مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

تفسير سورة الحمد



في الحلقة الماضية تم الحديث بصورة موجزة عن الاستعاذة من الشيطان باعتبارها مقارنة للابتداء باسم الله، بل قبله، من حيث إن تخلية النفس وفراغها من تسويلات إبليس يكون قبل تغذيتها وتلقينها كلام الله سبحانه وتعالى. وباعتبار أننا نريد تفسير سورة الحمد على حلقات فسيكون كلامنا في هذه الحلقة عن سورة الحمد بصورة إجمالية على أن نعود للكلام بشكل أوسع في الحلقة التالية.
 

لقد مر أن من جملة ما روي من تسميات لسورة الحمد اسم "أم الكتاب" ففي صحاح الجوهري قال: أم الشيء أصله.
وفي مجمع البحرين قال:... سميت فاتحة الكتاب أماً لأنها أوله وأصله، وقيل سميت أماً لأنها جامعة لأصل مقاصده ومحتوية على رؤوس مطالبه.

وجاء عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما يوافق أهل اللغة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لكل شيء أساس وأساس القرآن الفاتحة وأساس الفاتحة  ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم.

وإذا تأملنا قليلاً فإنا سنجد السورة المباركة مشتملة على مبدأ الوجود وغايته كما هو ظاهر من أول السورة "باسم الله" ومن قوله تبارك وتعالى: ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، ومشتملة أيضاً على ذكر السالك ومراتب سلوكه من مرتبة التخضع والدعاء في طلب الهداية بواسطة أهل الولاية ووجاهتهم إلى مرتبة التعبد والاعتراف بالعبودية، والرجوع إليه في الاستعانة وفي المرتبتين بصيغة الجمع إشارة إلى توقف العبودية والاستعانة على لسان الجماعة بعد عمل الجماعة وذلك في قوله تعالى: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ و﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين.

إلى مرتبة الحمد والثناء حيث لا ثناء إلا له، وبالتوجه إلى المحمود المتصف بصفتي الرب الرحيم والمالك، ﴿الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير "تبارك/1 " إلى المرتبة الثالثة أو الرابعة وهي مرتبة الاسم الجامع أو إلى جامعية الأسماء في قوله سبحانه وتعالى: ﴿بِسْمِ اللّهِ. فالسالك مذكور من مرتبة توجهه إلى وجه الله تعالى بواسطة الوجهاء والأولياء إلى مرتبة لا يبقى فيها للسالك لا اسم ولا رسم ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. "الرحمن/27 ".

ومشتملة أيضاً على قاموس السالك ومراتب التوحيد الثلاث الأفعالية والصفاتية والذاتية. لذلك فهي بحق سورة التوحيد وبهذا فهي مشتملة على كل مقاصد الصحيفة الإلهية الخاتمة.

ومشتملة أيضاً على ذكر الفاعل والمدبر الذي بدونه لا يكون للفعل كينونة ولا صيرورة. وذلك في قوله جل وتعاظم عن تميز أوهامنا: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ. هذه أربع مشملات يتم بها للعبد عقد السلوك، وتنتهي بها من أميره.

* بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم:
نقل عن أئمة أهل البيت عليهم السلام بصدد آية البسملة قولهم: "قتل اللَّه الذين يحذفون أكبر آية من آيات القرآن" وهذه الآية من الآيات التي كانت مفتتح كل سورة من سور القرآن الكريم عند الوحي باستثناء سورة براءة، ولذلك نحن نعتبر أن آية البسملة جزءً من سورتها بخلاف أهل السنة الذين لا يعتبرون ذلك واجباً فهم يسقطونها عند افتتاح السور في القراءة مع أنهم يثبتونها كتابة!!
ومن الملاحظ أن هذه الآية مؤلفة من جار ومجرور متعلق بمحذوف وليست جملة تامة. لذلك فلا بد من توجيه المسألة.
الشيخ محسن الكاشاني الملقب "بالفيض الكاشاني" في كتابه "تفسير الصافي" عند تفسير هذه الآية ينقل هاتين الروايتين.

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام"...تقول بسم الله أي أستعين على أموري كلها بالله الذي لا تحق العبادة إلا له، المغيث إذا استغيث والمجيب إذا دعي". وفي العيون والمعاني عن الرضا عليه السلام : في معنى آية البسملة "يعني أسِمُ نفسي بسمةٍ من سمات الله تعالى وهي العبادة، قيل له ما السمة؟ قال العلامة".

هنا يمكن أن تطرح الأسئلة التالية:

هل جاء الابتداء باسم الله للتبرك؟ ونجيب إذا كان للتبرك فلا يلزم تكرارها بل يكفي الحض على تكرارها تماماً كما هو في أمر التعوذ، وأيضاً فلا فرق بين صيغة وأخرى لأن التبرك يحصل بأي صيغة، ولا حاجة لذكر نص محدد. نعم باعتبار فضلهما، وكونها جزءً من سورتها، كما هو في فتاوى الفقهاء، فإن تكرارها مع بدء كل سورة له دلالة على عظمتها.
فالاسم: هو السمة والعلامة، وإذا كان كل الوجود علامات، فكل الخلق بكل مراتبه أسماء لله أيضاً.
الله: يذكر العلامة الشهيد مطهري في كتابه "معرفة القرآن" احتمالين حول مصدر اسم الجلالة ﴿الله.
الأول: أن يكون مصدر اللفظة "وله" من الوله العشق والانجذاب.
الثاني: أن يكون من مصدر "آله" ومن المألوه المعبود.

وإني أتصور عدم المانع من أخذ الجامعية في المصدر بمعنى أن لفظة الجلالة ﴿الله تعني المألوه المعبود، والمولوه المعشوق في آن معاً.
ثم إن هذه اللفظة كما هو معلوم اسم خاص لمعنى خاص، فلا يقال حتى للإله المجازي الله سواءً كان الإنسان أو الحجر أو الشمس أو... بل يقال له: إله، فهذا الاسم هو اسم للذات الإلهية، اسم له الجامعية، وهو يرمز للتوحيد الخالص، يقول تبارك وتعالى: ﴿أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى. أي أن تدعوا الله بأي اسم من أسمائه فلا مانع وهذه الأسماء موجودة في الرحمن وموجودة في القيوم و... المهم أن لا ندعو الاسم بل ندعو المسمى، لأن المسمى واحد. وهنا ﴿اللههو الاسم الجامع الذي يشير إلى التجرد في الأسماء لتحقيق التوحيد الأسمائي والذاتي.

*الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الرحمن هو اسم خاص لا يستعمل إلا لله سبحانه وتعالى وهي صيغة مبالغة على وزن عطشان وتدل على الكثرة والسعة وبهذا فرحمة الله واسعة سعة الوجود، وبها كان فيض الوجود بكل مراتبه، قال تعالى: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِين "الأعراف/56 " وهذه الرحمة لا يستثنى منها حتى إبليس، وإلا لما كان له في الوجود مكان. لأن في ساحة الله تعالى لا وجود لظلم.

* أما الرَّحِيمِ
فعلى وزن فعيل وهو اسم عام يمكن استعماله لكل بشر فنقول فلان رحيم ولا نقول رحمن. إلا أن هذا الاسم العام هو لصفة خاصة وهي ذات أثر خالد لأولئك الذين وضعوا أنفسهم في مسلك الإيمان ومهب نسيم الأعمال الصالحة. ولذلك فهي مستمرة الثمار بلا حدود، ولكنها غير شاملة إلا للمستحقين لهذا الخلود.
وعلى هذا فإن لله رحمتان رحمة عامة، وجد بها هذا الوجود كله. ورحمة خاصة لا يرحم بها إلا العالمين المطيعين.

*  الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
 الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ
إن الآية الأولى من السورة آية البسملة، لها نحو من الخصوصية والاستقلال كما سنبين ذلك فيما بعد. ولها هنا أيضاً نحو ارتباطٍ مع هذا المقطع، ومعه يستقيم المعنى للأفهام.
الحمد لله: يعني المدح والثناء الامتنان لمن له الرعاية والعناية، الرب الرحيم. وهذا الثناء والشكر لمن يستحق أن يكون رباً، دون غيره، وليس هو سوى من تحدثت عنه آية البسملة، بأنه:
الوجود المطلق ﴿الله.
وأنه المفيض المطلق للوجود ﴿الرحمن.
وأن له دعوة الحق، وجذبة الخلود ﴿الرحيم.
وعليه فلا ينبغي الثناء إلاَّ له إذ أن المحامد والنعم التي تظهر وتلك التي تستتر، وتلك التي تبدو فيها يد الغيب، أو تلك التي تبدو فيها يد الإنسان، كلها بلا استثناء منه سبحانه، فهي له على نحو الحقيقة ولغيره على نحو التجوز، فهو الذي ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ"لقمان/20 ".

وللعلامة المطهري لفتة رائعة إلى معنى أعمق للحمد، وهو العبادة.

الله هو اسم خاص لمعنى خاص.
والرحمن اسم خاص لصفة عامة.
والرحيم اسم عام لصفة خاصة.
وكأنه يريد أن يقول: أن الحمد صلاة في محراب الجمال المطلق والفيض المطلق والأوحد.

ويقول الشهيد مطهري أيضاً: أن العبادة في محراب الجمال والإحسان ظاهر، ومسلك متعارف إذ لو التقى سائقان على معبر وكل منهما يريد المرور بسيارته قبل الآخر، فبادر صاحب الحق والأسبق إلى المعبر بالتوقف ليعطي حقه بالمرور للسائق الآخر، فماذا ستكون ردة فعل السائق الآخر على حسن الصنيع غير أنس وإكبار وترنيمة باليد والرأس للدلالة على الشكر والامتنان، وهذا هو الحمد.
والحمد لله قد يحصل باللسان، إلا أن الحمد حقيقة قلبية رقيقتها وعجينتها من الذكر اللساني، ولا يدرك هذا ولا ذاك إلا باسم الله، فبإسم الله يكون الحمد وله وحده لا لسواه، وسواء في السراء أم في الضراء، وسواء كان التوجه بالحمد للرحمن الرحيم، أم للملك الديان العادل القادر.
والنص الكلي بالحمد يدل على التوحيد الكلي.

*رب العالمين: أي المدبر الأوحد لأمر العالم. وهو ولي الوجود لبلوغ مراتب الكمال. سواء أراد الدين أم أراد الآخرة، قال تعالى: ﴿وكلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً "إسرائيل/20 " ثم أن التوجه إلى حقيقة الربوبية المتحققة بصفتي الرحمة والملك، يأتي قبل التوجه إلى حقيقة الحمد. فهو سبحانه خلق الوجود برحمانيته، وسلك بهم الصراط المستقيم برحيميته، ليعيدهم إلى يوم الدين إلى العلك الديان، ومجاورته. فالحمد لله حقاً حقاً، وعميت عين لا تراك.

* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
إلى ما قبل هذه الآية كانت الآيات تتحدث بلسان تلقين كليات التوحيد المجرد الخالص.
أما هذه الآية فإنها تتحدث عن التوحيد العملي. وللشيخ مطهري لفته جميلة يقول أن الآيات السابقة تحدثت عن توحيد الله أو وحدانية الله، أما الآيات هذه فإنها تتحدث عن توحيد الإنسان. وإن لفظة إياك نعبد تدل على الحصر بمعنى أننا لا نعبد إلا إياك، أي ربنا نحن ثلة التوحيد نسير في حركة متجانسة يداً واحدة خاضعين لأوامرك، ومنك وحدك نستمدالعون. وإياك نستعين تدل على أن جهدنا لن يحقق الغرض، مع أنه منك

وبفضلك، وحتى بالرغم من أننا جماعة عاملة مكافحة، إلا إذا كان بعونك أنت وسندك، فالآية هنا تؤكد أن جهد الفرد ينبغي أن يكون مع الجماعة لأجل الأمة، وأيضاً فإن الاستناد إلى الغيب يمر بنفس الطريق.
وهكذا يبدو فإن التعاون بين جماعة الحق أمر محتوم ولكن بشرط أن لا يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، وأن يكون سندهم الأوحد هو ربهم دون سواه كما هو معبودهم. فصيغة الآية صيغة الاعتراف والإذعان بأن لا حول ولا قوة إلا بالله.

﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ
 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ

تأتي كلمة الصراط في اللغة بمعنى الطريق والسبيل، ولكنه لا يصح أن نضع كلمة صراط بدل السبيل، مع العلم أن القرآن استعمل اللفظة في "صراط الجحيم"، والذي يفهم من عموم استعمال القرآن للفظة الصراط، أن الصراط هو طريق الحياة الكامل المترابط الموحد، فإما إلى الله، وإما إلى الجحيم. وهنا فإن هذه اللفظة الصراط تعني: الصراط الإلهي الموصل إلى الهند بأقصر وأوضح طريق، وذلك هو الكمال. ثم إن الهداية للصراط أعظم من العلم بالصراط وكذلك فإن الهداية إلى الصطراط تغني عن العلم بالهدف وليس العكس.

* الصراط وأصحاب الصراط
نسأل الآن لماذا ربط الله سبحانه بين الصراط وأصحابه؟
والجواب: أن الصراط المستقيم بالرغم من أنه محدد، وهو نعمة منه سبحانه، إلا أنه يحتاج إلى كشف، ومن دون هذا الكشف فإننا لن نهتدي إليه. والآن وبعد أن كشف فقد أصبح أصحاب هذا الكشف أولي فضل وواسطة في هدي البشرية، وإيصالهم إلى غاية الكمال. فالنص له المعنى التالي: ربنا نحن الجماعة العاملة المتحدة المتخلصة من أنانيتها، نرغب أن تهدينا بالذين أنعمت عليهم، صراطك المستقيم. وهؤلاء هم أولياء النعم والصراط الأقوم، ومن دون توليهم بالحب والطاعة فلا سبيل للسير مع الضياء ولا بالوصول ونيل المرام.

ثم أن سلوك الأولياء الكمل، النبي وآله يجعلهم هم القدوة، بحيث إذا جعلنا، أقدامنا مكان آثار أقدامهم، وقلوبنا عند ارتجافها واضطرابها فإنا بذلك نكون قد اختصرنا طريق الهداية. ولأن الطريق بهم تكون ممهدة ومرسومة المعالم ومن دونهم يخبط السائرون خبط عشواء.

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم لرسوله محمد صلى الله عليه وآله: يا محمد ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًاً "الفرقان/57 "، وفي هذه الآية إشارة إلى الأجر الذي طلبه النبي في آية أخرى، قوله تبارك وتعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ، فباب الهداية بغيرهم موصد، وسبيل الوصول محرم. وقد ورد في دعاء الندبة "فكانوا هم السبيل إليك والمسلك إلى رضوانك".

ومع الالتفات إلى "نا" الجماعة في "إهدنا" فإن الهداية والاعتصام يتوقفان على أن تتوجه ثلة الحق مجتمعة، بالولاء التام لهم، وأقل من ذلك أن يسعى الأفراد من أهل الحق إلى تهيئة هذا الشرط "شرط الجماعة الموالية" في طلب الهداية.

وفي مراتب السير والسلوك فإن أول خطوة كما يقول إمام العارفين الخميني قدس سره هي القيام لله بقوله سبحانه ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، بينما هنا نجد أن أول خطوة لمن يريد السير على جادة الكمال هي معرفة أهل البيت عليهم السلام وخطهم، ثم محبتهم وطاعتهم، وفي الحقيقة فإن القيام لله لا يكون من دون هذا الصراط، إذ أن القيام قصد وسعي وفعل، فقد يمكن للعبد أن يجمع القصد لله مع السعي إليه جل وتبارك، أما القيام فهو فرع المعرفة والولاية وإن كان لا ينفك المريد من القصد والسعي للقيام، بينما الهداية تالية لهذا القصد.

* غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ
لقد صنف القرآن الكريم هنا الناس إلى ثلاث فئات: ضال يخبط خبط عشواء لا يهتدي سبيلاً. مغضوب عليه قال تعالى: "ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى" ميؤوس من هدايته. منعمون بما أنعم الله عليهم بالهداية.
والذي يمكن استفادته هنا هو أن المهتدي إلى الصراط المستقيم ينعم الله على قلبه وعقله بالفرقان فيرى الحق حقاً فيتبعه، ويرى الباطل بصراطيه صراط من حل عليهم غضب الله، وصراط الضالين، فيجتنبهما، ولا سبيل إلى ذلك إلا بجامعة أهل بيت الهداية وحقيقة الصراط.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع