* نزهة عرفانية
﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر/32].
أورث الكتاب الذين اصطفاهم من عباده وهم وُلْدُ فاطمة عليها وعليهم السلام.
فالسابق بالخيرات الإمام، والمقتصد العارف بالإمام، والظالم لنفسه الذي لا يعرف إمامه.
وجاء عن الإمام الباقر عله السلام في تفسير الآية: هي لنا خاصة.. أما السابق بالخيرات فعلي بن أبي طالب والحسن والحسين والشهيد منا، وأما المقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل. وأما الظالم لنفسه ففيه ما في الناس وهو مغفور له.
وعن الصادق عليه السلام: الظالم يحوم (يدور) حوم نفسه، والمقتصد يحوم حوم قلبه، والسابق بالخيرات يحوم حوم ربه.
فالحوم الدوران حول النفس يكون في تحصيل ما يرضي النفس والأهواء. ودوران المقتصد حوم قلبه اشتغاله بما يزكي قلبه ويطهره بالزهد والتعبد. ودوران السابق بالخيران حوم ربه إخلاصه لله تعالى فيذكره غيره فلا يرجو إلاّ إياه ولا يقصد سواه.
* عطر بلاغي
﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [المنافقون/4ٍ]:
يصف حال المنافقين بأنّهم في زوال استعدادهم للحياة الحقيقية والروح الإنساني ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَة﴾ فالشجاعة إنّما تكون من اليقين، واليقين نور الفطرة وصفاء القلب. فالمنافقون منغمسون في ظلمات صفات النفوس، محتجبون باللذات والشهوات، فهم أهل الشك والارتياب، لذا فقد غلبهم الجبن والخور.
فاحذرهم (أيّها النبي) لأنّه قد بطل استعدادهم الفطري فهم لا يهتدون بنورك يا محمد (صلّى الله عليه وآله" فلا تؤثّر فيهم صيحتك أيّها البشري النذير.
* زهرة جمالية
﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف/82].
في تفسير هذه الآية عن الإمام علي عليه السلام ﴿وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا ﴾ ، قال: كان لوحاً من ذهب مكتوب فيه: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله عجباً لمن يذكر أن الموت حق كيف يفرح؟ وعجباً لمن يذكر أن النار حق كيف يضحك؟ وعجباً لمن يذكر أن القدر حق كيف يحزن؟ وعجباً لمن يرى الدنيا وتصرفها بأهلها حالاً بعد حال كيف يطمئن إليها؟
وفي بعض الروايات عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: أما إنّه ما كان ذهباً ولا فضة، وإنما كان أربع كلمات: لا إله إلاّ الله، من أيقن بالموت لم يضحك ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه، ومن أيقن بالقدر لم يخشَ إلاّ الله.
* ثمرة لغوية
﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾ [الصافات/5]:
مشارق الشمس باختلاف الفصول، أو المراد مطلق مشارق النجوم، أو مطلق المشارق (النجوم والشمس والكواكب). أمّا عن تخصيص المشارق بالذكر فلمناسبة طلوع الوحي بملائكته من السماء، وقد قال تعالى: (ولقد رآه بالأفق المبين). وقال: (وهو بالأفق المبين).