أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

عامرة بالمشاهد المباركة..الكوفة روضة من رياض الجنة

د. حيدر خير الدين‏

 



* فضلها ومكانتها
الكوفة مدينة تعاظمت بتاريخها، وتفاخرت بآثارها فكانت عبر الزمن قبة الإسلام(1) وحجته ودار هجرة المسلمين وحرم اللَّه وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين(2)، وهي كنز الإيمان وسيف اللَّه ورمحه يضعه حيث شاء، وأنها عن الصادق عليه السلام روضة من رياض الجنّة فيها قبر نوح وقبور ثلاثماية وسبعين نبياً وستماية وصي وثلاثماية رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله. ونظراً لأهميتها ومكانتها المقدّسة فقد رويت في فضلها أحاديث كثيرة لا سيما في مسجدها الذي قيل فيه: لو يعلم الناس ما في فضل مسجد الكوفة لأعدوا له الزاد والرواحل من مكان بعيد، وإن الصلاة فيه تعدل حجة والصلاة النافلة عمرة، وأنها نعمت المدرة أي البلدة ويحشر من ظهرها يوم القيامة سبعون ألفاً وجوههم على صورة القمر ويقول عنها أمير المؤمنين هذه مدينتنا ومحلتنا ومقر شيعتنا(3)، لذا كانت ولم تزل معقلاً لأنصار أهل البيت عليهم السلام ومغرساً للشيعة(4).

* أسماؤها
كان من أسمائها القديمة سورستان، وخد العذراء وذلك لوجود الخزامى والأقحوان والشقائق فيها(5)، وكوفان وذلك لاستدارة بنائها ويقال تكوف القوم إذا اجتمعوا واستداروا(6)، وقيل أن اسمها يعني الرملة الحمراء(7) أو الأرض التي فيها الحصباء مع الطين والرمل(8)، وربما لجبل كان في وسطها يقال له كوفان(8). وأمير المؤمنين أصدق من سمّاها: "سنام العرب"(9) وذلك لوقوع المدينة على جانب الفرات الغربي كأنها جبل متكوف من الرمال المرتفعة بخلاف الأراضي المحيطة(10). ولمّا أصبحت مركزاً للفاتحين أضحت تعرف بـ"كوفة الجند"(11).

* تاريخ بنائها
كانت الكوفة بالواقع صحراء تتناثر فيها الآكام على ضفاف نهر الفرات، اختط المسلمون موقعها الحالي في عام 17ه 638م وقيل في سنة 14ه و15ه(12) وكان السبب الرئيسي في بنائها أن جيوش المسلمين عقب معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص قد أخذت تبحث عن بقعة تنطلق منها لفتح سائر الأمصار، وكان رائدا الجيش حينذاك سلمان الفارسي وحذيفة بن اليمان اللذان سارا على ضفاف نهر الفرات حتى التقيا في المكان ذاته(13)، وذلك لعذوبة مائها وصحة هوائها، فكان مسجدها أول شي‏ء خطه المسلمون(14) وذلك أن رجلاً قوي الذراع أطلق أربعة سهام بالاتجاهات الأربعة وكانت حدود المسجد مواقع تلك السهام(15). بعد ذلك تولى أبو الهياج الأسدي عمرو بن مالك بن جنادة الاختطاط لسائر الناس والقبائل(16) الذين أخذوا يتوافدون عليها حتى غدت مصراً كبيراً، وكانت المدينة ترفد جيوش المسلمين المتقدمة بالعدة والعدد، وقد احترقت بعد سنة من تمصيرها فتم إعادة بناء دورها باللبن والطين على طراز الحيري الذي كان سائداً في العراق قبل الفتح الإسلامي(17) ثم علت مكانة الكوفة عندما اتخذها أمير المؤمنين عليه السلام عاصمة الخلافة وذلك سنة 36ه 657م، ومع استشهاده عليه السلام في مسجدها المبارك تولى حكمها الإمام الحسن عليه السلام لستة أشهر قبل أن يؤول الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان الذي أوكل إلى عماله إدارتها فتولاها المغيرة بن شعبة سنة 41هـ - 661م وزياد بن أبيه، وحيث ظلت محافظة على أهميتها كمركز إداري لجزء كبير من العراق يقيم فيها الولاة في دار الإمارة.

* مشاهدها المباركة
في عام 61ه شهدت الكوفة بعض مظاهر ثورة الإمام الحسين عليه السلام، وكانت كربلاء من حواضرها المترامية، مع ما رافق ذلك من أحداث خالدة جعلها تزخر بالمشاهد المباركة فهناك مزارات مسلم بن عقيل وهاني بن عروة والمختار بن أبي عبيد الثقفي ومرقد كميل بن زياد، وميثم التمار، ومنزل أمير المؤمنين عليه السلام الذي غسل فيه، ومسجد السهلة أو سهيل الذي يبعد عن مسجد الكوفة الأعظم مسافة 2 كلم وفيه قال الباقر عليه السلام مسجد سهيل الذي لم يبعث اللَّه نبياً إلا وقد صلى فيه، وفيه يظهر عدل اللَّه وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والصالحين(18) كذلك توجد بعض المساجد المباركة كمسجد صعصعة بن صوحان ومسجد الحنانة، بيد أن أكثرها قداسة مسجد الكوفة الأعظم الذي وردت حوله أحاديث كثيرة وبه سفينة نوح عليه السلام ويذكر المؤرخون أن تنامي الكوفة جاء عقب واقعة كربلاء إذ أخذ الموالون والمحبون لأهل البيت يتقاطرون إليها لأنها حافلة بالعتبات المقدسة والآثار المشرفة للأئمة عليهم السلام حتى ازدهرت كثيراً وبلغت مساحتها ستة عشر ميلاً وثلثي الميل(19) وفي سنة 132ه 750م أُعلنت الخلافة العباسية من الكوفة ولا غرو في ذلك فإنها كانت حين ذلك عاصمة إسلامية تحكم جزيرة العرب وبلاد فارس ومصر وغيرها من البلدان والأمصار وإلى مسجدها تشد الرحال وإلى مشاهدها المباركة تهوي القلوب لأنها زكت بأريج الطيبين الحسينيين.


 (1) حديث مروي عن سلمان الفارسي قوله: الكوفة قبة الإسلام يأتي على الناس زمان لا يبقى مؤمن إلا يهويها أو يهوي قلبه إليها.
(2) جولة في الأماكن المقدسة للزنجاني، ص‏207، والحديث مروي عن أمير المؤمنين وأن الصلاة فيها بألف صلاة والدرهم فيها بألف درهم.
(3) المرجع نفسه، ص‏207.
(4) موسوعة العتبات المقدسة، 46 8.
(5) موسوعة النجف الأشرف، 1 ص‏68.
(6) مجمع البحرين، 116 5.
(7) المرجع نفسه، 116 5.
(8) الكلبي، الأصنام، ص‏63.
(9) موسوعة النجف الأشرف، 144 1.
(10) موسوعة النجف الأشرف، 144 1، المرجع نفسه.
(11) المرجع نفسه.
(12) موسوعة العتبات المقدسة، ص‏49.
(13) مزارات أهل البيت وتاريخها، ص‏61.
(14) الكامل في التاريخ، 528 527 2.
(15) موسوعة النجف الأشرف، 82 1.
(16) فتوح البلدان، ص‏284.
(17) المرجع السابق، 88 1.
(18) مزارات أهل البيت وتاريخها، ص‏62.
(19) ياقوت الحموي، معجم البلدان، 334 4.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع