مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الشاعر بولس سلامة وملحمة عيد الغدير

فيصل الأشمر

 



يعد الشاعر اللبناني بولس سلامة من أشهر الشعراء الذين وقفوا جزءاً مهماً من شعرهم على ذكر أهل البيت عليهم السلام ، فتنوعت قصائده فيهم متضمنة عدة أبواب من الشعر من مديح ورثاء وغيرهما . ومعظم هذه القصائد تضمنها ديوانه "عيد الغدير" الذي اصطلح النقاد والباحثون على إطلاق اسم الملحمة عليه.

ولد الشاعر في بكاسين قضاء جزين جنوب لبنان سنة 1902 ودرس في عدة مدارس، وبعد ذلك درس الحقوق في الجامعة اليسوعية ثم عمل قاضياً فترة من حياته. أُصيب بمرض أقعده الفراش قرابة أربعين عاماً أُجريت له خلالها أكثر من عشرين عملية جراحية، وتوفي عام 1979. ترك الشاعر بالإضافة إلى "عيد الغدير" عدة كتب نثرية منها "مذكرات جريح" و"حكاية عمر" و"الصراع في الوجود". وملحمة عيد الغدير هي أول ملحمة عربية وفق ما أجمع عليه معظم نقاد الأدب العربي، وهي تتناول أهم نواحي التاريخ الإسلامي من الجاهلية إلى آخر دولة بني أمية.

ويشير الشاعر في تصديره لهذه الملحمة إلى أنه نظمها استجابة لاقتراح الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين في العام 1947 وأنهاها سنة 1948. وإذا كان العنوان يوحي باقتصار الملحمة على حديث الغدير فالأمر ليس كذلك " فليس (حديث الغدير) سوى فصل من هذا الكتاب الذي مداره (أهل البيت) في أهم ما يتصل بهم من الجاهلية إلى ختام مأساة كربلاء" (عيد الغدير ص 8). ولما عزم الشاعر على نظم هذه الملحمة انصرف إلى درس المراجع التاريخية، ويقول أنه قلما اعتمد مؤرخي الشيعة بل الثقات من مؤرخي السنّة قطعاً للظن والشبهات، مع تقيده بالتاريخ جهد الاستطاعة. ويضيف أنه لزمه ستة أشهر لتأليف هذا الكتاب منها ثلاثة لدرس الموضوع. وهذه الملحمة منظومة في أكثر من ثلاثة آلاف بيت من البحر الخفيف موزعة على سبعة وأربعين فصلاً أو قصيدة، يبدأها الشاعر بقصيدة عنوانها "صلاة" يشير فيها إلى معاناته من المرض ومنتهياً بمديح الإمام علي عليه السلام فيقول:
 

عزمةً منك تبعث الشعر حيا

يا مليك الحياة أنزل عليّا

أولني من جمال وجهك شيّا

واهبَ النور والندى للروابي‏

واستراح الشقاء في مقلتيا

طال في منقع العذاب مقامي‏

صار مني فلم يعد خشبيا

إن حظي من الحياة سرير

ويح حظي، أضحت حراماً عليا

كل هذه الدنيا الطليقة أضحت‏

قد تمرست بالضلالة غيا

يا إلهي سدد خُطايَ فإني‏

باسم من أشبعَ السباسب ريا

هات يا شعر من عيونك واهتف‏

نوّر الشرق كوكباً هاشميا

باسم زين العصور بعد نبيٍ‏

وانطوى زاهداً ومات أبيا

خيرِ مَن جلَّل الميادين غاراً

وأخاه وصهره والوصيا

كان رب الكلام من بعد طه‏

واخشعي إنني أردت عليا

يا سماء اشهدي ويا أرض قرّي‏



وفي القصيدة التالية يأخذ الشاعر في الحديث عن وضع الناس في الجاهلية وعبادتهم للأصنام وشربهم للخمر وممارستهم لأنواع المنكر. وفي القصائد التالية يتحدث عن قريش وهاشم وعبد المطلب وصلاة الاستسقاء التي أقامها الأخير حين أجدب الناس، ثم يذكر ميلاد الرسول صلى الله عليه وآله وحماية عمه أبي طالب له وبعثته الشريفة. وبعد أن يفرغ الشاعر من ذلك يصف مولد الإمام علي عليه السلام داخل الكعبة ، وبزوغ فجر الإسلام على يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وهجرته إلى المدينة ثم لحاق الإمام به بعد مبيته في فراشه صلى الله عليه وآله. ثم تتوالى قصائد أو فصول الملحمة مع ذكر أهم المحطات في تاريخ الإسلام من ذكر الغزوات المتعددة مروراً بيوم الغدير الذي نصب فيه الرسول صلى الله عليه وآله الإمام علياً عليه السلام خليفة له على المسلمين. ثم يذكر الشاعر ما جرى من بني أمية ضد أهل البيت عليهم السلام وواقعة كربلاء المفجعة، ليختم ملحمته بقصيدة يقول فيها:
 

أنني منك مالئ أصغريّا

يا أمير الإسلام حسبيَ فخراً

عُدَّ من فرط حبه علويا

جلجل الحق في المسيحي حتى‏

فلقد كان خلقه نبويا

فإذا لم يكن علي نبياً

فأنلني حنانك الأبويا

أنتَ ربٌّ للعالمين إلهي‏

كفي فهاج الدموعَ في مقلتيا

وأنلني ثواب ما سطّرت‏

ما رأى الكون مثله آدميا

سفر خير الأنام من بعد طه‏

واخشعي انني ذكرت عليا

يا سماء اشهدي ويا أرض قرّي‏

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع