسبوعية في الأدب والشعر العربي يتعرض خلالها لقليل من الشعر القديم ولكثير من الشعر الحديث، وخلالها سمع مراراً يقول طالما تمنيت أنني ولدت في بلد عربي يمكنني من الكلام باللغة العربية، لقد طالع موسوعات في الأدب العربي بأجمعها ووضع عليها هوامش وتعليقات من ذلك كتاب الأغاني، فقد طالعه بأجمعه ووضع على حواشيه تعليقات وملاحظات هامة، كما وضع فهرساً كاملاً بنفسه قبل أن تبادر دار الكتب إلى طباعة فهرس الأغاني، وحاول منذ سن مبكر أن يقرأ كتب جبران خليل جبران ويترجم له ويقرأ ديوان الجواهري ويعلق عليه، وحتى في السجن لم يفوت فرصة الارتباط بمن له ذوق بالأدب العربي، من ذلك أنه التقى في سجن القلعة سنة 1963 بمجموعة من السجناء العرب الخوزستانيين، فأنس بهم وأنسوا به وكان منهم المرحوم السيد باقر النزاري، ولا يزال السيد القائد يردد ما سمعه من هؤلاء الإخوة من أشعار، ويقول سماحته أن السيد النزاري يردد كثيراً هذا البيت:
أتت وحياض الموت بيني وبينها وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل ويردد السيد النزاري هذا البيت أيضاً:
سأصبر حتى يعلم الصبر أنني صبرت على شيء أمرّ من الصبر
ويذكر سماحته (حفظه الله) أنه كان دائماً يحاول أن يتكلم مع هؤلاء العرب ويتحادث معهم، وكان يعلم بعضهم قواعد اللغة العربية ويتعلم منهم المحادثة العربية، حتى أنه حينما خرج من السجن عملوا له هوسة: "يا سيد جدك ويّانه".

وأختم كلامي ببيتين سمعتهما منه (حفظه الله):
ثقلت زجاجات أتينك فرّغا حتى إذا ملئت بطيب الراح
خفّت وكادت أن تطير بما حوت إن الجسوم تخف بالأرواح
إلى هنا ينتهي كلام الدكتور أذرشب، وقد أوضح فيه بشكل موجز علاقة سماحة آية الله العظمى الخامنئي (دام ظله العالي) باللغة العربية وآدابها، وكيف لا يكون هكذا وهو القائل "اللغة العربية مفتاح كنوز المعارف الإسلامية".

* مشاركته في جبهات الحرب المفروضة
مع بدء العدوان البعثي الغادر على دولة الإسلام الفتية بتحريك القوى الاستكبارية، واحتلاله جزءاً من الأراضي الإسلامية، شعر هذا العالم المجاهد بالخطر الذي يحدق بهذه الدولة وبالمسؤولية الشرعية في الدفاع عن بيضة الإسلام، فتوجه إلى جبهات الحرب رغم مسؤولياته الجسام ومشاغله المتعددة، وكان من العلماء الأوائل بل من أوائل المتطوعين الذي التحقوا بركب الجهاد، وكان أول عالم دين يلبس الزي العسكري في الجبهات وكما يقول سماحته: "... سلمونا البدلة العسكرية، وكانت هذه المرة الأولى التي ألبس فيها الزي العسكري، ولعله لم يلبس أي عالم دين حتى ذلك الحين الزي العسكري في الجبهات، بل كان طلبة العلوم الدينية يترددون على مدينة خرمشهر ويوجدون في الجبهات بالزي العلمائي بعد أشهر من هذه القضية".

وكان لسماحته الدور البارز في عدم سقوط مدينة الأهواز بأيدي البعثيين أوائل الحرب، يقول الشيخ الرفسنجاني عن تلك الأيام:
"... لولا ذهاب السيد الخامنئي والشهيد جمران إلى الأهواز وأمرهم بحفر خندق حول أطراف المدينة، ولولا مقاومة المجموعات الصغيرة من قوات الحرس لسقطت مدينة الأهواز أيضاً".

فوجود سماحته في الأشهر الأولى من الحرب في الجبهات، وشارك في العديد من العمليات غير المنظمة، وكذا في إحدى العمليات العظيمة في منطقة الأهواز حيث تلقى العدو في تلك العملية ضربات مهلكة من قوات الإسلام.

ولكن بعد توليه رئاسة الجمهورية، لم تتسن له الفرصة للمشاركة في جبهات الحرب بصورة مستمرة، يقول سماحته:"بعد تسلمي لمنصب رئاسة الجمهورية لم تتسنَّ لي الفرصة -وللأسف -للوجود المستمر في الجبهات سوى مرة أو مرتين وبصورة مؤقتة وقصيرة".
لكن رغم كل ذلك كان سماحته ينتقل بين الحين والآخر داخل الجبهات لتعزيز معنويات المقاتلين الأبطال وحل مشاكلهم المعنوية والمادية والعسكرية كما أنه عمل على تنسيق عمل القوات المسلحة خلال عمله عضواً في مجلس الدفاع الأعلى.

وقد هنأه الإمام الراحل قدس سره على وجوده في جبهات القتال في البرقية التي بعثها إليه إثر تعرضه لمحاولة الاغتيال، حيث قال قدس سره.
... وما نقموا منك إلا لأنك جندي مستبسل في جبهة الحرب و...
وإنني أهنئك أيها الخامنئي العزيز على خدمتك لهذا الشعب المظلوم في جبهات الحرب بملابس القتال وخلف الجبهة بالزي العلمائي...".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع