أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أدب ولغة: طلب العلم في الشعر العربي‏

فيصل الأشمر

 



بعد أن جاء الإسلام منقذاً للبشرية من ظلمات الجهل والضلال، كانت دعوة القرآن الكريم إلى طلب العلم من خلال آيات كثيرة وردت فيه، أشهرها أولُ آية نزلت على قلب الرسول صلى الله عليه وآله، وهي "إقرأ باسم ربك الذي خلق"، مروراً بغيرها من الآيات التي تحض على طلب العلم والتفكر. ثم جاءت الأحاديث الشريفة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله التي تدعو إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد، وإلى السير خلفه ولو كان في الصين، وذلك للدلالة على ما للعلم من قيمة عظيمة في الإسلام. ولما كان الشعر قد تطرق إلى جميع نواحي ومواضيع الحياة، فقد رأينا الشعراء يضمّنون قصائدهم أبياتاً تدعو إلى طلب العلم وهجر حياة الجهل وظلامه. يقول باب مدينة العلم أمير المؤمنين عليه السلام في أبيات تنسَب إليه:
 

العِلمُ زَينٌ فَكُن لِلعِلمِ مُكتَسِبا

 وَكُن لَهُ طالِباً ما عِشتَ مُقتَبِسا

أركن إِلَيهِ وَثِق بِاللَهِ وَاغنَ بِهِ

 وَكُن حَليماً رَزينَ العَقلِ مُحتَرِسا

لا تَأثَمَنَّ فَإِمّا كُنتَ مُنهَمِكاً

في العِلمِ يَوماً وَإِمّا كُنتَ مُنغَمِسا

وَكُن فَتىً ماسِكاً مَحَضَ التُّقى وَرِعاً

 لَلدّينِ مُغتَنِماً لِلعِلمِ مُفتَرِسا

فَمَن تَخلَّقَ بِالآدابِ ظَلَّ بِها

 رَئيسَ قَومٍ إِذا ما فارَقَ الرُؤَسا

وَاعلَم، هُديتَ، العِلمَ خَيرُ صَفا

 أَضحى لِطالِبِهِ مِن فَضلِهِ سَلِسا


ويدعو عبد الغني النابلسي إلى طلب العلم فيقول:

اطلب العلم بجدٍّ واجتهدْ

فيه واصحبْ من قَراه(1) ودرى

وتواضعْ لذوي الفضل ولا

 تصحبِ الجاهلَ واتركه ورا(2)


ويشاركه في هذه الدعوة ابن الوردي، مميزاً علم الفقه على غيره من العلوم، فيقول:

اطلبِ العلمَ ولا تكسلْ فما

أبعدَ الخيرَ على أهلِ الكسلْ

واحتفلْ للفقهِ في الدينِ ولا

تشتغلْ عنهُ بمالٍ أوْ خَوَلْ(3)

واهجرِ النومَ وحصِّلْهُ فَمَنْ

 يعرفِ المطلوبَ يحقرْ ما بذلْ


ويرى الأمير الصنعاني أن العلم وسيلة لنيل العلا فيقول:
 

أُشيرُ وإن كنت لا تقبلا

 مقالي وشوري بأن تُقْبِلاَ

على طلب العلم في رغبة

 بلا ملل لتسود الملا(4)

بحفظ المتون وجمع الفنون

 وإِلْقاءِ دَلْوِك بين الدلا(5)

فما بالتمني تنال المنى

 ولا بالترجي تنال العلا

ومن يزدرع(6) في سباخ(7) المنى

 ب"عَلَّ" سيحصد "كلا" و"لا"


أما عبد الله الفاسي فيدعونا إلى أن نتعلم ثم نعلّم ما تعلمناه فيقول:

فاجنِ المعارفَ عن شوقٍ وعن طلبٍ

وزيِّنِ العلمَ بالأعمالِ واهتَبِلِ(8)

واجعل دواماً بنُصبِ العينِ مذّكراً

 ما المجدُ إلا بحسنِ الصُّنع والعَمل


ولما كان كل شي‏ء عرضة للزوال والتلف كان العلم هو المقتنى الوحيد الحقيقي الذي تُشدّ إليه الرحال، وفي هذا يقول معروف الرصافي:
 

نحن قوم نرى المفاخر إلاّ

 من طريق العلوم ثوباً مُعارا

ما قصَدْنا بسَلِّنا السيف إلاّ

 رَدَّ ليل الجهل المُمِيت نهارا

هل شددنا الرحال في الأرض للأس

 فار إلا لنكتُب الأسفارا(9)

كم طَوَينا من قبلُ في طلب العل

 م فجاجاً(10) وكم شَقَقْنا بحارا

واقتحمنا لأجله كل هَوْلٍ

 وركِبنا لأجله الأخطارا

إنما تصغُر الخُطوب(11) لدى القو

 م إذا كانت النفوس كبارا


ولما كان طلب العلم يحتاج إلى وقت وجهد كبيرَين، فإن عبد الله بن المبارك يدعو طالب العلم إلى هجر النوم قائلاً:

يا طالِبَ العلمِ بادر الورَعا

 وهاجر النوم واهجُرِ الشبَعا

لا يحصد المرءُ عند فاقته

إلا الذي في حياته زرعا


ويرى الغشري أن طلب العلم يجب أن يكون لوجه الله تعالى، وليس لأية غاية أخرى، فيقول:

يا طالبَ العلمِ إنَّ العلمَ عُملته

 أمرٌ بُعرْفٍ(12) إذا بحرُ الضلالِ طَفا

والعلمُ ما لم يكنْ للهِ طالبُه

 فذاكَ داءٌ دفينٌ ليس منه شِفَا


والعلم شرف للإنسان لا يعادله شرف، وفي ذلك يقول أبو الأسود الدؤلي:
 

العلم زين وتشريف لصاحبه

 فاطلب هُديت فنونَ العلم والأدبا

لا خَيرَ فيمَن لَهُ أَصلٌ بِلا أَدَبٍ

 حَتّى يَكونَ عَلى ما زانَهُ حَدِبا(13)

يا طالب العلم نعمَ الشي‏ء تطلبه

 لا تعدلنّ به ورَقا(14) ولا ذهبا

العلم ذخرٌ وكنز لا نفادَ له

 نعم القرين إذا ما صاحبٌ صُحبا

 



(1) قراه: قرأه.
(2) ورا: وراء.
(3) الخول: العبيد والحاشية.
(4) الملا: الملأ أي القوم.
(5) الدلا: الدلاء، جمع دلو.
(6) ازدرع: زرع.
(7) السباخ: الأراضي غير الصالحة للزراعة.
(8) اهتبل: اغتنم واكتسب.
(9) الأسفار: الكتب.
(10) الفجاج: الطرق الواسعة الواضحة المعالم تكون بين الوديان.
(11) الخطوب: الأمور.
(12) العُرف: الجود والمعروف.
(13) الحدِب: المتعطف.
(14) الورق: الفضة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع