صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

أول الكلام: لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً

السيّد علي عبّاس الموسوي

 



في تحليل العلاقات الاجتماعيّة بين الناس ما يُرشدنا ويدلّنا على المشتركات التي تجمع جماعة للعيش في إطار منتظم بجامع وحدة المكان أو الزمان. فالمجتمع هو عبارة عن إنسان كبير يجمَع في داخله أفراداً يُطلق على كلّ واحد منهم الإنسان الصغير. وهذا الإنسان الصغير مخلوق وهبه الله عزَّ وجلَّ العقل والاختيار وجعله مسؤولاً عن فِعله ووعدَه بالثواب وتوعَّده بالعقاب.

والإنسان يتأثَّر في ما يتبنّاه من خيارات ومعتقدات بالبيئة التي يعيش فيها وبالأفراد المحيطين به، ولذا كان تأكيد دعوة الإسلام على التفكّر والتدبّر حتّى لا يغلب هذا التأثير على الإنسان فيخرج عن الحقّ مع خروج من يحيط به من الناس عنه.

ولو أعدنا قراءة حياة بعض الشخصيّات في التاريخ التي انتقلت من اتّجاه إلى آخر، سواء أكان ذلك من الباطل إلى الحقّ أم من الحقّ إلى الباطل فإنّنا سوف نجد تأثيراً واضحاً للمحيط الاجتماعيّ على تلك الانتقالات.

ولكنّنا في المقابل، نجد أنّ بعض الشخصيّات بقيت محافظة على ما تراه، لم تخضع لتأثير أيّ تغييرات في محيطها، بل أحكَمَت تصرّفاتها على أساس العقل والتفكير.

وتأثير الجماعة على الفرد قد يكون أحياناً فعلاً مقصوداً من تلك الجماعة؛ أي أنهم يخططون ويعملون بعد ذلك على الانتقال بالفرد المستهدَف إلى حيث يريدون، وقد يكون أحياناً فعلاً غير مقصود، ولكن الانتقال عندما يكون عامّاً وواسع النطاق فإنّ بعض ضعاف الشخصيّة يخضعون له ويسيرون مع الجماعة ويعطّلون عنصرَي العقل والاختيار.

وفي الحالات التي يكون الفرد فيها مستهدَفاً، ويكون مخطَّطاً له أن ينتقل في خياراته إلى حيث يريد هؤلاء يعتمد الأمر على مجموعة من العوامل التي تجعل الآخر تابعاً لهم، ومن هذه العوامل عنصران في الترغيب يتمثّلان بالتالي:
الأوّل: الفتنة، وهي فعل الشيطان الأساس، وهو أن يزيّن القبيح ويصوّره حسناً، فيأتي بتلك الصور التي يَرغبها الإنسان ويُلبسها للباطل، فيتّبع الإنسان الباطل وهو يراه مفيداً ونافعاً وليس هو إلّا سراب.

الثاني: العلاقة الحسنة؛ أي كما يزيّنون الباطل يجعلون لأتباعهم ثماراً وفوائد قد تكون محلّ اهتمام الفرد المستهدَف، ومن أهمّها أنهم يصبحون أصحابه وأخلاءه الذين يأنس بهم ويرتاح لمجالستهم.

إنّ سبيل مواجهة ذلك، هو أن يعمد الإنسان إلى التفكير في كلا الأمرين: فمن ناحية عليه التفكير في حقائق الأمور والنظر إلى بواطنها وعدم الاكتفاء بالظاهر وبالشكل؛ أي أنْ لا تغرّه تلك الزينة التي هي شراك صيده ينصبها له أولئك، ومن ناحية أخرى عليه أن ينظر إلى أنّ قوام العلاقة الحسنة ينبغي أن تكون مع أهل الحقّ، وأنّ الصداقة مع أهل الباطل وإنْ كانت بمعايير الدنيا مكسباً، ولكنها في الحقيقة خسارة عظيمة؛ لأنّ عاقبتها ترك اتّباع الحقّ والانتقال من حيث ينبغي إلى حيث ما لا ينبغي. وقد وصف الله عزَّ وجلَّ ذلك لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (الإسراء: 73).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع