آية الله الشيخ عبد الله جوادي الآمليّ
النوم واليقظة من الاحتياجات البشريّة الأساسيّة التي ينبغي للإنسان العمل على تنظيمها بشكلٍ صحيح. فالنوم مصدر قوّة للجسم والروح، وبه يتقوّمان، وأيّ اضطراب يصيبهما سوف ينعكس على مسار الحياة الاعتياديّة للإنسان وقيامه بوظائفه في اليقظة على الوجه الأمثل. وتزخر روايات العترة الطاهرة عليهم السلام بتعاليم خاصّة تتعلّق بمراعاة بعض الأمور عند ممارسة الأعمال وآداب النوم وأوقاته، وتجنّب الإفراط والتفريط فيه، نستعرض بعضاً منها في هذا المقال.
* آداب النوم
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يَا عَلِيُّ! النَّوْمُ أَرْبَعَةٌ: نَوْمُ الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام عَلَى أقْفِيَتِهِمْ، وَنَوْمُ المُؤْمِنِينَ عَلَى أيْمَانِهِمْ، وَنَوْمُ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ عَلَى أَيْسَارِهِمْ، وَنَوْمُ الشَّيَاطِينِ عَلَى وُجُوهِهِمْ"(1).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "النَّوْمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ عَلَى أَقْفِيَتِها مُسْتَلْقِيَةً وَأَعْيُنَها لا تَنَامُ مُتَوَقِّعَةً لِوَحْيِ رَبِّها عَزَّ وَجَلَّ، وَالمُؤْمِنُ يَنَامُ عَلَى يَمِينِهِ مُسْتَقْبِلاً القِبْلَةَ، وَالمُلُوكُ وَأَبْنَاؤُهَا تَنَامُ عَلَى شِمَالِها لِيَسْتَمْرِئُوا مَا يَأْكُلُونَ، وَإِبْلِيسُ وَأَخَوَاتُهُ وَكُلُّ مَجْنُونٍ وَذُو عَاهَةٍ يَنَامُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ مُنْبَطِحِينَ"(2).
وروي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قوله: "وَكَانَ صلى الله عليه وآله وسلم يَسْتَاكُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَيَأْخُذُ مَضْجَعَهُ، وَكَانَ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا آوَى إِلَى فِرَاشِهِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ وَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الأَيْمَنِ"(3).
وقال الإمام الرضا عليه السلام: "النَّوْمُ سُلْطَانُ الدِّمَاغِ وَهُوَ قِوَامُ الجَسَدِ وَقُوَّتُهُ، فَإِذَا أَرَدْتَ النَّوْمَ فَلْيَكُنْ اضْطِجَاعُكَ أَوَّلاً عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ انْقَلِبْ عَلَى الأَيْسَرِ، وَكَذَلِكَ فَقُمْ مِنْ مَضْجَعِكَ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ كَمَا بَدَأْتَ بِهِ عِنْدَ نَوْمِكَ"(4).
وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "لا يَنْبَغِي للشَّيْخِ الكَبِيرِ أَنْ يَنَامَ إِلّا وَجَوْفُهُ مُمْتَلِئٌ مِنَ الطَّعَامِ، فَإنَّهُ أَهْدَأُ لِنَوْمِهِ وَأَطْيَبُ لِنَكْهَتِهِ"(5).
* مكان النوم
نَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ(6). وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "وَلا تَنَامَنَّ عَلَى دَابَّتِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ سَرِيعٌ فِي دَبَرِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الحُكَمَاءِ إِلّا أَنْ تَكُونَ فِي مَحْمَلٍ يُمْكِنُكَ التَّمَدُدُ لاسْتِرْخَاءِ المَفَاصِلِ..."(7).
* أوقات النوم
قال الإمام محمّد الباقر عليه السلام: "النَّوْمُ أَوَّلَ النَّهَارِ خُرْقٌ (وَالقَائِلَةُ) نِعْمَةٌ، والنَّوْمُ بَعْدَ العَصْرِ حُمْقٌ، والنَّومُ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ يَحْرِمُ الرِّزْقَ"(8).
وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "النَّوْمُ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ يُورِثُ الفَقْرَ، والنَّوْمُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يُورِثُ الفَقْرَ"(9).
* الاعتدال في النوم
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثَلاثَةٌ يُحِبُّهَا اللهُ: قِلَّةُ الكَلامِ، وقِلَّةُ المَنَامِ، وَقِلَّةُ الطَّعَامِ"(10)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أَخْشَى مَا خَشيتُ عَلَى أُمَّتِي... مُدَاومَةُ النَّوْم..."(11).
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "أَهْلُ الدُّنْيا مَنْ كَثُرَ... نَوْمَهُ"(12)، وقال عليه السلام أيضاً: "كَثْرَةُ الأَكْلِ والنَّوْمِ تُفْسِدَانِ النَّفْسَ وتَجْلِبَانِ المَضَرَّة"(13).
وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام: "كَثْرَةُ النَّوْمِ مَذْهَبَةٌ للدِّينِ والدُّنْيَا"(14).
وقال الإمام محمّد الباقر عليه السلام: "أَرْبَعَةٌ القَلِيلُ مِنْهاَ كَثِيرٌ؛ النَّارُ القَلِيلُ مِنْهَا كَثِيرٌ، والنَّوْمُ القَلِيلُ مِنْهُ كَثِيرٌ، والمَرَضُ القَلِيلُ مِنْهُ كَثِيرٌ، والعَدَاوَةُ القَلِيلُ مِنْها كَثِير"(15).
(*) من كتاب مفاتيح الحياة، الفصل 11، ص179-182.
1- الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 365.
2- الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج 1، ص 223.
3- الشيخ الطبرسي، مكارم الأخلاق، ص 38.
4- العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 59، ص 316.
5- الشيخ الطبرسي، مصدر سابق، ص 147.
6- السيوطي، الجامع الصغير، ج 2، ص 707.
7- الشيخ الكليني، الكافي، ج 8، ص 349.
8- الشيخ الصدوق، مصدر سابق، ج 1، ص 502.
9- الشيخ الصدوق، الخصال، ص 505.
10- الريشهري، ميزان الحكمة، ج 1، ص 506.
11- السيوطي، مصدر سابق، ج 1، ص 49.
12- الديلمي، إرشاد القلوب، ج 1، ص 201.
13- الريشهري، موسوعة الأحاديث الطبيّة، ج 2، ص 422.
14- الشيخ الكليني، مصدر سابق، ج 5، ص 84.
15- الشيخ الصدوق، مصدر سابق، ص 238.