* الطعام بين الحلال والحرام:
لقد سئل الإمام الصادق عليه السلام عن الحلال والحرام فقال "كلّ شيء فيه حلال فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام بعينه فتدعه" وعلى هذا الأساس أفتى الفقهاء بأنّ الأساس في الأشياء أنّها حلال إلاّ ما خرج بالدليل كتحريم الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير، وكذلك الأشياء الضارة فهي حرام كشراب المواد السامة، والمؤدية إلى الأمراض، ومن قبيل التدخين في بعض الحالات.
وقد أفتى الفقهاء، بعدم جواز تناول الأطعمة المتنجسة، وأجازوا في الحالات الاضطرارية إذا توقف التداوي من الأمراض على تناول الأدوية المصنوعة من المواد المحرم تناولها أصلاً، أو كما يستعمل الأطباء إبرة البنج في العمليات مع العلم أنّها من المواد المخدرة.
وهكذا يحقّ لشعوب المجاعة، أو الجيش الذي انقطع من الطعام وخاف الهلاك، أن يأكلوا ما يتيسر من اللحوم وغيره أو السجناء الذين اضطروا لأكل لحم غير مذكى أو غير طاهر، أو ما شابه.
* فلينظر الإنسان إلى طعامه
قال تعالى في سورة عبس: ﴿فلينظر الإنسان إلى طعامه﴾ أي فلينظر إلى الطعام أحلال هو أم حرام، وطيب أم خبيث، وإن تعرف المضر منه والمفيد، ومحل الحاجة والضرورة وتعرف أنّه من نعم الله العظيمة.
فعن النبي صلى الله عليه و آله: "كل لحم نبت من الحرام النار أولى به" وعنه أيضاً: "إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي من بعدي هذه المكاسب الحرام والشهوة الخفية والربا". فذكر صلى الله عليه و آله المكاسب الحرام قبل غيرها وما ذاك إلاّ لأولويتها وخطورتها.
ومن الآثار السيئة لأكل الحرام يقول نبي الرحمة محمد: "إنّ لله ملكاً ينادي كل ليلة من أكل حراماً لم يقبل منه صرف ولا عدل" فالصرف النافلة، والعدل الفريضة. وعن الإمام الصادق عليه السلام: "كسب الحرام يبين في الذرية" والإمام يشير إلى مسألة تأثير الحرام على الأولاد، فالنطفة تتكوّن من حرام والجسم ينمو على الحرام.
ومن الآثار الحسنة لأكل الحلال تنوير القلب، قال الرسول الأعظم:"من أكل الحلال أربعين يوماً نور الله قلبه وأجرى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" ويسأل رسول الله صلى الله عليه وآله أحدهم أن يجعله مجاب الدعاء، فيقول: "أطب طعمتك تستجب دعوتك" أي جعل طعامك ومصدر طعامك طيباً يصبح دعاؤك مستجاباً.
وفي مجال الأكل بمقدار فقد ورد عن علي أمير المؤمنين عليه السلام: "إذا أراد الله سبحانه صلاح عبده ألهمه قلة الكلام وقلة الطعام وقلّة المنام" وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم". وقال أيضاً: "لا يدخل ملكوت السموات والأرض من ملأ بطنه".
* أكل اللحوم
1-طعام البحر. قال تعالى: ﴿أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة﴾ المائدة / 96، والمراد من السيارة هم المسافرون حيث يملح ليحمل مدّة طويلة.
يروى عن أمير المؤمنين عليه السلام وعن الصادق عليه السلام مثله: أنّه كان يركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله في الوفة، ثمّ يمرّ بسوق الحيتان "السمك" ويقول: "لا تأكلوا، ولا تبيعوا ما ليس له قشر".
بعض الأسماك تحتك بالصخور أو أيّ شيء فتفقد قشرها ولكنّها تبقى حلالاً.
وقد يسأل سائل كيف يصبح السمك حلالاً. الجواب كلّ سمك أخذته إلى خارج الماء فهو حلال الأكل، وكلّ سمكن خرج غلى خارج الماء ثمّ أخذته قبل أن يموت سواء كان الصائد مسلماً أو غير مسلم.
نعم يشترط العلم بأنّ الكافر قد اصطاده بالصورة المذكورة ولا قيمة لشهادة الكافر.
أمّا المسلم فكلامه معتبر إذا قال صاحب المعرفة أنّ هذا السمك له فلس مثلاً.
وقد تسأل: أن أهذب إلى أسواق المسلمين فأشتري سمك له فلس ولا أسأل كيف تمّ صيده فهل هو حلال؟ الجواب نعم هو حلال لأنّ المسلم مصدق.
وقد تسأل أيضاً نذهب إلى "السوبر ماركت" فأجد أنواع الأسماك المعلبة فماذا أعمل؟ الجواب: إذا كان الأسماك مما له قشر وقد علبت في بلاد أو مصانع إسلامية فلا شكّ أنها حلال، أمّا إذا علبت في بلاد غير إسلامية وقد تمّ صيدها بالطرق الحديثة كما هو عادة بطريق الشباك الكبيرة أو "المشافط" الضخمة فالسمك حلال، أمّا الطهارة فكذلك إلاّ إذا علمت النجاسة، وعلى العموم لا مانع من التعامل بالحلية إلاّ إذا كان السمك مما ليس له فلس فلا يحلّ أكله.
* ترقبوا في العدد القادم
الحديث عن طعام البر، والطير، ومجموع من المسائل الملحقة بأحكام الأطعمة.