إلى كل القلوب | مقاومتنا روحها حسينيّة (2)* تسابيح جراح| "مستعدّون بجراحنا" الشهيد على طريق القدس محمّد محمود إرسلان وسائل التواصل: معركة الوعي في زمن التضليل مقابلة | حين يرتقي القائد لا تنتهي المقاومة بل تستمرّ بدمه تكنولوجيا | كيف نمنع هواتفنا من التنصّت علينا؟ (1) الملف | أبناء السيّد متكاتفون عوائل الشهداء: أبناؤنا في سبيل الله الملف | أولو البأس في الميدان الملف | الكلمة للميدان

الافتتاحية | بغَرفةِ ماءٍ ودعاء

الشيخ بلال حسين ناصر الدين


﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بيدِه﴾
(البقرة: 249).

بهذا النهي الذي أصدره طالوت لجنوده، حدث ما لم يكن يتوقّعه الكثيرون منهم. فما هي القصّة؟ يحكي لنا القرآن الكريم قصّة بني إسرائيل حين وقعوا تحت سطوة ملك جبّار يقال له جالوت، فطلبوا من نبيّهم أن يرسل الله لهم من يستطيع مواجهة ذلك الجبّار ويردعه عن غيّه وبطشه، فاستجاب الله طلب النبيّ، وأمره بأن يؤمّر عليهم رجلاً اسمه طالوت ليكون قائداً لجيشهم. ولأنّ طالوت لم يكن من أسرة الملوك ولا من أسرة الأنبياء، فقد اعترض بنو اسرائيل، كما هي عادتهم، إلى أن رضخوا إلى الأمر الواقع، وصار طالوت قائداً لهم. وبين هذا وابتداء الحرب، أظهر بعضُهم خوفهم وتوجّسهم من قتال جالوت وجنوده الذين يفوقونهم عدّة وعدداً بأضعاف المرّات. وقبيل ابتداء المعركة الحاسمة، ابتلى الله جنود طالوت بالعطش الشديد، ثمّ نهاهم طالوت بأمر من الله تعالى عن الشرب من نهر مرّوا به سوى غرفةً واحدةً، فامتثل قلّة منهم الأمر، أمّا الآخرون وهم الأغلبيّة، فلم يكترثوا إلى أمر قائدهم وأخذهم الضعف وعدم الصبر حتّى شربوا غرفة وأكثر. نتيجةً لذلك، منعهم طالوت من الالتحاق بجيشه، وخاض معركته مقتصراً على من التزم أمره وانصاع إليه مع قلّة عددهم، وسار بهم لمواجهة جيش جرّار يمتلك القوّة والبأس الشديد. ومع ذلك، فقد ثبت القلّة في وجه الكثرة، ولم يهنوا ولم يستكينوا. وكان هؤلاء الجنود، والذين يبلغ عددهم ثلاثمئة رجلاً، قد دعوا الله تعالى بدعاء كما في قوله تعالى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: 250)، واستمرّ القتال حتّى قُتل "جالوت" قائد جيش الأعداء، وانتصر القلّة على الكثرة.

لو تأمّلنا هذه القصّة، لوجدنا أنّ أموراً ثلاثة كانت قوام انتصار طالوت وجنوده:

الأوّل، يرتبط بالعزيمة والتصميم وتهيئة الحال للقتال.

الثاني، يكمن في طاعة القائد والوليّ، أمّا الثالث فيكمن في الدعاء والتوجّه إلى الباري سبحانه، وبأنّه هو من ينصر من نصره.

فبغَرفة ماء من خلفها الولاية، وبدعاء من خلفه اليقين بالله وحُسن الظنّ به سبحانه، انتصر طالوت وجنوده بعددهم القليل وعتادهم المتواضع على جالوت المستكبر والمستبدّ.

أيّها الأحبّة، إنّ أمر الله سيمضي، والمهمّة ستُقضى؛ فإذا ما قامت الفئة الموكلة بها بتكليفها، كان ذلك في عينه، وإلّا، استبدل تلك الفئة بفئة أخرى تكون أهلاً لتحمّل المسؤوليّة، قال سبحانه: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾ (محمّد: 38).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع