نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

اتساع الفقه والاستدلال في الفروع‏



آية الله محمد إبراهيم جناتي‏/ ترجمة الشيخ أحمد وهبي‏


تبدأ هذه المرحلة من زمان آية الله العلامة الحلي (648 - 736هـ) وتستمر حتى زمان علامة الدهر والمجدد الكبير الوحيد البهبهاني المتوفي سنة (1305هـ)، هذه المرحلة مليئة بالأبحاث الاستدلالية الواسعة، والنقد والتحليلات الجديدة في نظريات الفقهاء. وأنه وإن كان النقض والإبرام في آراء الفقهاء كان رائجاً، ولكن لم يكتف بذلك كان الفقهاء كالسابق يدرسون الأخبار والروايات أيضاً، وأنها هل هي صحيحة من ناحية السند والدلالة على المقصود أم لا؟ وهل عمل بها الأصحاب أم لا؟ بناءً على ذلك ظهرت أساليب جديدة في كيفية استخراج واستنباط الأحكام الشرعية، وكان أن لاقى الفقه الإسلامي في أواخر هذه المرحلة تطوراً ورقياً ملحوظاً، هذا التكامل والتطور مدين لسعي الفقهاء الدائم في دراسة الكتب الماضية وتنقيح أصولها ومبانيها وبيان مداركها، تلك الكتب التي ما تزال حتى الآن مورداً للمراجعة والبحث لدى الفقهاء.

* الشخصيات العلمية في هذه المرحلة:
حامل لواء هذا الأسلوب المرحوم العلامة الحلي قدس سره فهو قد انطلق للسعي والجد في البحث وفي جمع الأقوال والمقارنة بينها وفي التحقيق والتوسعة في الاستدلال، وحرر كتباً لا نظير له في علم التفريع بين جميع التصانيف الإسلامية، وله كتاب آخر هو "تذكرة الفقهاء" الذي كتب في المسائل الخلافية، وهو أيضاً كتاب لا يوجد مثله من جهة الشمولية والمقارنة بين الآراء وتطوير أساليب البحث حتى هذا الزمان. ومن كتبه الفقهية الأخرى "تحرير الأحكام" "النهاية" و"المنتهى" التي تشتمل جميعها على الأبحاث الفقهية والكثير من الاستدلالات.
- ابن العلامة الحلي، فخر المحققين (482 - 771هـ) مؤلف كتاب "إيضاح القواعد" الفقهي، وهو أيضاً كأبيه تابع سعيه في التوسعة والتفريع والتفصيل في المسائل الفقهية، وتطبيق القواعد الفقهية على مصاديقها العينية.
- الشهيد الأول جمال الدين محمد بن مكي (734 - 786هـ) مؤلف كتاب "ذكرى الشيعة" و "الدروس" وهو أيضاً وضع المسائل الأصلية للفقه في كتبه الفقهية موضع البحث بنحو استدلالي شامل.
- المحقق الثاني نور الدين علي بن عبد العالي الكركي (متوفى سنة 940هـ) مؤلف كتاب "جامع المقاصد" في شرح القواعد للعلامة الحلي. وهو ألف أيضاً إلى هذا كتباً أخرى طرح فيها المسائل الفقهية بشكل واسع وطرح آراء مبتكرة وهامة.
- آية الله الشيخ علي بن عبد العالي الميسي (المتوفى سنة 938هـ) صاحب "شرح الجفرية" و "شرح رسالة صيغ العقود والإيقاعات".
- الشهيد الثاني زين الدين الجبعي (911 - 6 - 965هـ) مؤلف كتاب "مسالك الإفهام في شرح شرايع الإسلام".
الشهيد بذل جهده الكامل في تآليفه لبحث المسائل الفقهية بشكل واسع استدلالي، وأجرى بهذا الأسلوب الأصول الكلية في المسائل الفرعية.
- العلامة الشيخ حسين عبد الصمد، والد الشيخ البهائي مؤلف شرح قواعد العلامة وحاشية الإرشاد (918 - 984هـ) وهو كان يعتقد بوجوب صلاة الجمعة العيني في زمان الغيبة الكبرى لإمام العصر (عجل الله فرجه).
- آية الله السيد محمد (1009ه)، مؤلف كتاب "مدار الأحكام" في شرح الشرائع.
- كتب الحديث في هذه المرحلة:
في هذه المرحلة كتبت جوامع حديث أكثر شمولية نسبة لكتب المرحلة الثالثة نذكر من جملتها:
- "وسائل الشيعة إلى تحصيل الشريعة"، تأليف محمد بن الحسن الحر العاملي (1033 - 1104) الذي طبع مؤخراً في 20 مجلداً.
- "الوافي" في أصول وفروع وسنن الأحكام، كتابة المرحوم الفيض الكاشاني (1007 - 1091هـ) هذا الكتاب مشتمل على جميع أحاديث الكتب الأربعة وطبع في ثلاثة مجلدات كبيرة.
- "بحار الأنوار" تأليف الشيخ محمد باقر المجلسي (1037 - 1101هـ) الذي طبع أخيراً في 110 مجلدات هذا الكتاب هو أكبر مجموعة حديثية شيعية، ويعد اليوم محور المسائل الدينية في نظر الشيعة الإمامية، ولا يوجد مثل هذا الكتاب بين جوامع الحديث بهذه السعة.

7 - مرحلة الرشد والتكامل:
هذه المرحلة تبدأ من عصر العلامة والأستاذ الكبير ومجدد القرن الثالث عشر المرحوم السيد محمد باقر بن محمد الوحيد البهباني (6 - 1117 - 8 - 1205هـ) واستمرت حتى زمان الشيخ الأعظم والعالم الفذ الشيخ مرتضى الأنصاري الدزفولي (المتوفى سنة 1281هـ).
شهد العالم الإسلامي في طول هذه السنوات حركة فقهية متكاملة، فقد طرحت مسائل فقهية مختلفة في جميع المواضيع، وبما أن فقهاء هذه المرحلة قد حصلوا على أعلى مرتبة في البحث والنظر والاستدلال والتحقيق الكامل، فقد أوصلوا فقه الشيعة إلى قمة نضوجه، والسبب أولاً أن الفقهاء قاموا بنقد وتحليل المسائل الموجودة وفرعها بالنحو الأحسن، وثانياً أنهم في كل مسألة كانوا يأخذون بالاعتبار الأدلة الاجتهادية أعم من الكتاب والسنة، ومن هذه الناحية كانوا يلاحظون أقوال الفقهاء السابقين ثم يقومون بنقضها والإيراد عليها.
كل الحسنات التي كانت تتمتع بها المراحل السابقة اجتمعت في هذه المرحلة. وكان لهذه المرحلة تأثير عميق في تقدم الفقه الإسلامي بحيث أن طلاب العلم ما زالوا حتى الآن يدرسون أبحاث هذه المرحلة الفقهية، ويستفيد من تحقيقاتها ومن الآراء والأفكار المطروحة فيها ويرفعون إلى أعلى المراتب العلمية.

* رجال العلم في هذه المرحلة:
في صدر رجال هذه المرحلة المرحوم الوحيد البهباني، الذي هو المحور الأصولي لهذه القفزة الفكرية وقدم آراء وأفكاراً عميقة، وهو الذي أظهر نظرية جديدة في أصول معرفة رواة الأخبار، وساقها من الطريقة التقليدية القديمة إلى الأسلوب التحقيقي الحر، وصحح بهذه الطريقة كثيراً من الأحاديث التي كانت أساس المسائل الفقهية في الأبواب المختلفة.
- الفقيه الكبير آية الله السيد علي الطباطبائي (1161 - 1231هـ) ابن أخت المرحوم الوحيد البهباني ومؤلف كتاب "رياض السائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل" هذا الكتاب هو أول مجموعة فقهية تحتوي على دورة كاملة في الفقه الاستدلالي من بداية كتاب "الطهارة" حتى آخر كتاب الديات، وبحثت فيه المسائل الفقهية بشكل كامل، واستخدم في ترتيب وتنظيم أبوابه وطرحت آراء ونظريات لم يسبق لها مثيل.
- الملا أبو القاسم المعروف بالميرزا القمي المتوفى (1227 - 1231هـ) مؤلف كتاب "القوانين" هذا الكتاب هو بحر عميق وعظيم من العلم والمعرفة، وهو أسد شرس في التحقيق أسس مباني أصول الفقه بشكل ملحوظ.
- آية الله العظمى السيد مهدي بحر العلوم (155 - 1212هـ).
- المحقق العظيم والأستاذ الكبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء (1156 - 1228هـ) مؤلف كتاب "كشف الغطاء من مبهمات الشريعة الغراء" هذا الشيخ الكبير استودع في كتابه أساس الاجتهاد والاستنباط للأجيال الآتية، قال فيه الشيخ الأنصاري: "من أتقن القواعد الأصولية التي طرحها الشيخ في كشف الغطاء فهو بنظري مجتهد".
- آية الله الشيخ أسد الله التستري المتوفى سنة (1334هـ).
- آية الله العظمى الملا محمد "شريف العلماء" المتوفى سنة (1245هـ)، هذا العالم الكبير مع كل ما لديه من العلم الفياض والإحاطة الكبيرة بالفقه لم يخلف أي كتاب له، ولكن خرج من مجلس درسه أكثر من ألف مجتهد في الفقه والأصول، له فقط كتاب مختصر في علم الأصول كتبه في مسألة "قاعدة الأمر مع العلم بانتفاء الشرط".
- آية الله العظمى السيد محمد المجاهد، ابن صاحب الرياض المتوفى سنة (1242هـ) مؤلف الكتاب الفقهي "المناهل" وهو كتاب قيم ومفيد وفيه جميع الأدلة والأقوال وحاو للفروع والمسائل المختلفة، قيل فيه أنه أفضل كتاب فقهي.
- آية الله الملا محمد النراقي الكاشاني المتوفى سنة (1209هـ) مؤلفة "معتمد الشيعة في أحكام الشريعة" و "اللوامع" في الفقه.
- الفقيه الكبير آية الله الملا أحمد النراقي (1185 - 1245هـ) صاحب كتاب "مستند الشيعة في أحكام الشريعة" هذا الكتاب هو آية على تبحره وقدرته غير العادية في الأبحاث الفقهية.
- آية الله العظمى الشيخ محمد حسن النجفي (1192 - 1200 - 1266هـ) مؤلف كتاب "جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام" وهو مجموعة قيمة ليس لها نظير في تاريخ تدوين الفقه في سعة وشمولية التحقيق والقدرة على الاستدلال.
من خصائص هذه المرحلة العدد الكبير للفقهاء الذي عاشوا في هذه الفترة، وجميعهم كانوا من تلامذة المرحوم الوحيد البهباني، وقد رفعوا راية التحقيق والتوسعة في البحث الاستدلال بسبك جديد وأسلوب متكامل، وأودعوا كتاباتهم أصولاً أساسية للاجتهاد والاستنباط للأجيال الآتية، ولا شك ف أن الخدمة التي قدموها في هذه المرحلة مهمة وقيم جداً، لأنهم وضعوا أساس تكامل الفقه للمراحل المستقبلية استفاد منه الآخرون استفادة عظيمة.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع