حوار مع الأستاذة فريبا علاسوند
لطالما كانت قضايا المرأة رأس حربة في الصراعات التي يخوضها الغرب ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، وفي مقدّمته الولايات المتّحدة الأميركيّة، فيحيكون المؤامرات ويفبركون الأخبار بحجّة أنّ الجمهوريّة تتعاطى مع المرأة بظلم وتعسّف.
تدحض الباحثة الإسلاميّة والمجتهدة السيدة فريبا علاسوند(1)، هذه الافتراءات بالأرقام والوقائع، في حوار خاص أجرته مجلة «بقيّة الله».
1. منذ قيام الجمهوريّة الإسلاميّة، انطلقت حركة إصلاحيّة كبيرة لتقويم واقع المرأة استناداً إلى الرؤية الإسلاميّة. كيف حصل ذلك؟ وكيف أصبح واقع النساء بعد الثورة؟
إنّ تكريم المرأة بإعطائها المكانة التي تستحقّ وفق ما يريده منّا الله سبحانه وتعالى وتدعو إليه السيرة النبويّة الكريمة، أمرٌ واقعيّ شهدته الأمّة الإسلاميّة في الكثير من الأحيان.
وقد انطلقت الحركة الإصلاحيّة في إيران بعد الثورة الإسلاميّة على يد إمامي الثورة، الإمام الخمينيّ قدس سره والسيّد علي الخامنئيّ دام ظله، ثمّ بعد ذلك، أُفسح في المجال لإيجاد البناءات الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة من خلال تمهيد القانون والدستور لذلك، ودخول النساء المتخصّصات الحوزة والجامعة والمؤسّسات والمراكز في مختلف المجالات الدوليّة وغيرها، ولا سيّما مجال التخطيط والبرمجة وما شابه ذلك. ومنذ بدء الثورة حتّى الآن، استُعين بمراكز رئيسة خاصّة بالنساء بهدف التعرّف على مختلف المسائل والمشاكل، وقد خُصّصت ميزانيّة لحلّ مشاكل النساء، إذ ينفق 1% من ميزانيّات المراكز المختصّة بالنساء على صعيد كلّ محافظة لهذه الغاية.
من هنا، يمكن القول إنّه بعد انتصار الثورة تقبّل الأعمّ الأغلب من النساء الإيرانيّات الفكرة والاتّجاه الإسلاميّين، وهنّ شاركن في تحكيم بناء الثورة، إذ ركّز الإمام الخمينيّ قدس سره على مشاركتهنّ، وحدّد لهنّ حصّتهنّ، وطلب من الآخرين احترام هذه الحصّة. وبهذا، أدركت النساء صدق القائد ونهجه الحديث في إبراز ما لديهنّ من إمكانات وقدرات لتنمية أنفسهنّ والبلد، وتصميمه على محاربة الأميّة، خصوصاً عند فئة النساء. وأمام هذا المنهج الجديد من الحرية، والذي ترافق مع التزام الحجاب والعفّة، رأت النساء أنّهنّ أمام نهج إسلاميّ يحرص على مصلحتهنّ بعكس ما يدّعيه منظّرو الحريّة الغربيّة المزيّفة.
2. ما هي العوامل التي أعطت المرأة هذه المكانة وجعلتها تنخرط في الحياة العامّة ليُستفاد من طاقاتها وقدراتها؟
ثمّة عوامل ساهمت في الاستفادة من طاقات المرأة منها:
أ. وجود الإرادة والعزم الراسخ في رؤية الإمام الخميني قدس سره وكذلك الإمام الخامنئي دام ظله؛ لإعطاء دور محوري للمرأة، نظراً إلى قابلياتها وتأثيرها، وهذا ما أثبتته التجربة محلياً وعالمياً.
ب. تنشئة النساء العالمات والمتخصّصات وتخريجهنّ في حضن الثورة لكي يتقدّمن في مختلف المجالات ويتصدّين للكثير من المسؤوليّات.
ج. وجود الدوائر والمراكز المهتمّة بحلّ مشاكل المرأة والأسرة.
د. تخصيص ميزانيّة لدعم المرأة وحلّ مشاكلها.
من هنا، تحدّد في برنامج التنمية طوال السنة البنود المتعلّقة بالمرأة والأسرة، وهذه البنود تؤثّر على عمليّة وضع الخطط في الوزارات المختلفة.
3. كيف استفادت الجمهوريّة الإسلاميّة من إمكانات المرأة على مختلف الأصعدة؟ وهل من إحصاءات تبيّن ذلك؟
بعد انتصار الثورة الإسلاميّة، تحسّن وضع المرأة في مختلف المجالات، وتصدّرت -بصفتها نصف المجتمع في البلاد- دور الريادة في العديد من المجالات.
وبالنظر إلى التقدّم والإنجازات العديدة للنساء بعد الثورة، نشرت معاونيّة رئاسة الجمهوريّة لشؤون المرأة والأسرة تقريراً بحثيّاً في 7 مجالات هي: التربية، والصحّة، والتوظيف وريادة الأعمال، والإعلام، والرياضة، والحضور في مجال السلطة وصناعة القرار، والبيئة والمناخ والأزمات، وقد جُمعت هذه الإنجازات حسب الإحصاءات حتّى عام 2021م، نذكر منها في ما يأتي:
أ. في مجال التعليم:
- ازدادت حصّة المرأة في عضويّة الهيئة العلميّة في الجامعات بنسبة %33.3، وفي جامعات العلوم الطبّيّة بنسبة 43%، كما زاد عدد الطالبات في جامعات البلاد بنسبة 65%.
- جرى القضاء على أمّيّة النساء والفتيات بعد انتصار الثورة الإسلاميّة بنسبة %99.3، وقد تخطّت الطالبات الطلاب بنسبة 82%.
- أصبح ثمّة 9500 كاتبة و840 ناشرة ناشطة في البلاد.
ب. في مجال الصحّة:
- أجرت الطبيبات أكثر من 95 % من عمليات الولادة.
- مقابل كلّ 100 ألف امرأة في البلاد، ثمّة 60 قابلة و2.8 طبيبة نسائيّة وتوليد يعملن في البلاد.
ج. في مجال التوظيف وريادة الأعمال:
- يخصّص عائد 4200 صندوق ائتمان صغير مبلغ 1200 مليار ريال للمرأة الريفيّة من الائتمان الحكوميّ.
- تعمل 2390 سيّدة أعضاء في مجالس إدارة الشركات القائمة على المعرفة.
- يغطّي التأمين الاجتماعيّ النساء المعيلات لأسرهنّ.
د. في مجال الرياضة:
- ينشط في الدولة 16111 نادياً رياضيّاً للسيّدات.
- حصلت الرياضيّات على 3302 ميداليّة في المباريات الرياضيّة العالميّة الأخيرة.
-تولّت 70 سيّدة رئاسة لجان رياضيّة على مستوى المحافظات، وشغلت 51 سيّدة منصب رئيس ونائب رئيس اتّحادات رياضيّة.
- عملت 88366 امرأة إيرانيّة حكَمة في المسابقات الوطنيّة والدوليّة، وعملت الإيرانيّات في 97 مقعداً دوليّاً في الاتّحادات الرياضيّة العالميّة.
هـ. في مجال الإعلام:
- بلغت نسبة مشاركة المرأة الناشطة في مجال تكنولوجيا المعلومات 31.5%.
- عملت 903 مخرجات في مجال السينما.
- عملت ألفا سيّدة متخصّصة وراء كواليس السينما.
- فازت صانعات الأفلام بـ 114 جائزة وطنيّة و128 جائزة دوليّة في مهرجانات بارزة.
- كانت النساء حاضرات رئيسات لجان تحكيم في 45 مهرجاناً دوليّاً بارزاً.
و. في مجال السلطة وصنع القرار:
- تشكّل النساء %25.2 من مديري الدولة في جميع مستويات الإدارة التنفيذيّة العليا والمتوسّطة والأساسيّة.
- ارتفعت نسبة النساء المتطوّعات لتمثيل مجلس النواب في الدورة الحادية عشرة 722%.
- حصلت المرأة على 111 مقعداً في المجلس الإسلاميّ على مدى 11 دورةً.
- زادت مشاركة المرأة في البرلمان بنسبة 5.59%.
- ازداد عدد النائبات في مجلس الشورى الإسلاميّ 16.5%.
ح. في مجال البيئة والمناخ والأزمات:
- حازت المرأة منصب رئيسة منظّمة البيئة على مدى أربع دورات متتالية.
- تحتلّ النساء 04% من مناصب معاون رئيس منظّمة البيئة.
- توفير 20166 مأوى مؤقّتاً آمناً ومناسباً لإيواء النساء في المناطق المنكوبة خلال زلزال عام 2021م.
- توفير الاحتياجات الأساسيّة لـ20912 امرأة في المناطق المتضرّرة من الزلزال عام 2021م.
- تأمين بدل المعيشة لـ299120 امرأة متضرّرة من الأزمات المناخيّة.
4. لا ينكفئ الغرب عن تقديم الثورة الإسلاميّة كعدوّ للمرأة، خاصّة في إلزاميّة الحجاب. كيف تتعاطون مع هذا الأمر؟
في أحد خطاباته، قال الإمام الخامنئي دام ظله: إنّ المرأة في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة تتقدّم وتنمو في أيّ ساحة من ساحات الحياة، والمسألة المهمّة هي أنّ ذلك كلّه حدث في الأربعين سنة الماضية، والتي تخلّلتها عشرُ سنواتٍ في خضمّ العقوبات والحصار اللذين فرضتهما الدول الغربيّة، على رأسها الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
أمّا الذين يصوّبون على إلزاميّة الحجاب، فنقول لهم: إنّ كلّ هذا التقدّم الذي شهدته الجمهوريّة في زمنٍ قصير، فضلاً عن المكانة المرموقة التي حظيت بها المرأة، فسببه الالتزام بالفكر الإسلاميّ وأحكامه، وإلزاميّة الحجاب تأتي في إطار هذا الفكر نفسه. ونسأل في المقابل: إذا كان الحجاب عائقاً للمرأة المسلمة في إيران مثلاً، لمَ تشهد الجمهوريّة الإسلاميّة تنامياً مستداماً ونجاحاً مبهراً للمرأة على الصعد كافّة وهي مُحجبة؟! المرأة في إيران ملزمة بالستر والحشمة عموماً إن كانت مسلمةً أما لا، أمّا الحجاب الإسلاميّ فهو هوية المسلمة التي تُحافظ عليها هي من مبدأ وعيها وإدراكها وقناعتها. بل قلّما نجد في العالم مكانةً تتحلّى بها المرأة بقدر ما تتحلّى به المرأة في الجمهوريّة الإسلاميّة حتّى على مستوى الأم والجدّة في الأسرة، فكيف بالعالمة والمقتدرة في المجتمع؟!
5. بمَ يختلف واقع المرأة الغربيّة عن تلك الإيرانيّة على صعيد الأسرة والمجتمع؟
نحن في إيران نؤكّد دائماً على الدور المنزليّ والأسريّ للمرأة من جهة، وندعو إلى تفعيل دورها السياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ من جهة أخرى، مع التأكيد على دورها المحوريّ تجاه الأسرة والحفاظ عليه. والسيّد الإمام دام ظله كان قد ألقى كلمة جاء فيها: «نحن لا نتّبع المرأة الغربيّة ولا نتّبع المرأة التقليديّة بل القدوة الثالثة وهي المرأة الحسّاسة والعاطفيّة التي لها دورٌ مهمّ لا بديل عنه في الأسرة، لناحية أمومتها التي لا يمكن أن يتولّاها أحدٌ سواها، ودورها السَكَنيّ لزوجها، وهي في الوقت عينه تتمتّع بالخبرة السياسيّة والاجتماعيّة». هذا ما نريده ونؤسّس له ونربّي بناتنا عليه.
(*) عضو المجلس الثقافيّ الاجتماعيّ للمرأة، وعضو في الهيئة العلميّة لمكتب شؤون المرأة، وعضو في المجلس المركزيّ للحوزات العلميّة النسائيّة في الجمهوريّة الإسلاميّة. ولها عددٌ من المؤلّفات والدراسات.