الشيخ بسّام محمّد حسين(*)
ها هو العام الثاني والثلاثون لمجلّة "بقيّة الله"، التي أطلّت على قرّائها عام 1990م، من خلال كتاباتٍ تحمل ثقافةً إسلاميّةً أصيلةً، واكبت خلالها عشرات المواضيع المهمّة التي تمسّ مختلف التحدّيات الثقافيّة للإنسان المؤمن، بأسلوبٍ سلسٍ وسهلٍ ومختصرٍ، يخاطب شرائح عمريّة متنوّعة، وخصوصاً تلك التي تُعنى بفئة الشباب والأسرة.
وإذ كانت الثقافة هي المحرّك الأساس لعمل الإنسان، كان لا بدّ من ربطها بالهدف الكبير الذي يُسعى للوصول إليه. وبما أنّ التمهيد لظهور الإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف هو هدفنا وعنوان حركتنا، فقد جاءت تسمية المجلّة: "بقيّة الله"؛ لتكون تعميقاً لهذا الارتباط بإمام زماننا وحركته المباركة.
* في وجه الصعوبات
عملت المجلّة خلال سنواتها المديدة في أصعب الظروف؛ فلم تتوقّف حتّى في حرب تمّوز 2006م، فرافقت المجاهدين في جُعبهم، ودخلت إلى بيوت الناس الصامدين في قراهم ومدنهم، ما عزّز حضورها بشكلٍ دائم لدى قرّائها، الذين لم تغب يوماً عنهم.
ومع توسّع المجال الإعلاميّ إلى العالم الافتراضيّ على تنوّعه في وسائل التواصل، أطلقت مجلّة "بقيّة الله" موقعها على الإنترنت، ثمّ صفحتها على "فايسبــوك" فـ "تويتــر" و"تلغــرام"، وأخيراً- وليس آخراً- فعّلت عدّة مجموعات على تطبيق الواتس آب؛ فتلقّفها القرّاء في أنحاء مختلفة من العالم الإسلاميّ والغربيّ، بشغفٍ ومتابعة، رغم حالات الحجب والحظر المتكرّرة من إدارات بعضها.
* منهجاً وفكراً
وقد شكّلت "بقيّة الله" في ميادينها المختلفة باقة متنوّعة من ثقافة الإسلام المحمّديّ الأصيل؛ فسلكت منهجاً يعتمد القرآن الكريم، وحديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وعترته الطاهرة عليهم السلام، والخطّ الإسلاميّ العام لعلمائنا الأبرار (رضوان الله عليهم)، مع التركيز على فكر الإمام الخمينيّ قدس سره ونهجه بشكلٍ خاصّ، ورؤية سماحة الإمام الخامنئي دام ظله وتوجيهاته، وتعاليم القادة الشهداء، كشيخ شهداء المقاومة الإسلاميّة الشيخ راغب حرب، وسيّد شهدائها السيّد عبّاس الموسويّ (رضوان الله عليهما)، وكذلك تعاليم سماحة الأمين العام السيّد حسن نصر الله (حفظه الله).
* تنوّعٌ وغنى
كما استفادت المجلّة خلال مسيرتها من متخصّصين، وكتّاب في مختلف المواضيع ذات الصلة، وأجرت عشرات المقابلات والتحقيقات، مع باحثين وأكاديميّين وذوي خبرة في المجالات المحدّدة؛ لتكون مروحة الاستفادة واسعة وغير منحصرة في فئة معيّنة.
وللمجلّة مع المجاهدين والشهداء والجرحى وأُسَرِهم ومحبّيهم قصص طويلة، تعود إلى لحظاتها الأولى؛ حيث لم يخلُ عددٌ من حضورهم، إن كان في قالب قصّة أو سيرة أو وصيّة أو مقابلة أو تحقيق أو مقالة؛ إذ يتناول كلّ منها شأناً من شؤونهم، أو بُعداً من أبعاد سيرتهم وتضحياتهم.
* لمحة في الإنجازات
لقد شكّلت حصيلة هذه العقود الثلاثة خزّاناً ثقافيّاً ومعرفيّاً كبيراً، سنحاول الإضاءة عليه من خلال إحصاء موجز، يُعطي صورة عامّة عن حجم الجهد المبذول، والعطاء المميّز الذي قدّمته هذه المجلّة:
1- أبواب المجلّة
يبلغ عدد الأبواب في المجلّة 123 باباً في حقول متنوّعة، يمكن الإشارة إلى بعضٍ منها من خلال الجدول الآتي:
اسم الباب | عدد المقالات | ملاحظات |
مع إمام زماننا | 254 |
مستمرّ- سُمّي بدايةً: في رحاب بقيّة الله |
قرآنيّات | 376 | مستمرّ |
نور روح الله | 285 | مستمرّ- سُمّي بدايةً: نداء روح الله |
مع الإمام الخامنئيّ | 335 | مستمرّ |
إلى كلّ القلوب | 89 | مستمرّ |
منبر القادة | 47 | مستمرّ |
فقه الوليّ | 386 | مستمرّ |
أخلاقنا | 145 | مستمرّ |
وصايا العلماء |
138 |
مستمرّ- سُمّي فترةً: نصوص تراثيّة |
اعرف عدوّك | 96 | مستمرّ |
أسرة ومجتمع | 340 | مستمرّ |
تربية | 276 | مستمرّ |
أمراء الجنّة | 353 |
مستمرّ |
وصيّة شهيد | 369 | مستمرّ |
تسابيح جراح | 38 | مستمرّ |
شخصيّة العدد | 132 | من حين إلى آخر |
صحّة وحياة | 260 | مستمرّ |
شباب | 109 | من حين إلى آخر |
مقابلات | 162 | مستمرّ |
2- الملفّات
تقوم فكرة "الملفّ" على اختيار عنوان خاصّ لمعالجته من جوانب مختلفة؛ دينيّة وتربويّة وأخلاقيّة واجتماعيّة ونحو ذلك، وقد بلغ عدد الملفّات المطروحة في المجلّة 300 عنواناً، عالجت أموراً مفيدة ومهمّة وذات أثر فكريّ وعمليّ.
وتستوحي أسرة المجلّة عناوين ملفّاتها من حاجة الساحة الثقافيّة بشكلٍ أساس، وقد تستوحي بعضاً منها من كلمات سماحة الأمين العام السيّد حسن نصر الله (حفظه الله)، كما حصل في ملفّ: (الكيان المؤقّت إلى زوال)، وقد تستوحي بعضاً آخر من طرح خصوم المقاومة في لبنان، كما في موضوع الحياد، حيث تناولته في ملف: (عاشوراء نهجٌ لا يقبل الحياد)، كما أنّ ثمّة بعضاً من الملفّات تفرض نفسها، كما حصل في ملف: (كورونا... ملامح حياة جديدة).
ومن هنا، نجد أنّ المجلّة قد تناولت عدداً كبيراً من الملفّات ذات الطابع الابتلائيّ والإشكاليّ، فأضاءت على مواضيع من قبيل: الصلاة، وخدمة الناس، وولاية الفقيه، وسيرة الإمام الخمينيّ قدس سره وفكره، والحرب الناعمة، والإعلام المقاوم، والحجاب، والمرأة في دوّامة العمل، والشباب، والمخدّرات، وفوضى المخالفات، والرصاص الطائش، والبلطجة والاستقواء، والفتنة، وآخرها (الأسرة: تحدّيات وتهديدات).. إلخ.
3- المقابلات
حرصت المجلّة على استقبال شخصيّات مميّزة، تطلّ من خلال صفحاتها على القرّاء، ليستفيدوا من فكرها وعلمها ومعرفتها. وكان للعديد من الشخصيّات العلميّة والقياديّة حضوراً بارزاً في المجلّة، نشير منهم إلى:
1- سماحة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله (حفظه الله)، في مقابلة حول: المكتب الشرعي للإمام الخامنئيّ دام ظله في لبنان: الدور والأهداف والإنجازات (2).
2- سماحة الشيخ محمد يزبك (حفظه الله)، في مقابلة حول: المكتب الشرعي للإمام الخامنئيّ دام ظله في لبنان: الدور والأهداف والإنجازات(1).
3- العلّامة المحقّق السيّد جعفر مرتضى العامليّ رحمه الله، في مقابلات حول: تساؤلات حول ظهور الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف وعلامات آخر الزمان، وحجّة الوداع: غدير من عطاء، وحول السيّدة خديجة الكبرى i، والباحث التاريخيّ.
4- العلّامة المحقّق السيّد محمّد ترحيني رحمه الله، في مقابلة حول: المشروع والممنوع من العوذات والأحراز.
5- الأديب والكاتب والأستاذ سليمان كتّاني في لقاء خاصّ.
6- كبير القرّاء العرب الشيخ أحمد النعينع، في مقابلة تحت عنوان: هذه رحلتي مع القرآن.
7- كريمة الإمام الخمينيّ قدس سره الراحل السيّدة زهراء مصطفوي، في مقابلة حول: الإمام قدس سره في دائرة الضوء.
8- حرم المفكّر الإسلاميّ والمرجع الكبير الشهيد السيّد محمد باقر الصدر قدس سره، السيّدة فاطمة الصدر (أمّ جعفر)، في حوار تحت عنوان: حديث الذكريات.
9- الأسير المحرّر القائد الشهيد سمير القنطار، في مقابلة تحت عنوان: تضحيات المقاومة الإسلاميّة دَينٌ في عنقي.
10- آية الله الشيخ محمّد عليّ التسخيري رحمه الله: (أمين عام المجمع العالميّ للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة)، في مقابلة تحت عنوان: رسالة تقريب لمشروعٍ يوحّد الأمّة.
4- تحقيقات
تقوم فكرة التحقيق الميدانيّ على طرح تساؤل، يتناول موضوعاً لافتاً، يحتاج إلى الإضاءة عليه، تستصرح المجلّة الناس عبر تحديد آرائهم، سواء الموافق منهم أو المخالف، ثمّ توضع بين يدي مجموعة من المتخصّصين أو الباحثين بذلك الموضوع لمعالجته.
بلغ عدد التحقيقات التي أجرتها المجلّة 180 تحقيقاً، تعدّدت عناوينها في اتّجاهات مختلفة، نشير منها إلى: كتاب قد يغيّر حياتك- "واتس آب" صراع بين المجانية وضياع الخصوصية- من يختار لي تخصصي الجامعي؟- مبدعون رغم الجراح- أهل الخير من هم؟ وغيرها من العناوين.
5- المسابقات
من الأنشطة التفاعليّة التي حرصت عليها المجلّة منذ انطلاقتها في عددها الأوّل هي فكرة المسابقة الثقافيّة، لما تمثّله من حركة تواصل لاقت تفاعلاً كبيراً مع قرّائها، ولم يتوقّف هذا النشاط حتّى في حرب تمّوز 2006م.
وتنقسم المسابقات في المجلّة إلى قسمين: الأوّل: شهريّ، والثاني: سنويّ. وقد بلغ عدد المسابقات الشهريّة 369، بينما بلغ عدد المسابقات السنويّة 14، (المهدويّة 13، الوعد الصادق 1).
وتشجيعاً من المجلّة لقرّائها، تُوزّع الجوائز على الفائزين عبر سحب الاسم بالقرعة، وقد بلغ عدد الجوائز الشهريّة المقدّمة من المجلّة حتّى الآن نحو 4048 جائزة، بينما بلغ عدد الجوائز السنويّة نحو 950 جائزة.
هذا عدا عن بعض الجوائز السنويّة التي تُقدَّم ترضيةً لمن لم يحالفهم الفوز في القرعة الشهريّة، والتي بلغت نحو 750 جائزة. وقد تنوّعت الجوائز بين مبالغ ماليّة، وبين عمرة مجانية، وزيارات إلى العتبات المقدسة، وبين مجموعة من الإصدارات والكتب والموسوعات القيّمة، فضلاً عن بعض الجوائز التقديريّة والاشتراكات المجانية في المجلّة.
تقوم فكرة المسابقة الشهريّة على اختيار الأسئلة من العدد الشهريّ نفسه؛ إذ يُستخرج من كلّ مقال سؤال واحد، واضح ومباشر، وتكون إجابته من المقال نفسه.
أمّا المسابقة السنويّة، فتقوم فكرتها على تعميق الارتباط بالإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، من خلال اختيار مجموعة أسئلة من كتاب مهدويّ تختاره المجلّة، أو تقوم بإعداده وطباعته ونشره.
6- إصدارات المجلّة
1- القرص المدمج: جمعت المجلّة أعدادها من العدد (صفر) إلى العدد (240)، وأصدرتها في قرص مدمج خاصّ؛ ليكون هذا الأرشيف في متناول القرّاء الذين يرغبون في الرجوع إلى أيّ عدد من أعدادها. وتعمل المجلّة حاليّاً على تجديد هذا الإصدار ليضمّ بقيّة الأعداد التي صدرت لاحقاً.
2- كتب المجلّة: أصدرت المجلّة خلال مسيرتها عدداً من الإصدارات، تمّت الاستفادة منها في المسابقات السنويّة، سنتحدّث عنها في مقال آخر.
* حقيقة جليّة
ولا تزال هذه المجلّة، بتوفيقٍ من الله تعالى وعناية مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، مستمرّةً في عطائها ومساهمتها المتواضعة، التي تشكّل نافذةً على الثقافة الإسلاميّة العامّة، لتبقى في خدمة الإسلام المحمّديّ الأصيل، وفي طريق التمهيد العمليّ لظهور إمامنا الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، من خلال القيام بوظيفة "جهاد التبيين"، الذي أوصى به الإمام الخامنئيّ دام ظله، لتصل إلى كلّ قارئ يبحث عن الحقيقة.
(*) رئيس تحرير المجلّة.
النبطية
زينة غندور
2022-07-04 06:00:47
بوركتم وبارك الله هذا النهج الأصيل من أصالة هذا الدين الحنيف