الهيئة الصحية الإسلامية/ مديرية الصحة الاجتماعية/ دائرة الإرشاد والتثقيف
في ظل عصرنا المشحون بالتوترات والأزمات الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، والأمنية، نرى العديد منا أضحى يعاني من تقلبات مزاجية حادة، قد يطغى عليها الطابع الحزين المتشائم، وقد يصل إلى حد الكآبة. لذلك فمن المهم لنا جميعاً أن نتعرف على سر هذه الحالة، وكيف نستطيع التغلب عليها.
*ما هي الكآبة؟
الكآبة هي مصطلح طبي يشمل نطاقاً واسعاً من الاضطرابات النفسية. في أخف حالاتها فإن الكآبة تسبب مزاجاً هابطاً لا يمنعك من السير في حياتك الطبيعية، لكنه يصعّب عليك القيام بالأمور ويجعلها تبدو أقل قيمة. في أعنف حالاتها فإن الكآبة قد تهدد الحياة، وقد تدفعك إلى التفكير في قتل نفسك أو التوقف عن الرغبة في الحياة.
*أعراض الكآبة:
الاكتئاب أو الكآبة يؤثر في أناس مختلفين بطرق مختلفة، وقد يتسبب في طيف واسع من الأعراض التي قد تكون عاطفية أو جسدية.
الذين يعانون من الاكتئاب قد:
*يشعرون بهبوط الروح المعنوية معظم الوقت.
*يشعرون بعدم الرضا عن أنفسهم، وقد يفتقدون الثقة بالنفس.
*يكونون منشغلين بأفكار سلبية.
*يشعرون بالعجز والخواء واليأس.
*يلومون أنفسهم، ويشعرون بالذنب تجاه الأمور بدون ضرورة.
*يجدون من الصعب أن يركزوا أو يتخذوا قرارات.
*يكونون سريعي الانفعال بشكل غير اعتيادي أو يفقدون الصبر.
*يستيقظون باكراً أو يعانون من صعوبات في النوم.
*يأكلون أكثر من المعتاد فتزداد أوزانهم، أو لا يأكلون جيداً فتنقص أوزانهم.
*لا يتمتعون بالنشاط عادة.
*يعانون من نقص في الرغبة الجنسية.
*يستهلكون التبغ أو الكحول أو المخدرات الأخرى أكثر من المعتاد.
*يفكرون في إنهاء حياتهم والانتحار.
*يعانون من الضعف في النشاط والطاقة.
*ينطوون على أنفسهم ويرفضون مساعدة الآخرين لهم.
*تكون لديهم نظرة يائسة ومتشائمة للمستقبل.
*ما الذي يسبب الكآبة؟
للكآبة أسباب عديدة لا يمكننا حصرها في سبب واحد، ويختلف الوضع من شخص إلى آخر.فقد تكون أسبابها إجتماعية، وراثية، إقتصادية، معايشة الأزمات الصعبة (حروب، وفاة عزيز...) وغيرها من الأسباب. كما لا بد من ذكر أن للكآبة ارتباطاً بأحداث طفولية عايشها الفرد وتركت آثاراً سلبية في ذاكرته اللاواعية، والتي تظهر فيما بعد على شكل ضغط نفسي وطيف من الحزن لا يعرف الفرد ما مصدره. ومن الممكن أيضاً ارتباط الكآبة بتغير نظرة الفرد إلى نفسه، لفقدانه اللياقة البدنية أو إصابته بالأمراض، إضافة إلى انعدام التنوع الغذائي.
*أنواع الكآبة:
الكآبة القصيرة: تستمر لفترة أقل من أسبوعين، ويظهر على الشخص أقل من 5 من الأعراض الكافية لتشخيص نوبة الاكتئاب الكبرى. ولا يصاحب فترة الحزن هذه تأثير على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد. وهذا النوع عادة يكون سببه عوامل توتر خارجية، ومن أهمها فقدان مستوى اجتماعي أو اقتصادي معين، والشعور بالذنب نتيجة للإحساس بخرق ضوابط اجتماعية أو دينية، أو الانفصال من علاقة عاطفية، أو القيام بوظيفة معينة تكون إما تحت أو فوق قدرات الشخص. ولكن أي من هذه العوامل الخارجية إن أدت إلى نوبة من الكآبة لمدة أكثر من أسبوعين، واجتماع 5 من أعراض الاكتئاب، ولم يتمكن الشخص من مزاولة نشاطاته الاجتماعية والمهنية، فإن ذلك يرتقي بالحالة إلى مصاف نوبة الاكتئاب الكبرى. الحزن على موت شخص عزيز: حيث يشعر البعض باضطراب في النوم وفقدان الشهية وفقدان الوزن، والشعور بالذنب لأن الشخص لم يقم بما فيه الكفاية لمنع الموت، أو الرغبة بأن يكون هو الآخر ميتاً، أو الشعور أن لا قيمة له بعد رحيل الشخص المتوفى، وخمول شديد يمنع الفرد من مزاولة نشاطاته اليومية، وتهيؤات في بعض الأحيان أنه شاهد أو سمع صوت المتوفى. وإن استمرت هذه الأعراض المذكورة لمدة تزيد على شهرين، وكانت لها تأثيرات على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد، فإنها قد ترتقي إلى مصاف نوبة الاكتئاب الكبرى.
كآبة الأمهات: بعد عملية الولادة يشعر معظم الأمهات بفترة حزن خفيفة خلال الأيام العشرة الأولى، وخاصة في الحمل الأول. إذ يضيف الشعور بأنه حدث تغير كبير على مسار حياتها، إلى عامل تقلب في مستوى الهرمونات بحصول نوبة من الحزن تعتبر طبيعية، ولكن في 1 من 500 إلى 1000 من الأمهات يكون الحزن أكثر حدة، حيث يؤدي إلى عدم مقدرة الأم على العناية بطفلها، وتحصل تقلبات حادة في مزاجها، وتكون حريصة أكثر من اللازم على حماية الطفل.
الكآبة الموسمية: عادة ما تبدأ في موسم الخريف أو الشتاء وتنتهي بحلول الربيع. وفي حالات نادرة، تبدأ في الصيف وتنتهي في الشتاء. تكون أعراض الكآبة الموسمية عادة الشعور بالخمول وكثرة الأكل وخاصة الحلويات. وينتشر هذا النوع من الكآبة عادة في المناطق الباردة ذات الشتاء الطويل.
*المزاج الحزين المزمن: وهو عبارة عن نوع من الكآبة، يكون فيه الشخص متطبعاً بصفة الحزن الخفيف لفترة طويلة، والتي لا ترقى حدتها إلى حالة نوبة الاكتئاب الكبرى. ويتطلب تشخيص هذه الحالة على الأقل سنتين من المزاج المتعكر أو الحزين في معظم أيام السنة. ومن صفات هؤلاء الأشخاص: ضعف الثقة بالنفس، وعدم الإحساس بالمتعة، وضعف التركيز، ونقد الذات بكثرة مع عدم الإيمان بقدراتهم الذاتية، إضافة إلى نوم مضطرب مع شهية إما عالية أو معدومة، وشعور بعدم الأمل بأي إمكانية لمستقبل مشرق.
*سبل العلاج: في كل حالات الاكتئاب الخفيفة منها والشديدة، يحتاج المريض لمراجعة الطبيب النفسي وتلقي العلاج اللازم. وطبيعة العلاج تعتمد على حدة المرض: فعندما يكون شديداً، قد يحتاج المريض إلى دخول مستشفى الأمراض النفسية لمراقبة تطورات الحالة عن قرب. وعموماً علاج الاكتئاب عبارة عن علاج دوائي وعلاج نفسي. أما العلاج الدوائي، فيتمثل في الأدوية المضادة للاكتئاب وهي لا تسبب إدمان المريض عليها، وأعراضها الجانبية قليلة جداً. تُعطى بوصفة عادية وهي تباع في الصيدليات. والمشكلة الرئيسية في استعمال أي دواء لعلاج الكآبة، أنها تتطلب وقتاً من 4 إلى 6 أسابيع لتبدأ بإعطاء مفعولها. وفي أحيان كثيرة، لا يظهر أي تحسن من جراء استعمال دواء معين، فيضطر الطبيب إلى تجربة نوع آخر من الدواء.
العلاج النفسي: في كل الأحوال الدواء وحده لن يكون له مفعول إذا لم تتم محاولة حل المشاكل والتوترات الخارجية، أو بعض الصفات في شخصية الإنسان. فعلاج الكآبة هو مجهود جماعي يشارك فيه الطبيب والباحث الاجتماعي والمريض نفسه الذي من المفروض أن يكون دوره قيادياً.