مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أوّل الكلام: صدقةٌ يحبّها الله

الشيخ بسّام محمّد حسين


للصدقة ثواب عظيم عند الله سبحانه وتعالى، ولها آثار كبيرة في تزكية النفس وتطهيرها من العديد من الصفات الرذيلة، كالبخل والحرص والطمع والأنانيّة وغيرها، قال تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (التوبة: 103).

وقد اعتنى الله تعالى بشأن الصدقة عنايةً خاصّة، فجعلها من أبواب رحمته التي تطفئ غضبه، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "الصدقة تطفئ غضب الربّ"(1)؛ فمن تكاثرت ذنوبه ومعاصيه، فإنّ خير ما يكفّر به عنها هو الصدقة.

كما تظهر عناية الله تعالى بالصدقة بما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام: "وليس شيء أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن، وهي تقع في يد الربّ تبارك وتعالى قبل أن تقع في يد العبد"(2).

ولذا ورد في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام أنّها لا تحتاج إلى إشهاد من أحد، لأنّ الله تعالى هو الشاهد عليها وكفى به شهيداً: "وأمّا حقّ الصدقة، فأن تعلم أنّها ذخرك عند ربّك، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد، فإذا علمت ذلك، كنت بما استودعته سرّاً أوثق بما استودعته علانية"(3).

ومن آثار وقوعها بيد الله، هو أنّ الله تعالى يربيها وينمّيها ويزيدها لهذا العبد، كما جاء في الآيات والروايات، قال تعالى: ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ (البقرة: 276)، وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "إنّ الله يقول: ما من شيء إلّا وقد وكّلت به من يقبضه غيري إلّا الصدقة، فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفاً حتّى أنّ الرجل يتصدّق بالتمرة أو بشقّ تمرة فأربيها له كما يربّي الرجل فِلوَه (ولد الفرس يُفصَل عن أمّه) وفصيله (ولد الناقة يُفصَل عن أمّه)، فيأتي يوم القيامة وهو مثل أُحد وأعظم من أُحد"(4).

وإذا كان الله تعالى هو الرازق لعباده، وهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، فقد جعل في الصدقة معاملة خاصّة تختلف عن معاملات أهل الدنيا؛ فالعادة أن من يعطي بلا مقابل ماديٍّ ينقص ماله، لكن مع الله تعالى الأمر بعكس ذلك، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما نقص مالٌ من صدقة"(5). وقد وعد الله تعالى أن يضاعف الصدقة؛ ولذا جاء في الروايات أنّها من أسباب زيادة الرزق، وهي مفتاح لتيسير الأمور، ودفع البلايا، وشفاء المرضى، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ (الليل: 5-7).

ولمعرفة أمير المؤمنين عليه السلام بعظم شأن الصدقة ومكانتها عند الله تعالى، لم تمنعه صلاته من التصدق بخاتمه عندما سأل سائل في المسجد، فلم يعطه إلا أمير المؤمنين عليه السلام عندما أومأ إليه بإصبعه، وهو في حال الركوع(6)، فنزل فيه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ (المائدة: 55).

فلنغتنم -إذاً- فرصة هذا العمل الصالح في جميع أيّامنا، خصوصاً في أسبوع الصدقة الذي أطلقته جمعيّة الإمداد الخيريّة، قبل أن نقول: ﴿رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (المنافقون: 10).


1.قرب الإسناد، الحميري، ص76.
2.الكافي، الكليني، ج4، ص3.
3.تحف العقول، الحراني، ص259.
4.وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج6، ص265.
5.(م.ن)، ج6، ص264.
6.الأمالي، الصدوق، ص186؛ مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب، ج2، ص208.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع