مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أدب ولغة: كشكول الأدب

إبراهيم منصور

*من أجمل الحديث

حين رُئيَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وقد أجهد نفسه بالعبادة، قيل له: يا رسول الله، أتفعلُ هذا وقد غفرَ الله ما تقدَّمَ من ذنبكَ وما تأخَّر؟! فقال: "أفلا أكونُ عبداً شكوراً؟"(1).

*من أبلغ الحِكَم

من أجمل ما قيل في التصدِّي للفتنة والدُّعاء إلى الله ليهديَ الضالّين والمضلَّلين من مثيري الفتن، فيعرفوا الحقّ ويبتعدوا عن الظلم والعدوان، قولُ أمير البلاغة والبيان: "إنّي أكرهُ لكم أن تكونوا سبَّابين، ولكنّكم لو وصفتُم أعمالهم وذكرتُم حالهم كان أصوبَ في القول وأبلغَ في العُذر، وقلتُم مكان سبِّكم إيّاهم: اللهمَّ احقُنْ دماءَنا ودماءَهم، وأصلِحْ ذات بينِنا وبينِهم، واهْدِهم من ضلالتهم حتى يعرفَ الحقَّ مَنْ جهِلَهُ، ويرعويَ عن الغيّ والعدوان من لهج به"(2).

*من أجمل الدُّعاء

جاء في دُعاء النبيّ داود عليه السلام : "يا رازِقَ النعَّابِ في عُشِّه". النَّعّاب: الغُراب الذي ينعب، والنعيبُ: صوتُه، قيل: إنّ فرْخَ الغراب إذا خرج من بَيْضِه، يكون أبيض كالشَّحْمة، فإذا رآه الغُراب (الأب أو الأُمّ) أنكره وتركه، فيسُوقُ الله إليه البقَّ، فيقعُ عليه، فيلتقطُه ويعيش به إلى أن يطلعَ ريشُه ويَسْوَدَّ، فيعاوده أبوه وأُمّه.

*من معاني الأوَّاب

قيل إنَّ في هذه المفردة التي تكرّر ذكرها في القرآن الكريم، سبعة أقوال: قال قوم: الأوَّاب: الراحم، وقال قوم: الأوَّاب: التائب، وقال بعضهم: الأوَّاب: المسبِّح، وقال غيرُه: الأوَّاب: الذي يُذنب ثم يتوب ثمّ يُذنب ثمّ يتوب، وقال آخر: الأوّاب: المطيع، والأوّاب عند بعض اللّغويّين: الذي يذكر ذنْبه في الخلاء فيستغفر الله منه؛ وعند جُلّ أهل اللغة: الأوَّاب هو الرَّجَّاع الذي يَرْجَعُ إلى التوبة والطاعة، من فعل آبَ يؤوب، إذا رجع.

وقال الله تعالى: ﴿لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ(3).

*من أجمل الشِّعر

من أجمل ما قيل من شِعر يبعث على التأمُّل والتفكير في هذا الكون العجيب، هو قول الشاعر ابن الشِّبل البغداديّ:

بربِّكَ أيُّها الفلكُ المُدَارُ***أقَصْدٌ ذا المسيرُ أمِ اضطرارُ؟
مداركُ، قُلْ لنا في أيِّ شيءٍ***ففي أفهامنا منكَ انبهارُ
وفيكَ نرى الفضاءَ وهل فضاءٌ***سوى هذا الفضاءِ به تُدارُ؟
وفيكَ الشمسُ رافعةٌ شُعاعاً***بأجنحةٍ قوادمُها قِصارُ
وطوقٌ في النجومِ من الليالي***هِلالُكَ؟ أم يدٌ فيها سِوارُ؟
(4)

*من غريب اللغة

الرَّوْق؛ وهو القَرْنُ والرَّوْقان: القَرْنان، ومن هنا تُدْعَى الحربُ الشديدة المرهقةُ بذاتِ الرَّوْقَيْن، أي ذات القرنين؛ ومنه قول الإمام عليّ عليه السلام :
تِلْكُمْ قُرَيْشٌ تمنَّاني لتقتُلَني***فلا وربِّكَ ما بَرُّوا ولا ظَفِرُوا
فإنْ هَلكْتُ فرَهْنٌ ذِمَّتي لَهُمُ***بذاتِ رَوْقَيْن يعفو لها أَثَرُ

ويُروى البيت الثاني: "بذاتِ وَدْقَيْن"، وهي الحرب الشديدة أيضاً.

*بين العاميَّة والفصحى

الشَّنَب؛ بالعامية معناه الشارِب، واحدُ الشوارب، أمَّا بالعربية الفصحى فمعناه: رقَّة ماء يجري على الثغر، وقيل: رقَّة وبَرْدٌ وعذوبة في الأسنان، فالمرأة شَنْبَاء أو ذات شَنَب، هي الباردة الفم والأسنان في رقَّة وعذوبة؛ وقد جاء في صفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : "أنّه ضَليعُ الفم أشنب"، وهو من الشنب أي البياض والبريق في الأسنان(5).

*من جمال اللغة

تقول العرب: رجُلٌ مَشْبُوب، أي جميل، حَسَنُ الوجه، كأنَّه أُوقِدَ، وهو من فعل شَبَّ النارَ والحربَ يَشُبُّها إذا أوْقدَها وأَذْكاها، وكذلك رجُلٌ مشبوبٌ إذا كان ذكيَّ الفؤاد شَهْماً. وبعدُ، فرجُلٌ مشبوب إذا كان أبيضَ الوجه أسودَ الشعر، وأصلُه من شبَّ النارَ إذا أوقدَها فتلألأت ضياءً ونوراً؛ ومنه ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أنه ائْتَزَرَ بِبُرْدةٍ سوداء، فجعلَ سوادُها يَشُبُّ بياضَه، وجعلَ بياضُه يَشُبُّ سوادها، أي يَزْهاهُ ويُحسِّنُه ويُوقِدُه(6).

*من جذور الأسماء

المَشْعَبُ – شَعْبان؛ المَشْعَبُ بمعنى المُفْتَرَقُ من فعل شَعَبَ أي افترق، ومَشْعَبُ الحقِّ: طريقُه المفرِّق بينه وبين الباطل؛ قال الشاعر الكُمَيْت بن زيْد في مدح آل البيت عليهم السلام :
وما ليَ إلّا آلَ أحمد شِيعةٌ***وما ليَ إلّا مَشْعَبَ الحقِّ مَشْعَبُ

أمَّا شعبان فاسْمٌ للشهر، سُمِّي بذلك لتشعُّبِهم فيه، أي تفرُّقِهم في طلب المياه، وفي الغارات؛ وقال بعضُهم: إنّما سُمِّي شعبان لأنّه شَعَبَ أي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضان ورجب.

*من أخطاء العامَّة

شَوَّشَ؛ نقول بالعاميّة: شَوَّشَ الناسُ إذا خَلطوا وأفسَدوا، وهو خطأ وصوابُه: هَوَّشَ لا شَوَّشَ، وهو مأخوذٌ من فعل هاشَتِ الإبل هَوْشاً، إذ نَفَرَتْ في الفلاة فتبدَّدتْ وتفرَّقتْ، والهَوْشَةُ: الخلْط والفساد، وهَوَشاتُ الليل: حوادثُه ومكروهُه، وفي الحديث الشريف: "اتَّقوا هَوَشاتِ السُّوق"، أي اتَّقوا الضلال فيها، وأن يُحتالَ عليكم فَتُسْرَقُوا(7).

*من أجمل التشبيه

يشبِّه الإمام القائد عليّ الخامنئي الإنسان الحليمَ المؤمنَ بالبحر، فيقول: عوِّدوا أنفسكم على الحِلْم والتحمُّل، فالحِلم ليس بمعنى كظم الغيظ فقط، بل بمعنى التحمُّل والصبر أيضاً. فأمام تلك العوامل التي تغضب الإنسان، أو تغرِّر به، أو تحمله على السرور الفارغ، عليه أن يستوعب هذه العوامل كلّها، وكالبحر يهدِّئ الأنهار الهادرة بمجرد الوصول إليه.

*فائدة لغويَّة

قال النابغة الذّبيانيّ في مطلع إحدى قصائده:
كِلِيني لهمٍّ يا أُمَيْمَةُ ناصبِ***وليلٍ أُقاسيهِ بطيء الكواكبِ

قال: "ناصب" بمعنى مُنْصِب أي مُضْنٍ، أو بمعنى منصوب، أي يُتْعَبُ فيه؛ وهذا مِثلُ قولهم: ليلٌ نائم، أي ذو نوم، يُنامُ فيه، ورجُلٌ دارِع: ذو دِرْع، ومَوْتٌ مائت، وشِعْرٌ شاعر، ويومٌ عاصِف، أي تعصِف فيه الريح؛ و"ناصِب": اسم فاعل، من فعل نَصَبَ ينصِبُ، وجاء في الحديث الشريف أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: "فاطمةُ بَضْعَةٌ منّي، يُنْصِبُني ما أَنْصَبَها"، أي يُتعبُني ما أتَعبَها(8).

*من أجمل العِبَر والمواعظ

ما قاله أحد الشعراء والنحويّين واسمه الحسن بن عمرو الحلبي النحوي، وكان قد افتقر وتخلّى الناس عنه، فقال له صديقه يواسيه ويُخفِّفُ عنه: "كَفْكِفْ عَبْرتك وهَوِّنْ على نفسك، فمذ كانت الدنيا كانت غدّارةً مكَّارة، تقصد الأحرار بالمكاره، وتلقى أهل المروءات بالنوائب، وترميهم بالأوابد، وأكثر مَن ترى من هذا الورى فهُم عبيدٌ للطمع وأُسراء للجشع، يخونون الأخوان ويميلون مع الرجحان". فدمعت عيناه وأنشد:
الناسُ أتباعُ مَنْ دامتْ له النِّعَمُ***والويلُ للمرءِ إن زلَّتْ به القَدمُ
ما لي رأيتُ أخلّائي، وحاصلُهم***إثنانِ: مستكبرٌ عنّي ومُحتشمُ
لمّا رأيتُ الذي يجفون قلتُ لهم:***أذنبتُ ذنباً؟ فقالوا: ذنْبُكَ العَدَمُ
(9)


(*) عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين.
1- لسان العرب، ابن منظور، ج4، ص424، مادة شكر.
2- نهج البلاغة، من كلام له عليه السلام (206).
3- لسان العرب، م.س، ج1، ص219، مادَّة أوب.
4- نشوء الكون، جورج جاموف، ترجمة إسماعيل مظهر، من مقدّمة المترجم، ص9.
5- م.ن، ج1، ص507، مادة شنب.
6- م.ن، ج1، ص482، مادة شبب.
7- م.ن، ج6، ص366، مادة هوش.
8- م.ن، ج1، ص758.
9- معجم الأدباء، ياقوت الحموي، مجلّد 20، ص32 – 33. والأوابد: جمع آبدة، وهي الداهية الخالدة الذِّكر.

أضيف في: | عدد المشاهدات: