الشيخ علي معروف حجازي
توسّعت دائرة العلاقات والمعاملات عبر العالم الافتراضيّ، ما يتطلّب تنظيمها وضبطها وفق الضوابط الشرعيّة. وهذه المقالة تتعرّض لبعض الأحكام الشرعيّة المتعلّقة بهذا العالم.
•الشراء عبر الشبكة العنكبوتيّة
إنّ شراء الحاجات المنزليّة وغيرها عبر الشبكة العنكبوتيّة، بالطريقة نفسها التي تُشترى بها من المحلّات التجاريّة بصورة مباشرة، كما لو افتتحت شركة تجاريّة تطبيقاً أو موقعاً إلكترونيّاً، تُعرَض فيه صور البضائع وأسعارها ليختارها المشتري، وتصل إليه بعد ذلك بواسطة عاملٍ أو بالبريد، سواء أكان الدفع من خلال الرمز المصرفيّ أم بطريقةٍ نقديّة للعامل الموصل للبضاعة، فهذه المعاملة مشروعة إنْ كانت تشتمل على الشروط الشرعيّة للبيع.
•التسويق الشبكيّ الهرميّ وغير الهرميّ
بشكل عام، لا مانع شرعاً من التسويق الشبكيّ إذا كان ضمن الضوابط الشرعيّة. لكن ما يُعرف بمعاملات التسويق الشبكيّ الهرميّ خاصّة يتضمن تفاصيل عديدة، وهي التي يتحدد من خلالها إن كان حلالاً أو حراماً، وتحديد هذه الحالات خارج عن هذا المقال(1). أمّا ضوابط التسويق الشبكيّ سواءً الهرميّ أم غير الهرميّ، الذي يُحكم بمشروعيّته إذا رُوعيت، فهي:
أوّلاً: أن لا يكون مرتبطاً بأمور محرّمة شرعاً، كالربا، وبيع الخمور، وبيع الخنزير للمسلمين لأجل الأكل، وكذا بيعه لغير المسلمين ممن يستحلّ أكله على الأحوط وجوباً، وكذا بيع الميتة للمسلمين لأجل الأكل.
ثانياً: عدم تقاضي رسوم للدخول في هذه المجموعة.
ثالثاً: أن يكون سعر المنتج المعروض مطابقاً للسعر المتعارف عليه في السوق.
رابعاً: تجنّب الدعاية الكاذبة، أي تجنّب خداع العملاء بالمنتجات المعروضة.
خامساً: أن يكون راتب أو أجر المسوّق في البيع معلوماً.
سادساً: أن يكون دفع الأجور للمسوّق على أساس النشاط المعقول والمشروع الذي قام به.
•العملة الرقميّة (البيتكوين)
لم يعلّق سماحة السيّد القائد الخامنئي دام ظله بخصوص العملة الرقميّة (البيتكوين) لا تحريماً ولا جوازاً، بمعنى أنّ سماحته لم يحكم بحرمتها ولا بجوازها.
فيجب في هذه الحالة إمّا العمل بالاحتياط، أي الاجتناب عن التعامل بها على الأحوط وجوباً، وإمّا الرجوع إلى مرجع آخر مع مراعاة الأعلم فالأعلم على الأحوط وجوباً.
•نسخ فيديوهات وغيرها
توجد تسجيلات قرآنيّة أو تواشيح دينيّة أو أفلام فيديو ونحوها على الإنترنت وفي محلّات التأجير، مع وجود عبارة: "حقوق التسجيل محفوظة"، فلا يجوز نسخها دون إذن صاحبها على الأحوط وجوباً. ولكن لو بادر بعضهم إلى النسخ بلا استئذان، فيجب حذف المادّة المسجّلة أو المنسوخة، وهذا كافٍ دون حاجة إلى إعلام صاحبها.
•تصوير أوراق
يأتي بعض الأشخاص من أصحاب المؤلّفات إلى محلّ لتصوير الأوراق، فيطلبون من صاحب المحلّ أن ينسخ لهم ورقيّاً بعض مؤلّفاتهم الموجودة على الإنترنت، فالأحوط وجوباً أن لا يبادر صاحب المحلّ إلى تصويرها لنفسه أو لأيْ شخص آخر غير المؤلّف دون إذن صاحبها.
•نسخ الكتب دون إذن صاحبها
أ. توجد كتب رقميّة مرفقة بعبارة: "جميع الحقوق محفوظة للمؤلّف والناشر"، فالأحوط وجوباً مراعاة حقوق المؤلّف والناشر بالاستئذان منهما في نسخ الكتب.
ب. في حالة غياب المؤلّف أو الناشر لسفر أو وفاة أو ما شابه ذلك، فيجب استئذان وکيل الحيّ منهما على الأحوط وجوباً، أو الرجوع إلى الوارث في حال وفاة أحدهما على الأحوط وجوباً.
•نسخ المنتجات الغرافيكيّة
إذا توفّرت القرائن والشواهد أو كان من المتعارف أنّ نسخ الأفلام ومقاطع الفيديو والموسيقى في الفضاء المجازيّ مع ذكر مصادرها وأنّ الاستفادة من هذه الأمور مباحة للعموم، فلا إشكال في ذلك، وإلّا فالأحوط وجوباً الاجتناب عن استخدامها ونسخها وبيعها وشرائها من دون إذن أصحابها أو العلم برضاهم.
•إرسال البرامج المخصّصة للبيع وتحميلها
ثمّة برامج يتمّ الحصول عليها من خلال البيع، ولكنّها تُعرض مجّاناً في القنوات، ممّا يتيح للناس استخدامها دون كلفة، فإذا وُجدت قرائن وشواهد على سماح صاحبها باستعمالها للعموم أو كان ممّا يُتعارف على ذلك، فلا إشكال في جواز إرسالها وتحميلها. ومع عدم توفّر القرائن والشواهد على ذلك، فالأحوط وجوباً عدم جواز استعمالها ونسخها.
1.يمكن مراجعة مكتب الوكيل الشرعيّ للإمام الخامنئي دام ظله في لبنان لمعرفة الحكم الشرعي.