الشيخ محسن قراءتي
كيف يمكن أن نعتبر النظام (في الجمهورية الإسلامية) إسلامياً مع مشاهدة هذه الاختلافات والفروقات؟
أولاً: ليس المقصود من النظام الإسلامي أن يكون جميع أفراده عادلين بل المقصود منه أن يكون القانون إسلامياً والمدراء إسلاميين. تكون الرحلة موفقة وناجحة عند وجود سيارة صالحة، وسائق ماهر ليتمكن من إيصال المسافرين إلى المقصد. وقد يكون بعض المسافرين يعانون من مشكلة معينة، فلا يمكن أن ندرس حال ووضع كل مسافر عند صعوده الباص أو القطار أو الطائرة، لأن ما يهمنا وما يوصلنا إلى المقصد هو سلامة الوسيلة ومهارة السائق. وهنا نقرأ في سورة البقرة الآية 102 أن جماعة كانت تعيش في عصر حضرة سليمان عليه السلام اتبعوا الشيطان عوضاً عن اتباعهم النبي: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾.
ثانياً: العدالة لا تعني التساوي، الطبيب العادل لا يمكن له أن يعطي دواءاً واحداً لجميع المرضى، والمعلم العادل لا يعطي جميع تلامذته علامة واحدة لأن هذا التساوي هو عين الظلم. لا بل إن التفاوت والاختلاف هو الحاكم والمسيطر. فالاختلاف نوعان: قد يكون الاختلاف حكيماً وعلى حق، وقد يكون تمييزاً وباطلاً. يجب مواجهة ومقابلة الاختلافات والفروقات القائمة على أساس الظلم. فالثروة المجتمعة من الاحتكار والاحتيال والربا والاختلاس والسرقة وأمثالها يجب انتزاعها من المعتدين. قد ينشأ الاختلاف من آثار العمل كالفن والتخصص والإدارة والابتكار وأمثالها، فلو غفلنا عن هذا التمايز لأدى بنا الأمر إلى ركود المجتمع وتقهقره.