نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

النظام التربوي في المجتمع المهدوي(1)

غلام رضا صالحي

تعرّضت الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام للعديد من خصائص النظام التربوي المهدوي، وحددت الأهداف التي سوف يشهد المجتمع المهدوي تحققها. وسوف نتعرّض لها ممهّدين للبحث بمقدمة عن خصائص النظام التربوي الإسلامي.
يرسم كل نظام تربوي لنفسه أهدافاً تربوية، سواء كان هذا النظام دينياً أو غير ديني، محدوداً أو واسعاً، صحيحاً أو غير صحيحٍ. ثم بناءً على تلك الأهداف يخطّط لبرامجه.


*الهدف يحدّد المسار
فالهدف والغاية يحدّدان جهة ومسير النظام التربوي. إذا حُدّدت الأهداف التربوية بالالتفات إلى الواقع والحاجات البشريّة الحقيقيّة والأبعاد الوجوديّة للإنسان واعتمدت على التعاليم الإلهيّة والروحانية، عند ذلك يمكن أن نشهد حصول التكامل والتطوّر والسعادة الحقيقيّة للإنسان. ويمكن البحث عن هذه الخاصيّة في النظام التربوي الإسلامي والمهدوية.

من جهة أخرى إذا حُدّدت الأهداف في نظام تربوي معيّن على أساس أحكام من جهة واحدة وعلى أساس الفَهم الشخصي، أو اهتمت ببعد واحد من الأبعاد الوجودية للإنسان مخالفةً الفكر الإلهي والتعاليم الروحانيّة، فلن تكون النتيجة سوى سقوط الإنسان في البيئة النفسانيّة والحيوانيّة. وسيواجه، هذا الإنسان، مشكلة على مستوى التكامل الإنساني. وهذا ما نشهده في أغلب الأنظمة التربوية الغربية.

*الإنسان في الأنظمة التربوية الغربيّة
الإنسان، على سبيل المثال، في مذهب التحليل النفسي لسيغموند فرويد (1856م)، موجود ذو غرائز نفسانية متعدّدة. وهدف الإنسان تلبية تلك الحاجات فقط. وتمتلك الغريزة الجنسية أهمية خاصة من بين كافة غرائز الإنسان حيث تلعب دوراً في قوام شخصيّته.

أما الهدف الأساس من التربية الإنسانية في النظام ذي النزعة الإنسانية الإفراطية، فليس سوى الحرية التي لا حدّ لها. ويعتبر أصحاب هذا المذهب أن الإنسان موجود أكبر من كافة حقائق الوجود، مع أنّه مقهور للطبيعة ومجبور من قِبَلِها. وهم يعتبرون بعض المفاهيم أمثال الله وما بعد الطبيعة وغيرها، مفاهيم عبثيّة، حيث إنّ الهدف الأساس لخلق الإنسان وحياته ليس سوى التحرر من كافّة القيود والالتزامات، والغرق في الميول النفسانيّة والغرائز. ويُعْتبر جان بول سارتر (1905م) من مؤسّسي هذا النظام. إن هذه الأنظمة التربويّة لا تهدف سوى إلى إبعاد البشر عن الكمال النهائي والقرب الإلهي، وإنزال الإنسان إلى المستوى الحيواني، لا بل إلى ما هو أدنى من ذلك.

*النظام الإسلامي - المهدوي
أما النظام التربوي الإسلامي والمهدوي فهو النقطة المقابلة لكافة هذه الأنظمة حيث يحمل أهدافاً دنيوية، ومادية، كالتربية الجسدية والاجتماعية، ويحمل، بالإضافة إلى ذلك، أهدافاً متعالية لتربية الإنسان. يجب على الإنسان في النظام التربوي الإسلامي والمهدوي الإتيان بكافة أفعاله بحيث يكون لها وجهة إلهيّة ومعنويّة، وهدفه الأساس الحصول على رضا الله وأن لا يغفل عن التكامل الروحي والعرفاني. أما الترويج لهذا الهدف المقدّس، فسيحمل للبشرية السعادة والحياة الطيبة. جاء في القرآن الكريم: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (النحل: 97).

من جملة الأركان الهامّة لكلّ نظام ومذهب تربوي، أهداف ذاك النظام. وإذا كان لا بدّ من إيجاد نظام خاص فلا بدّ في الدرجة الأولى من تحديد الأهداف التربوية له والتي من خلالها يمكن:
أ - توجيه كافّة النشاطات التربوية نحو وجهة محدّدة ودقيقة.
ب - تقسيم العمليّة التربوية ونقدها وإدراك نقاط القوّة والضعف فيها، والمبادرة إلى إصلاح أمد التّربية وتكاملها.

*معرفة المفاهيم
- التربية: للتربية معانٍ متعدّدة أبرزها تعليم الطفل إلى أن يصل إلى حدّ البلوغ، وكذلك تعليم المكلّف الآداب والأخلاق. وفي الاصطلاح، التربية عبارة عن نشاط منظّم ومستمرّ في سبيل التطوّر الجسدي، المعرفي، الأخلاقي، الاجتماعي والعاطفي. وللطفل، وبشكل عام، تنمية استعدادات المتربي حيث تظهر نتيجة ذلك في شخصيته.

- النظام التربوي: النظام التربوي هو عبارة عن مجموعة من المفاهيم والأفكار المنظّمة التي تدور حول التربية والتي تحكمها علاقات خاصة هي عبارة عن التماسك الداخلي وتوضيح كيفيّة التربية.
الهدف: في المعنى اللغوي الهدف والعبارات المرادفة له أمثال: "القصد، الغاية والغرض"، هذه المفاهيم، تتضمن مفهوم "النهاية في العمل". والهدف، في الاصطلاح، عبارة عن النقطة التي يتحرك الإنسان نحوها والتي توضِح جهة حياة الإنسان وعمله.

-
مفهوم الهدف في التربية: هو الوضع النهائي والمطلوب الذي يعتبر واعياً ومفيداً والذي يتم القيام بنشاطات تربوية مناسبة لأجل تحقّقه.

- خصائص الهدف: بناءً على ما تقدّم، فإن أهم خصائص مفهوم الهدف، هي:
1 - الاختيار: إنّ الأفعال الاختيارية يتم القيام بها عن وعي وإرادة. وإنّ ماهية الهدف تستلزم الوعي والإرادة. أي أنّ الهدف يصبح ذا معنى في إطار الأفعال الاختياريّة التي تأتي بعد العلم والإرادة. وهذا يدل أيضاً على أنّ الأفعال غير الاختيارية لا هدف لها.
2 - الدافع: بما أنّ الوصول إلى الأهداف، يؤمّن حاجات الشخص، ويتحرك نحوها برغبة وميل، فإنّ من جملة خصائص الهدف إيجاد الدافع والرغبة.
3 - اختيار المسير: مما لا شك فيه أنه لا يمكن الوصول للهدف من أي مسير، بل لا بدّ من التخطيط. وعلى هذا الأساس فمن خصائص الهدف، امتلاك نوع من الإرادة والتخطيط وتحديد المسير.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع