مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

توجيه الطالب للاختصاص الجامعي مسؤولية من؟

زينب البزال

 



تعتبر مسألة اختيار الطالب في نهاية المرحلة الثانوية للاختصاص الجامعي الذي يتلاءم وقدراته الذهنية، ويستجيب لميوله العلمية، وطموحاته المهنية مشكلة ترخي بثقلها على مختلف التلامذة في مختلف المدارس الثانوية، في الشهور القليلة التي تسبق عامهم الجامعي الأول والتي تترافق مع ما يعانونه من حيرة وضياع حيال اختيار الاختصاص الجامعي المناسب خاصة مع غياب التوجيه الكافي من جهة، واقتصار الجهات الموجِّهة من جهة أخرى على بعض المؤسسات الخاصة، التي تجهد بحسب إمكانياتها لتدارك المشكلة، ودرء خطرها... فكيف يمكن أن تؤثر هذه الحيرة إذا ما استمرت وتفاقمت على مستقبل التلامذة العلمي؟ وهل من أسس للاختيار القويم؟ وعلى من تلقى مسؤولية توجيه التلامذة في هذه المرحلة؟

*مستقبل التلامذة، بين الحيرة والندم:
في إحصائية، استفتي فيها طلاب ثانوية اللبوة الرسمية، تبين وبحسب الأستاذ عارف يحيى مدير الثانوية المذكورة أن 20% فقط من التلامذة حددوا اختيارهم للاختصاص الجامعي في نهاية العام الدراسي الفائت، وما تبقى منهم، بقي يتخبط في ضياعه وحيرته طوال فترة العطلة الصيفية، وفي هذا يقول علي أحمد طالب علوم سياسية كلية الحقوق والعلوم السياسية الفرع الأول "حينما كنت على أبواب الجامعة، كان الغموض والإبهام يلف مختلف الاختصاصات، بحيث بات الاقتحام سيد الموقف". وفي حال بقيت هذه الصورة منطبعة بظلمتها وغموضها في أذهان الطلبة، حتماً ستؤول الأمور إلى:

1- تشتت ذهني لدى الطالب، فطالما لم تتوفر لديه خصوصيات كل من الاختصاصات الجامعية، سيكون من الصعب عليه حسم الخيار، بل سيحدث لديه تردد وصولاً إلى ندم في نهاية المطاف.
2 - ضياع عام دراسي، إن لم يكن أكثر من سنوات العمر التعليمية في التنقل ما بين هذه الكلية وتلك حتى يستقر به الحال في إحداها.
3 - وإن لم يستقر الحال في واحدة من الكليات، وبعد مضي سنوات من التنقل بين هذه وتلك، مؤكد ستتزعزع ثقة التلامذة بقدراتهم الذهنية والعقلية، ما يحملهم على العزوف عن متابعة الدراسة.

ولا أخال مجتمعنا خلا أو يخلو من نماذج، اعترضتهم من العقبات ما حال دونهم ودون تحقيق مبتغاهم العلمي. فالطالبة منال عبدو، أنهت دراستها الثانوية في العام 2000، ونظراً لعدم توفر الظروف والعوامل المساعدة في الاختيار الجامعي السليم، أفنت سنتين من عمرها في التنقل ما بين معهد العلوم الاجتماعية وعلم النفس Psychologie بحجة أن الاختصاصات المذكورة منها ما لا يتلاءم وقدراتها الذهنية، ومنها ما لا يستجيب لمستقبلها المهني، نظراً لقلة فرص العمل التي يوفرها مستقبلاً، وأخيراً وجدت عزاءها في دراسة الترجمة واللغات. وإذا ما دخلنا الصروح الجامعية لنستطلع آراء الطلاب وجدنا السواد الأعظم منهم يعاني من تبعات التسرع وسوء الاختيار من جهة، وعدم القناعة والحسرة على ما ضاع من عمرهم من دون فائدة تُذكر: فالطالبة مايا مناع سنة أولى حقوق الفرع الأول ناقمة جداً على ما اختارته من اختصاص، فهي تجد سبل العمل التي يوفرها جد محصورة بنطاقات ضيقة، أضف أنها لا تجد أدنى انسجام مع ما يطرحه، أو يحويه من مواد في صلب المنهاج. وفي المضمون عينه، يصب كلام أحمد دقماق هندسة كومبيوتر واتصالات، فأحمد، أول ما أنهى دراسته الثانوية، لم يجد ما يرشده إلى الحقل الجامعي الملائم لقدراته العقلية، فآثر أن يقتحم أحد الاختصاصات الأدبية، حيث وجد ما يعيق تقبله لمواده، وفي السنة التالية، اختار الاختصاص المذكور أعلاه، بدون أن يتخلى عن اختياره الأول.

*التوجيه مسؤولية من؟
أولاً: الدولة: يقع عب‏ء التوجيه بالدرجة الأولى على الدولة حسب د. صافي ياسين أستاذ مادة العلم المعاصر في العالم العربي، الجامعة اللبنانية كلية الآداب والعلوم الإنسانية الفرع الأول: ينبغي على الدولة أن تضع سياسة عامة، تهدف إلى تنوير الطالب، وتقديم التوضيح والشروحات اللازمة، ومن ذلك إنشاء مؤسسات يكون من أولى أولوياتها تحقيق أهداف في هذا المنحى وأيضاً ادخال مادة "التوجيه" في صلب المنهج التعليمي في المرحلة الثانوية. وإزاء فتور الدولة، وقلة نشاطها في هذا المجال، انبرت بعض المؤسسات الخاصة، آخذة على عاتقها مهمة التوجيه والإرشاد منها المركز الإسلامي للتوجيه والتعليم العالي الذي يهدف إلى الأخذ بيد الطالب، وتقديم كل ما يلزمه من معلومات وإيضاحات وصولاً إلى الاختيار الجامعي السليم وذلك من خلال:

إصدار كتاب: "دليلك إلى الجامعات" حيث يتم توزيعه بالتعاون مع بلديات المناطق اللبنانية كافة، ومع وزارة التربية، ليصبح في متناول كل طالب. إقامة الندوات في الثانويات والنوادي، ومراكز الجمعيات، لتأمين احتكاك للطالب مع أساتذة الجامعة. وعمل المركز يستند إلى خطة استراتيجية للتوجيه وبحسب الأستاذ محمد جابر، المدير التنفيذي للمركز، صممت هذه الخطة وفق:

- دراسة ميول الطالب.
- تحديد طاقاته.
- دراسة سوق العمل، وحاجة البلد، وصولاً إلى:
توجيه الطالب للاختيار الملائم.

ثانياً: وسائل الإعلام: بالنظر إلى ما تلعبه من دور بارز في توعية المجتمع، وتثقيفه، وقد حمَّل الدكتور علي خليل أستاذ (محاضر في الجامعة اللبنانية الفرع الرابع) وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في هذا المجال، إذ يفترض أن تخصص برنامجاً، أو صفحة في أحد الأعداد الصحفية، لتسليط الأضواء على هذا الموضوع، مستعينة بأصحاب الاختصاص.

ثالثاً: الأهل: ينبغي أن يقوم الأهل بدورهم الإرشادي والتوجيهي، وذلك بإفساح المجال أمام أولادهم ليختاروا بأنفسهم بعيداً عن ممارسة أي ضغط عليهم.

رابعاً: الطالب: يتحمل الطالب مسؤولية هامة في هذا المجال، بحيث يفترض أن يمتلك إرادة صلبة، تمكنه من السعي الدؤوب بدون كلل أو ملل، لتحصيل القدر الكافي من المعلومات، وصولاً إلى اختيار قويم، ويشدِّد الدكتور علي جعفر (أستاذ مادة الحريات العامة، والقانون الجزائي في الجامعة اللبنانية الفرع الأول)، على أهمية أن يتمسك الطالب بالأمل، ودحر اليأس حتى لا يقع فريسة لتأثيراته السلبية ويوجه نصيحة إلى كل طالبٍ حائرٍ في اختياره الجامعي، قائلاً: "يبقى من الأفضل التعلم والتخصص في أي من كليات الجامعة، بهدف اكتساب معلومات ومهارات، والتزود بها للمستقبل، لا لأجل الحصول على وظيفة، وضمان المستقبل المهني، وذلك برغم أهميته".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع