مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

مواقف أعداء الله من القرآن الكريم‏


الشيخ علي خازم‏


إن الكلام عن مواقف أعداء الله من القرآن الكريم يمتد من زمن نزول القرآن الكريم إلى يومنا هذا، وسيمتد إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً بإظهار هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون والكافرون. إنّ الحاجة للكتابة في هذا الموضوع هي الحاجة للقراءة فيه أيضاً وهي نصرة الإيمان وتعزيزه في نفوس المسلمين من جهة، ولتكون أداة لنا في مجال تبليغ ودعوة الآخرين للإسلام أيضاً.
 

وهذا المعنى هو نفسه في جانبه الإسلامي ما يعبر عنه بالتحدي والإعجاز القرآني، وهو نفسه أيضاً الذي يعبَّرُ عنه في الجانب الآخر بمحاولات الهدم والتشكيك والنفي. وإن تأريخ المسألة وتاريخها يبرزان من داخل النص القرآني بالآيات التي يمكن التعبير عنها بآيات التحدي وكذلك بالآيات المبطلة لأقوال الجماعات والأفراد الرافضين لإلهية الدعوة الإسلامية، وهي الأقوال التي بذلها مشركو قريش ومعاصروهم من أهل الكتاب يهوداً ونصارى التي نقلها القرآن الكريم بأمانة. ثم يلاحظ المتتبع للمسألة انفجارها من جديد في القرن الخامس الهجري بملاحظة الكتب والمباحث التي وضعت لبيان وجوه الإعجاز القرآني كما في كتابات الجاحظ والباقلاني والجرجاني وغيرهم، وهو عصر شهد نوعاً من التداخل الثقافي من جهة، وابتعد إلى حد ما عن تذوق اللغة بكفاءة تمكن من تدبر وجه الإعجاز في الاستخدام القرآني لها بخلاف القرن الأول وما تلاه.

* إعجاز جديد:
إن اعادة تصنيف الشبهات التي طرحت منذ بداية الدعوة إلى يومنا هذا تضعنا أمام إعجاز جديد وهو إحاطة القرآن الكريم نفسه بما سيطرأ من تحديات فضلاً عن تسجيله لما وقع منها في مواجهة النبي وما ضمه من إعجاز في مجالات أخرى مختلفة غير اللغة وغير الاخبار بالمغيبات الحادثة لاحقاً. وهذا الإعجاز الذي أضعه أمام إخواننا وأبنائنا للنظر فيه والاستفادة منه ناشى‏ء من مراجعة النماذج الكثيرة التي انفجرت في مرحلة ما سمي بدراسات المستشرقين وما استجد أو أعيد تجديده وبث على مواقع الانترنت المختلفة وغيرها.
 

وقد كان للعلماء والمفكرين مواقف متعددة في مواجهة هذه المسألة سواء على صعيد إعادة صياغة الردود أو بالاتجاه لتشكيل منهج أو مناهج جديدة في طرح قضية الإعجاز القرآني وعدم الاكتفاء بالجانب البلاغي منه باعتبار أن المسافة التي تفصلنا زمنياً من القرن الأول تفصل الجيل بأكثره عن القدرة على تذوق النص ومقارنته رغم أن الأعداء لم يتركوا هذا المجال (اللغوي) بالتحدي حتى الساعة وهو ما تظهره بعض المواقع المعادية على شبكة الانترنت مثل "سورة من مثله" أو "الفرقان الحق" التي أعطاها غير المسلمين على موقع "الرد على الإسلام" تقييماً مثل "لغة غير جيدة بالقدر الكافي" و"المؤلفون مخطئون لعدم التسرع بأن ما في هذه المحاولة ليس محاولة كتابة وحي جديد" و"محاولة لمحاكاة القرآن"!.

وهناك على شاكلة هذا الرد كثير لا يتسع المقام لبحثها.\ ونرجع إلى ما ذكرناه عن اتجاه جديد في طرح قضية الإعجاز القرآني لنذكر من المؤسسين في القرن الماضي الشيخ الطنطاوي صاحب تفسير الجواهر الذي لاحظ التحدي المطروح على القرآن في الجانب العلمي فأطنب في تفسيره من ذكر القضايا العلمية في الفلك وميزة ودلالة الآيات عليها مستعيناً أحياناً بفرضيات لم تثبت على الوجه العلمي مما رفع أصوات الاستنكار حذراً من أن نسف هذه الفرضيات سينسف معها إعجازية القرآن مما يوحي بثبوت أقوال الأعداء، يبقى أن المهم في محاولته رحمه الله أنه سعى لتقديم مادة إعجاز جديدة لتكون في ساحة الرد على أقوال أعداء الله والإسلام.

وفي أواخر القرن الماضي قدم المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله أطروحة نظرية تحت عنوان "الظاهرة القرآنية" دعا فيها إلى إيجاد مجالات تحدٍّ جديدة مما يدفع بمناهج التفسير أيضاً إلى مجالات جديدة والعمدة منه الخروج عن عصر قضية الإعجاز القرآني بجانبه البلاغي فقط الأمر الذي يسمح ويمكن من أسميناهم بالبعيدين عن ملكة وقدرة التذوق البلاغي أن يواجهوا التحديات المطروحة في مجالات يتذوقونها ويستطيعون من خلالها الدفاع عن رسالة القرآن وتبليغها للآخرين. وهذا شأن قرآني بالكامل: قال تعالى ﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ... وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (الروم: 58). وهذا قد فتح أبواباً للإعجاز القرآني في مجالات علمية متعددة يمكن مراجعتها في كتب ومواقع مختلفة. ويعتبر البعض أن التوسع في الرد على أعداء القرآن في سعيهم إلى إبطاله من خلال غير الإعجاز البلاغي مؤخراً جاء بعد ما ثارت قضية كتاب طه حسين "في الشعر الجاهلي" الذي أخذ الأوهام إلى التشكيك بالإعجاز البلاغي بحيث لو سقط لأسقط معه إلهية المصدر للقرآن الكريم. وبالعودة إلى الفكرة التي ذكرتها عن الجانب المتجدد من الإعجاز القرآني وهي انحصار مواقف أعداء الله بما ذكره عنهم في القرآن وعجزهم عن إبداع موقف جديد إلا من خلال العناوين المذكورة أعرض لكم بعضاً من الحوادث والوقائع الحاصلة في السنوات الثلاث الأخيرة بإيجاز كما ذكرتها الأنباء تحت بعض العناوين التي أشارت إليها الآيات القرآنية.

1 - ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (النساء: 82). ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (يونس: 38). وزعت على المراكز الإسلامية في أمريكا رسالة من صفحة ونصف طرح فيها عدد من الأسئلة والتشكيكات ادعي فيها أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وآله وأنه متناقض وأن ترتيب سور القرآن غير متناسق تاريخياً ولا منطقياً وأن الإنجيل قد فاق القرآن تنظيماً وترتيباً.

* أسئلة "توني بولدروجوفاك" WWW.Islam-qa. com.
2 - ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (فصلت: 26). راجع سنة 1999 و 2001 الدعاوى ضد مغنيين عرب أضافوا الموسيقى لآيات من سورة يوسف وسورة الفاتحة، كذلك الضجة التي أثارها الكاتب المصري صلاح الدين محسن الذي أساء إلى القرآن وادعى أن الإسلام يساعد على نشر الجهل في البلاد العربية وراجع أيضاً الجدل الذي ثار حول قصيدة الأردني موسى حوامدة التي خالف فيها قصة سيدنا يوسف كما وردت في القرآن الكريم. وراجع قضية الدعوى التي رفعت ضد إحدى الجامعات الأمريكية التي قررت تدريس القرآن الكريم (7 8 2002).

3 - ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (يونس: 38). في أخبار 18 9 2002 الكاتب الفرنسي مايكل ديلبيك يقول: "الإسلام أكثر الأديان غباوة في حوار مع مجلة لير الأدبية"(؟) عن كتابه "بلا تفورم" ومما قاله في محاكمته في باريس: "إنه يشعر أن القرآن أقل منزلة من الإنجيل من الناحية الأدبية" وقال أيضاً: "من وجهة نظر أدبية فإن الإنجيل كان له أكثر من كاتب. بعضهم جيد وبعضهم ردي‏ء، القرآن مصدره واحد وأسلوبه متوسط".

4 - ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر :9). ملحقات اتفاقية كامب ديفيد تقضي بحذف الآيات المتعلقة باليهود من التدريس في المدارس المصرية، بوش يدعو إلى تعديل مناهج التعليم الديني بعد 11 سبتمبر، رئيس كلية الشريعة الجديد في قطر يتبنى بعد عزل الشيخ القرضاوي.

5 - يوجد على الانترنت عدد من المواقع أبرزها موقع الرد على الإسلام تجد على واجهته مواضيع مثل:
- تحدي التعدي.
- القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم.
- القرآن بين العصور والتمدن.

ختاماً يتجدد التكليف الشرعي علينا ببذل الجهد في المحافظة على القرآن الكريم بين صدورنا وعقولنا لأنه المعجزة الأكبر لهذا الدين، والمورد الأعظم لسهام أعداء الله في سعيهم لكسر قوتنا في إبلاغ رسالة الإسلام إلى العالم وانقاذه من براثن الطغاة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع