نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الافتتاحية: الاطمئنانُ بشارةُ الذاكرين


الشيخ بلال حسين ناصر الدين


تخيّل أيّها القارئ العزيز لو أنّ شخصين ينويان التوجّه نحو هدفٍ ما، وأنّ دون وصولهما إلى ذاك الهدف طريقاً طويلاً، وقد يتعرّضان فيه إلى بعض الحوادث والأحوال المرهقة والشاقّة، من وحشةِ ليلٍ ووعورةِ طريقٍ وغير ذلك.

الأوّل آمن بالهدف المنشود وأيقن بأهمّيّته وعظمته، فشحذ همّته وأعدّ عدّته وعتاده وزاده، وكان الهدف أكبر همّه. وأمّا الثاني، فلم يأخذ الوصول إلى هدفه بتلك الجدّية، فتلهّى عن التزوّد والتجهّز بما ينبغي، بأمور سطحيّة آنيّة لا طائل منها ولا جدوى، حتّى جاء وقت المسير. فمن البديهيّ أن يسلك الأوّل منهما طريقه بثبات وطمأنينة، وإن وقعت في طريقه الحوادث والنوازل سيبقى ثابتاً لا يتزلزل، بل سيرى كلّ ما يعترضه أموراً ثانويّة لا أهمّيّة لها، ولو كانت شديدة وقاسية، ذلك أنّ الهدف كان لديه أهمّ وأعظم، وقد تجهّز بالعناصر الضامنة لثباته. أمّا الثاني، فسيقع لا محالة في شباك الوهن والضعف عند كلّ حادثة تعترض طريقه، وبهذا، قد لا يصل إلى الهدف المنشود، فضلاً عمّا يعيشه من حالة اضطراب ووهن.

ما كان عليه الأوّل من ثبات وقوّة، هو ما نعبّر عنه بالطمأنينة، والتي تعدّ ضالّة كلّ إنسان عاقل في هذه الحياة ومطلبه، والتي تظهر في جميع أحوال الإنسان.

ولأنّ الله تعالى أعلم بما يُصلح عباده ويضمن لهم طريق نجاتهم في الدنيا والآخرة، على صعيد أمورهم الماديّة والمعنويّة على حدّ سواء، فقد أرشدنا إلى ما يضمن العيش بحالة الطمأنينة تلك، ودلّنا على العناصر التي تضمن ذلك، من عبادات وغيرها، ومنها ذكرُ الله سبحانه، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 41)، بل جعل الله تعالى ذِكره متربّعاً على عرش تلك العناصر، حيث قال: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ (العنكبوت: 45).

إنّ ذكر الله حالة قلبيّة، تُترجم على اللسان بالأحرف والكلمات، وهو تعبير آخر عن الحالة الإيمانيّة التي يعيشها الإنسان، والتي تدفعه ليربط كلّ ما في هذا الكون بخالقه ومدبّره سبحانه، ويضع كلّ ما يقع فيه في خانة القدر والقضاء الإلهيّين، ما يجعله أكثر صبراً وثباتاً وطمأنينةً وحلماً، بل تصبح نظرته إلى المستقبل نظرة إيجابيّة لا بؤس فيها ولا تباؤس، حتّى وإن كان يعيش حالاً من الضيق والعسر على صعيد أموره الدنيويّة. أمّا الذي يفتقد إلى هذا المعنى في قلبه، ولا يعيش هذا الذكر القلبيّ، فإنّه يبقى مضطربَ الحال خائفاً وجلاً من حاضره بل ومن قابل أيّامه، ولو كان يعيش الدعة ورغد الحياة.

وقد أكّد سبحانه وتعالى في محكم كتابه أنّ الإيمان الخالص به إنّما هو طريقٌ للأمن النفسيّ للإنسان، ولعلّه الطريق الوحيد الذي لا مناص من سلوكه لمن رام الاستقرار في حياته، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (الأنعام: 82).

هذا وقد بشّر الله تعالى الذاكرين له، بطمأنينة قلوبهم وثباتها، حيث قال: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ (الرعد: 28).

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع