نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

السيد ابن طاووس: الدعاء للإمام صاحب الزمان(*)

الشيخ حسين كَوراني

 



قال السيد(1) قدس سره:
فكن في موالاته والوفاء له وتعلق الخاطر به:

1- على قدر مراد الله جل جلاله، ومراد رسوله صلى الله عليه وآله ومراد آبائه عليهم السلام ومراده عليه السلام منك.(2)
2- وقدم حوائجه على حوائجك عند صلاة الحاجات كما ذكرناه في كتاب (المهمات والتتمات)(3).
3- والصدقة عنه قبل الصدقة عنك وعمن يعز عليك(4).
4- والدعاء له قبل الدعاء لك(5).
5- وقدمه في كل خير يكون وفاءاً له، ومقتضياً لإقباله عليك، وإحسانه إليك(6):

أ- فاعرض حاجتك عليه كل يوم الإثنين ويوم الخميس من كل أسبوع لما يجب له من أدب الخضوع(7).

ب- ".." ومما أقول لك يا ولدي محمد ملأ الله جل جلاله عقلك وقلبك من التصديق لأهل الصدق والتوفيق في معرفة الحق أن طريق تعريف الله جل جلاله لك بجواب مولانا (المهدي) صلوات الله وسلامه (دليل) على قدرته جل جلاله، ورحمته فمن ذلك ما رواه محمد بن يعقوب الكليني في كتاب "الوسايل"(8)، عمن سماه قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أن الرجل يجب أن يفضى إلى إمامه ما يجب أن يفضى به إلى ربه قال فكتب إن كانت لك حاجة فحرك شفتيك فإن الجواب يأتيك(9).

ج- ومن ذلك ما رواه هبة الله بن سعيد الراوندي في كتاب (الخرائج) عن محمد بن الفرج قال: "قال لي علي بن محمد عليهما السلام: إذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها وضع الكتاب تحت مصلاك ودعه ساعة ثم أخرجه وانظر فيه، قال ففعلت فوجدت جواب ما سألت عنه مُوَقَّعاً فيه"(10). وقد اقتصرت لك على هذا التنبيه والطريق مفتوحة إلى إمامك عليه السلام لمن يريد الله جل جلاله، شأنه وعنايته به، وتمام إحسانه إليه(11).

*وقال عليه الرحمة والرضوان:
"ومما ينبغي أن تعرفه من سبيل أهل التوفيق وتعلمه فهو أبلغ في الظفر بالسلامة على التحقيق، وذلك أن تبدأ في قلبك عند صلاة الركعتين وعند الصدقة والدعاء بتقديم ذكر سلامة من يجب الإهتمام بسلامته قبل سلامتك، وهو الذي تعتقد أنه إمامك وسبب سعادتك في دنياك وآخرتك. واعلم أنه صلوات الله عليه غير محتاج إلى توصُّلِك بصلاتك وصدقتك ودعائك في سلامته من شهره(12) لكن إذا نصرته جازاك الله جل جلاله بنصره، وجعلك في حصن حريز، قال الله جل جلاله: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. ولأن من كمال الوفاء لنائب خاتم الأنبياء، أن تقدمه قبل نفسك في كل خير تقدر عليه، ودفع كل محذور أن يصل إليه، وكذا عادة كل إنسان مع من هو أعز من نفسه عليه. ولأنك إذا استفتحت أبواب القبول، بطاعة الله جل جلاله والرسول، فيرجى أن تفتح الأبواب لأجلهم، فتدخل أنت نفسك في ضيافة الدخول تحت ظلهم، وعلى موائد فضلهم"(13).


*- الجزء الثّاني.
1- السيّد ابن طاووس.
2- تقدم الكلام حول ذلك تحت عنوان: صدق التوحيد في العلاقة بالمهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف.
3- لايخفى أن صلاة الحاجة نحو دعاء، و(المهمات والتتمات) هو مهمات في صلاح المتعبد وتتمات لمصباح المتهجد. للسيد رضي الدين بن طاوس، صاحب "مهج الدعوات ومنهج العنايات" ".." وهو في عشرة مجلدات يختص كل مجلد باسم خاص؛ الشيخ آقا بزرك؛ الذريعة؛ 23/298.
وعليه فيندرج تحت هذا الاسم أكثر كتب السيد ابن طاووس عليه الرحمة، في الدعاء، وهي التي نص عليها في مقدمة فلاح السائل الذي اعتبره الجزءين الأول والثاني من المهمات والتتمات، ومنها: جمال الأسبوع، والإقبال وغيرهما. راجع: الفيومي؛ الأصفهاني؛ مقدمة الإقبال؛ 1/17.
وقد ورد ما أشار إليه هنا في كتابه "جمال الأسبوع" حيث قال فيه: "وتصلى صلوة الحاجة للأهم فالأهم من حاجتك الدينية، وأهمها حوائج من أنت في حفاوة هدايته وحمايته من الصفوة النبوية فيكون صومك وصلاتك لأجل قضاء حوائجه صلوات الله عليه، ثم لحوائجك الدينية التي يجب تقديمها قبل حاجتك، ثم لحاجتك التي قد عرضت لك الآن، ".." وإنما قلنا تقدم حوائج الصفوة من العترة النبوية لأن بقاء الدنيا وأهلها بمن يكون لطفاً وقطباً وحافظاً للأمانات الإلهية والمقامات المحمدية، فإذا كنت محفوظاً بواحد على مقتضى اعتقادك، فكيف تقدم حوائجك على حوائجه، بل يجب أن تقدم حوائجه على حوائجك ومراده على مرادك. أضاف السيد: أقول: واعلم أنه صلوات الله عليه مستغنٍ عن صومك وصلاتك لحاجاته، لأجل شرف مقاماته وجلالة مراقباته وكمال إخلاصه في طاعاته، وإنما تكون أنت إذا عملت بما قلناه أديت الأمانة وقدمت الأهم فالأهم كما ذكرناه، كما تستفتح أدعيتك بالصلاة عليهم صلوات الله عليهم، فكذا تستفتح أبواب قضاء حاجتك بتقديم حوائجه ثم الأهم من حوائجك عند نيتك". جمال الأسبوع؛ 207-208.
4- يمكن الإتيان بكل مستحب عن كل حي، وذوو الحقوق كالوالدين والمعلم، أولى من غيرهم، ومن الواضح أن حق إمام الزمان أولى من حق كل ذي حق، يضاف إلى ذلك في ضوء ماذكره المحدث النوري في النجم الثاقب 2/472(المعرب) وفي "كلمهء طيبه؛ 416": "أن الحث كبير في الروايات على الدعاء بسلامته عليه صلوات الرحمن، والصدقة نحو دعاء بذلك، ولعل تأثير الصدقة أكثر" وقد نقل عن السيد بعض كلامه الوارد في المتن، كما نقل عنه بعض ما تجده في "الأمان من أخطار الأسفار والأزمان؛ 39" وهو قول السيد: "ونحن إذا أردنا الصدقة قلنا عند ذلك: أللهم إنك قلت لقوم يتصدقون ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون. وقد علمتَ يا ألله ما جرى في الإسلام من اختلاط الحلال بالحرام، فأنا أسألك بمن يعز عليك، وبجميع الوسائل إليك أن تطهر هذا من الأدناس وحقوق الناس، والحرام والشبهات، وتصانع عنه أصحابه من الأحياء والأموات، حتى يصير طاهرًا يصلح للصدقة بين يديك، وعرضه عليك والتقرب به إليك. (أللهم) إن هذه لك ومنك وهي صدقة عن مولانا صلوات الله عليه-وبين يدى أسفاره وحركاته وسكناته في ساعات ليله ونهاره، وصدقه عمن يعنيه أمره وما (لا) يعنيه أمره ويصحبه، وما يخلفه، وصدقة عنى وعن ذريتي وأهل عنايتي وما أصحبه وما أخلفه، وبين يدي حركاتي وسكناتي، في ساعات الأسفار بالليل والنهار لتكفيه وتكفينا بها كل خطر، ما بطن وما ظهر وتفتح بها عليه وعلينا أبواب المسار وطول الأعمار والإنتصار، وتلهمنا ما فيه رضاك، والدخول في حماك والأمان في الدنيا ويوم نلقاك، وما فيه كمال سلامتنا وسعادتنا في دنيانا وآخرتنا. أللهم فتلقها بالقبول ونجاح المسؤول وبلوغ المأمول برحمتك يا ارحم الراحمين" (بتصرف يسير).
5- ورد في كثير من الروايات الحث المؤكد على الدعاء للإمام عليه السلام، ووردت لذلك أدعية كثيرة مختلفة في البسط والإيجاز، وأكثرها مشهور يغني اشتهاره وتأكده عن التذكير به، وإن كان لابد من الحث على الإهتمام بما نعرف، والعمل بما نعلم. وقد استقصى المحدث النوري رحمه الله تعالى في: النجم الثاقب؛ 2؛ 452-470؛ (المعرب)، ما قل أن تجده في مكان واحد، ونقل بعض ماقاله السيد ابن طاوس عليه الرحمة والرضوان، في العديد من كتبه.
6- تقدم في الوصايا السابقة أن موقع المعصوم أغلى من النفس" لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من عترته" ولذلك فإن المناسب لهذا الموقع الإلهي تقديمه على النفس، وليس تقديم حاجاته على حاجاتنا إلا بعض تجليات ذلك.
7- عقد الصفّار في بصائر الدرجات ص: 444 باباً تحت عنوان: "باب الأعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة صلوات الله عليهم"، والكليني في الكافي؛ 1؛ 219، باباً تحت عنوان: "باب عرض الأعمال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة عليهم السلام"، وكذلك فعل الحر العاملي في وسائل الشيعة؛ ط: آل البيت؛ 16؛ 107، تحت عنوان: "باب وجوب الحذر من عرض العمل على الله تعالى و رسوله والأئمة عليهم السلام. والحديث عن عرض الأعمال مستفيض حتى في المصادر السنية: أنظر مثلاً: صحيح مسلم؛ مسلم النيسابوري؛ ج: 8؛ ص: 11، وسنن الترمذي؛ الترمذي؛ ج: 2؛ ص: 124، ومجمع الزوائد؛ الهيثمى؛ ج: 8؛ ص: 66، وكنز العمال؛ المتقي الهندي؛ ج: 61؛ ص: 469، وقد ورد فيه تحت رقم: 45493 الحديث التالي: "تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس على الله، وتعرض على الانبياء وعلى الآباء والأمهات يوم الجمعة، فيفرحون بحسناتهم، وتزداد وجوههم بياضاً وإشراقاً، فاتقوا الله ولا تؤذوا موتاكم". وإذ يستفيض في المصادر السنية عدم التصريح بمن تعرض عليه الأعمال ما عدا التصريح في بعضها بالعرض على الله تعالى، كما في تلخيص الحبير؛ ابن حجر؛ ج: 6؛ ص: 471، أو مايشبه التصريح "فيغفر الله" كما في نفس المصدر؛ 5؛ 92، بالإضافة إلى ماتقدم عن كنز العمال من العرض على الله تعالى، والأنبياء، والمؤمنين في يوم الجمعة، فإن المستفيض في مصادر حديث أهل البيت عليهم السلام التصريح بعرض الأعمال على الله تعالى والنبي صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام، كما اتضح من عناوين الأبواب التي مر ذكرها، وهذه نماذج منها:
أ- عن أبى عبد الله عليه السلام قال: تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله أعمال العباد كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروا وهو قول الله
﴿اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ. الصفّار، بصائر الدرجات448. وقريب منه جداً، بل مثله في الكافي1/219.
ب- عن أبى عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى:
﴿اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون قال هو رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة تعرض عليهم أعمال العباد كل خميس . الصفار، بصائر الدرجات 447.
ج- بريد العجلى قال: "كنت عند أبى عبد الله عليه السلام فسألته عن قوله تعالى
﴿ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ قال عليه السلام: إيانا عنى. المصدر.
د- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: مالكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله؟! فقال رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول الله وسروه. الكافي1/219.
هـ- عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل:
﴿اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُون قال: هم الأئمة. المصدر
وحول العلاقة بين يومي الخميس والإثنين وقضاء الحوائج -بالإضافة إلى عرض الأعمال وتناسب طلب الحوائج معه- نجد التالي:
أ- عن الإمام الباقر عليه السلام: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسافر يوم الاثنين والخميس، ويعقد فيهما الالوية" "قرب الإسناد؛ الحميري القمي؛ ص: 121.
ب- "يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله، وفيه ألان الحديد" "قرب الإسناد؛ الحميري القمي؛ ص: 121.
ج- قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " اللهم بارك لأمتي في بكورها ، واجعله يوم الخميس " قرب الإسناد؛ الحميري القمي؛ ص: 121-122.
د- عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: "إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس وليقراء إذا خرج من منزله آخر سورة آل عمران وآية الكرسي
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وأم الكتاب فإن فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة". عيون أخبار الرضا عليه السلام؛ الشيخ الصدوق؛ ج: 1؛ ص: 44.
هـ- عن أمير المؤمنين عليه السلام: ".. ويوم الاثنين يوم سفر وطلب".."ويوم الخميس يوم الدخول على الأمراء وقضاء الحوائج". الخصال؛ الشيخ الصدوق؛ ص: 384.
8- الوسائل للكليني، عده ابن شهراشوب من كتبه. أنظر: معالم العلماء؛ ص: 134.
9- أورده المجلسي في: البحار؛ 50؛ 155، و91؛ 22، والمحدث النوري في: جنة المأوى(ملحقة بالبحار)؛ 53؛ 306، نقلاً عن كشف المحجة.
10- أورده المجلسي في: البحار؛ 50؛ 155، نقلاً عن الخرايج للقطب الراوندي، وانظر: القطب الراوندي؛ الخرائج، والجرائح؛ 1؛ 419؛ في معجزات الإمام الهادي عليه السلام. ولايخفى أهمية المورد وما قبله، لمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً، ولهذا السبب ولارتباطهما الجذري بالدعاء كما يدل عليه قول السائل في المورد الأول: "ما يحب أن يفضي إلى ربه" أوردتهما في الحديث عن الدعاء فليلاحظ.
11- السيد ابن طاو؛ كشف المحجة لثمرة المهجة؛ الفصل الخمسون والمائة؛ 148-154.(مختارات)
12- أي للسلامة مما قد يعرض في الشهر الذي هو عليه السلام، فيه.
13- الدروع الواقية؛ 45-46. بتصرف يسير.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع