آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص مجتمع | "الأمّ بتلمّ" مناسبة | من رُزق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حُبّها

آداب ومستحبات: الـمـال بين الحلال والحرام

السيد سامي خضرا

 



حثَّ الإسلام على طلب الحلال، إذ جاء في القرآن الكريم: ﴿قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيث (المائدة: 10). وقال النبي صلى الله عليه وآله: "قال الله عزّ وجلّ: من لم يبالِ من أي باب اكتسب الدينار والدرهم لم أبالِ يوم القيامة من أي أبواب النار أدخلته" (1). والمقصود بالمال الخَبِيث أصناف المكاسب المحرّمة كالربا والغصب وأكل أموال الناس بالباطل والغش والتّدليس والرشوة والتزوير والغصب والاحتيال. قال الله عزّ وجلّ: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ (البقرة: 188).

* الإنفاق المحرم
وإنفاق المال في المحرّمات والمنكرات كالخمر والميسر والفواحش وكلّ ما يصد عن ذكر الله تعالى وعبادته منهيّ عنه، بل هو وجه من وجوه السّعي الشيطاني. ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (المائدة: 91). ومن ذلك، الشحّ والتّقتير في النّفقات الواجبة على الأهل والعيال، وفي وجوه البرّ والإحسان الضروريّة، ففي الحديث: "كفى بالمرء إثماً أن يُضيع من يعوله" (2). أمّا الذين يسخّرون الأموال عنوةً لإفساد الأمة الإسلامية وصدّ الناس عن دين الله تعالى، فلهم الوعيد الشّديد في الدّنيا والآخرة. قال الله تعالى سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (الأنفال: 36).

* الحرص على الحلال
وفي السُنّة العمليّة وقفات وعِبر في الحرص على الحلال، فعن أم عبد الله أخت شدّاد بن أوس أنّها بعثت إلى النبي صلى الله عليه وآله بقدح لبن عند فطره وذلك في طول النهار وشدّة الحرّ فردّ إليها الرسول: "أنّى لك هذا اللبن؟ قالت: من شاة لي. قال: أنّى لك هذه الشاة ؟ قالت: اشتريتها من مالي، فشرب فلمّا أن كان من الغد أتت أم عبد الله رسولَ الله صلى الله عليه وآله فقالت: يا رسول الله بعثت إليك بذلك اللبن مرثية لك من شدة الحر وطول النهار فرددتها إلي مع الرسول، فقال النبي صلى الله عليه وآله: بذلك أُمِرتْ الرّسل ألا تأكل إلّا طيّباً ولا تعمل إلا صالحاً" (3).

* الحذر من فخّ الشيطان
وهناك أفخاخ للشيطان ينبغي التّحذير والحذر منها، أخذاً وإعطاءً وتعلّقاً. عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "إن الشّيطان لعنه الله يقول: لن يسلم منّي صاحب المال من إحدى ثلاث أغدو عليه بهنّ وأروح بهنّ: أخْذه من غير حله وإنفاقه في غير حقه وأحبّبه إليه فيمنعه من حقه"(4). عن ابن عباس قال: "إنّ أوّل درهم ودينار ضربا في الأرض نظر إليهما إبليس، فلما عاينهما أخذهما فوضعهما على عينيه، ثمّ ضمهما إلى صدره، ثمّ صرخ صرخة، ثمّ ضمهما إلى صدره، ثمّ قال: أنتما قرّة عيني، وثمرة فؤادي، ما أُبالي من بني آدم إذا أحبّوكما أن لا يعبدوا وثناً! حسبي من بني آدم أن يُحبّوكما" (5).

* مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال
وفي موعظة مولانا الصادق عليه السلام ما فيه الكفاية لتغيير مجرى حياتنا، إن كنا محبّين حقاً. فقد "دعا عليه السلام مولى له يقال له: مصادف، فأعطاه ألف دينار وقال له: تجهّز حتى تخرج إلى مصر، فإنّ عيالي قد كثروا، قال: فتجهّز بمتاع، وخرج مع قافلة التّجار إلى مصر، فلما دنوا من مصر استقبلهم قافلة خارجة من مصر، فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة، وكان متاع العامّة فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شيء فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح دينار ديناراً، فلمّا قبضوا أموالهم انصرفوا إلى المدينة، فدخل مصادف على أبي عبد الله عليه السلام ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار فقال: جعلت فداك هذا رأس المال، وهذا الآخر ربح، فقال: إن هذا الربح كثير، ولكن ما صنعتم في المتاع؟ فحدّثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا، فقال: سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين ألّا تبيعوهم إلّا بربح الدينار ديناراً؟! ثم أخذ أحد الكيسين فقال: هذا رأس مالي ولا حاجة لنا في هذا الربح، ثم قال: يا مصادف، مجالدة السيوف، أهون من طلب الحلال" (6).


1.مستدرك الوسائل، الطبرسي، ص 13، ص 22.
2.الكافي، الكليني، ج 4، ص 12.
3.المستدرك، النيسابوري، ج 4، ص 126.
4.كنز العمال، المتقي الهندي، ج 3، ص 235.
5.الأمالي، الشيخ الصّدوق، ص 269.
6.الكافي، م. س، ج 5، ص 161.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

العراق بغداد الكاظمية

سناء صباح

2019-08-24 11:14:54

احسنتم منشوراتكم رائعة وجدا مفيدة وانا ارجو منكم مسامحتي لاني انشر في صفحة الفيس بوك بعض من منشوراتكم خصوصا التي تذكر فيها مصادر الأحاديث... اتمنى لكم التوفيق والنجاح الدائم.. أختكم من العراق.