غلام رضا صالحي
ذكرنا في العدد السابق أن لكل نظام تربوي هدفاً تربوياً وغايةً تحدّدان جهة ومسار النظام. وورد أن وُجهة النظام التربوي المهدوي هي وُجهة إلهيّة ومعنويّة تضمن السعادة للبشرية والحياة الطيّبة. ونكمل في هذا العدد تصنيف الأهداف التربوية في النظام المهدوي.
* تصنيف الأهداف التربوية
بما أن الإنسان على علاقة وارتباط مع محيطه، لذلك يمكن تصنيف الأهداف التربوية من خلال الروايات الكثيرة، في أربعة أنواع أساسية وهي:
أ- الأهداف التربوية المهدويّة في وظائف الإنسان اتجاه الله تعالى.
ب- الأهداف التربوية المهدويّة في وظائف الإنسان اتجاه نفسه.
ج- الأهداف التربوية المهدويّة في وظائف الإنسان اتجاه الآخرين.
د- الأهداف التربوية المهدويّة في وظائف الإنسان اتجاه الطبيعة.
وسنتناول واحداً منها في هذا العدد:
*وظائف الإنسان اتجاه الله تعالى
لعلّ أهم الأهداف التربوية للنظام التربوي الإسلامي والمهدوي، يتمحور حول مسؤوليّة الإنسان اتجاه خالق الوجود. وهي عبارة عن:
أ - معرفة الله:
إن أهم وظيفة للإنسان أمام الله تعالى: معرفة الله، ومعرفة صفاته عن طريق المعرفة الحصولية، والحضورية، والفطرية. ومن خلال معرفة الله تعالى يتم الوصول إلى التكامل النهائي والقرب من الذات الإلهية المقدّسة والتخلّق بالأخلاق الإلهية. جاء في القرآن الكريم: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ (الطلاق: 12).
إن الترويج للمعرفة الإلهية بين الناس من أبرز أهداف النظام التربوي للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. عن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا قام القائم لا يبقى أرض إلا نودي فيها شهادة أنْ لا إله إلّا الله وأنَّ محمداً رسول الله"(1).
ب - التقوى:
من جملة الأهداف التربوية للنظام التربوي المهدوي، امتلاك إيمان قوي ورعاية الأخلاق والتقوى. في الواقع فإن البرنامج الأساسي لكافة الأنبياء والأولياء، جذب الناس نحو الإيمان والتقوى، وعند ذلك تشمل الإنسان الرحمة الإلهية، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ﴾ (النساء: 131).
ج - العبادة والعبودية:
وهما نوع من العلاقة التي تنمّ عن خضوع وشكر الإنسان لله تعالى، فالعبادة باعتبارها هدفاً تربوياً تساعد الإنسان في اكتساب روحيّة العبودية التي تجعل منه خاضعاً باستمرار لله تعالى، وهو الهدف الأساس من خلق الإنسان كما أشار القرآن الكريم ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56).
في النظام التربوي الإسلامي والمهدوي يتحوّل الناس من حالة الشرك والفساد وعبادة الشياطين إلى عبادة الله تعالى، ويتكامل الناس معنوياً، وتصبح الأمور العبادية والسنن النبويّة ملَكة عندهم. ﴿يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ (النور: 55). وعن الإمام السجّاد عليه السلام أن هذه الآية: "نزلت في المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف"(2).
1.بحار الأنوار، المجلسي، ج52، ص340.
2.الغيبة، الطوسي، ص177.