مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مشكاة الوحي: السعادة الحقيقية

 


كلّ إنسان يسعى للوصول إلى هدف يجد فيه مبتغاه ويحقّق عنده مآربه، وتطمئن إليه نفسه، ويرتاح فيه باله، ويسمّى هذا الهدف "السعادة".
ومع أنّ الاتجاه إلى هذا الهدف نزعة فطرية في الإنسان، إلاّ أنّه لا يستطيع بغير هداية الأنبياء. أن يسلك الطريق الذي يوصله إلى هذا الهدف.
وفي عالمنا اليوم – حيث تطوّرت العلوم والفنون وبلغت التجارب البشرية مرحلة متطورة جداً من تقدمها – لم يتوصّل العلماء والمفكرون إلى تحديد واضح لمفهوم السعادة ولسبيل تحقيقها، حتّى أنّ أحد علماء الغرب نقل 288 رأياً في السعادة، وفي سبيل تحقيقها، لكن بينها اختلاف كبير.

المجموعات البشرية على مرّ التاريخ سلكت سبلاً شتّى للوصول إلى هذه الغاية المنشودة، بعضها سلك طريق الثروة ظاناً أنّها السبيل الأوحد، وبعضها انغمس في ملذّات الجنس ليجد فيها مبتغاه، وثمّة مجموعات أدركت عقم السبل الماديّة في الوصول إلى السعادة، فسلكت سبلاً معنوية، وكانت أقرب إلى خطّ الأنبياء، غير أنّها لم تهتدِ السبيل بفكرها وعقلها كما ينبغي، إذ أنّ العقل البشري قاصر عن فهم كلّ أبعاد الطريق القويم، والطبيعة الإنسانية تدفع حتّى السالكين في سبل المعنويات إلى الإفراط أو التفريط إن لم يكن لها من الدين الإلهي هادٍ ومرشد.
لقد فهم كلّ السائرين على طريق الماديات أنّ ماديات الحياة لا تحقّق السعادة، فلا الاستزادة من الثروة ولا الاستزادة من اللذات الجنسية ولا الشهرة والمنصب والمقام بقادرين على أن يضعوا يد الإنسان على السعادة الحقيقة. فللماديات بريق يخال الإنسان أنّها تحقّق سعادته، وما إن يصلها حتّى تتبدّد أحلامه ويجد إنّ ما وصل إليه ما هو في حقيقته إلاّ سراب، والتعبير القرآني رائع في هذا المجال:
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ، أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّور﴾ٍ
من هنا اتجهت التربية الإسلامية إلى تحرير الإنسان من الانشداد إلى الماديات، واتخاذ لذائذها هدفاً مرجواً وسعادةً منشودة، لأنّ من يبتغي في مال الدنيا ومتاعها يشبّ في نفسه حرص الاستزادة من هذا المال والمتاع، فلا يشبع ولا يستقر، بل يعيش في قلقٍ دائم واضطراب مستمر. من هنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الرغبة في الدنيا تكثر الهمّ والحزن، والزهد في الدنيا يريح القلب والبدن".
وقول الإمام الباقر عليه السلام: "مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القزّ كلّما ازدادت على نفسها لفاً كان أبعد لها من الخروج حتّى تموت غماً".

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع